تقرير إسرائيلي جديد عن إخفاقات غزة: أكبر من المتوقع.. وخطر الأنفاق كان مجهولاً حلمي موسى
لا تزال الحربُ الإسرائيلية الأخيرة على غزة تثير تفاعلات في الحلبتين السياسية والعسكرية الإسرائيلية جرّاء ما تبدّى خلالها من إخفاقات. وهناك مطالباتٌ متزايدة بتشكيل لجنة تحقيق رسمية، خصوصاً من عائلات الجنود المفقودين. وعدا ذلك، أظهر تقريرٌ نشرته إذاعة الجيش الإسرائيلي أن حجم الإخفاقات في الحرب كان أكبر مما هو شائع، وأن خطرَ الأنفاق كان أقرب إلى “المجهول” لدى قادة الجيش.
وأوضح تحقيقٌ قام به الجيش الإسرائيلي حول مُجريات الحرب أن “شدّة الخطر لم تكن مدرَكة”، وأن سلسلةَ العيوب والأخطاء كانت ملموسة في أداء الجيش. وقد عرضَ التحقيق لعددٍ من العيوب في جاهزية الجيش على مختلف مستوياته، وخصوصاً كل ما يتعلق بخطر الأنفاق. وقامت بهذا التحقيق لجنةٌ من ضباط الجيش تحوي أكثر من 30 ضابطاً وخبيراً، يرأسهم الجنرال يوسف بكار. ويعتبر هذ التحقيق الأشمل الذي شارك فيه تقريباً كلُّ ضابطٍ كان له دورٌ في الحرب عبر الإجابة عن أسئلة وُضعت في استمارة.
وجاء في خلاصة التحقيق أنه “عشية الحرب، كانت الأنفاق الهجومية بالنسبة لمعظم قادة القوات المشاركة نوعاً من المجهول.. كان هناك إدراك للخطر، ولكن شدته وأبعاده لم تكن مدركة”. ويوضح التحقيق أن “الألوية لم تجتز أيَّ إعدادٍ بشأن معالجة أمر الأنفاق أثناء تحركها الهجومي، وبالتأكيد ليس بالحجم الذي ظهر لها أثناء الحرب”.
وقررت اللجنة أيضاً في تحقيقها الذي حُظِر نشرُ مقاطع واسعة منه، أن “منظومات القيادة والسيطرة لدى العدو ومنظومته الصاروخية عملت باستمرار حتى اليوم الأخير. وعدد المصابين أساساً في صفوف حماس كان متدنياً نسبياً مقارنةً بحجم النيران المستخدمة”. ومغزى هذا الكلام أن اللجنة وجدت صلة بين حجم عيوب وإخفاقات الجيش الإسرائيلي، ونتائج الحرب التي استمرت أكثر من 50 يوماً.
وأوضح التحقيق أن تخطيط الأوامر العملياتية عانى من العيوب، وهو ما أثرّ على الطريقة التي بنى فيها الجيش الإسرائيلي وحداته القتالية في قطاع غزة. وبسبب قلة التنسيق، تضررت أهلية القوات البرية وجاهزيتها وقدرتها على العمل لمواجهة الخطر. وهناك استنتاجٌ آخر يظهر في التحقيق، وهو أن استعدادات الجيش الإسرائيلي لمواجهة خطرٍ بأحجام كبيرة، عانت من عيوب وأدت إلى ارتباكات أثناء الحرب.
وخلال الحرب، تبين أن التعليمات بشأن تعامل الجنود مع الأنفاق وزعت متأخرة لتُبينّ كيفية التعامل مع الأنفاق وتدميرها. وحتى ذلك الحين، كان تعامل الجنود مع الأنفاق ارتجالياً. وأكد ضباط شاركوا في الحرب أنهم لم يُدركوا المغزى الحقيقي للأنفاق إلا بعدما واجهوها مباشرة للمرة الأولى.
وفي شهر تموز الماضي، زعَمَ ديوانُ رئاسة الحكومة الإسرائيلية في ردّه على مطالباتٍ بالتحقيق أن “الزعم بأن إسرائيل لم تستعد مُسبقاً لخطر الأنفاق هو زعمٌ بلا أساس”. وعلى خلفية اتهامات أطلقها عضو المجلس الوزاري الأمني الوزير نفتالي بينت، أن خطر الأنفاق لم يعرض بكامله على المجلس الوزاري، وهو ما اعتبره الديوان كذباً. وزعم الديوان أن “خطر الأنفاق عرض بكل شدته في تسع جلسات مختلفة للمجلس الوزاري، والمحاضر تثبت ذلك من دون شك”.
وقبل عامين، نشرت “هآرتس” بعد شهور من الحرب تحقيقاً أظهرت فيه الفجوات والعيوب في التدريبات والعتاد لمواجهة الأنفاق. وهكذا مثلاً، وخلال المعارك طلب الجيش استدعاءً طارئاً للحفارات والجرافات من القطاع الخاص. وفضلاً عن ذلك، لم تكن لدى سلاح الهندسة متفجرات سائلة من النوع الذي يصلحُ لتدمير الأنفاق، وبدلاً من ذلك استخدم الجنود نصف مليون لغم ومواد متفجرة أخرى لم تحدث سوى ضرر جزئي فقط للأنفاق. وقد أشار تحقيق الجيش إلى هذه النقطة أيضاً.
وأعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي رداً على نشر التحقيق أن “الدروس التي استخلصتها اللجنة تمت ترجمتها في خطط عمل الجيش عموماً، وقيادة الجبهة الجنوبية والذراع البرية خصوصاً. وحتى الآن تم تجسيد معظم الدروس، وموضوع المواجهة مع الأنفاق صارت على رأس سلّم الأولويات وتُستثمر فيه أموالٌ وجهودٌ طائلة سواء في بناء القوة، أو في الخطط العملياتية أو في العمليات الميدانية لتوفير أفضل رد على الخطر”.
واعتبر عضو لجنة الأمن في الكنيست، عوفر شيلح، من “هناك مستقبل”، أن نتائج التحقيق ليست مفاجئة. ورغم أن حزبه كان عضواً في الحكومة، إلا أنه قال إنه “منذ أكثر من عام ونصف وأنا أقول، شفاهةً وكتابةً، ما كان واضحاً في نهاية العملية: إسرائيل وجيشُها وصلا إلى حربٍ معروفة سلفا، لم يكن فيها أي مفاجأة، ومن دون أي استعداد مطلقاً”.
(السفير)