إلغاء الخصخصة .. المعاينة اولا ؟
غالب قنديل
منذ سبعينيات القرن الماضي اجتاحت الوصفات الأميركية المدمرة للدول الفقيرة الواقع السياسي اللبناني وتجند لترويجها طابور من الكتاب والسياسيين الذين تحدثوا بحماس عن الخصخصة في بلد لا تملك الدولة من مرافقه الإنتاجية شيئا وتتلمظ بنوكه لابتلاع كل ملكياته العامة والخاصة بعدما حبست الخزينة في حلقة الدين العام وادمن الخبراء متابعة فصول لحس المبرد وتمتعت النخبة الحاكمة بطعم دماء اللبنانيين التي التهمتها في مدخراتهم المكرسة لدفع فوائد سندات الخزينة بالليرة المسكينة ام بالدولار المهيمن أو باليورو المستحدث.
تصدت أحزاب صغيرة معارضة لطرح إلغاء الخصخصة واعتراضها لصالح تعزيز القطاع العام وتحديثه وحيث اصطدمت الطغمة الحاكمة بجدران الاعتراض أبقت على الملكية العامة للدولة وقامت باحتيال مكشوف فخصخصت تشغيل المرافق العامة وهذا ما طبق حتى اليوم في الكهرباء والهاتف ولكن وحش المرابين لا يكف عن السعي إلى غنائم جديدة مستفيدا من شبق التقاسم داخل النادي السياسي للسلطة القائمة بتكوينها الطائفي والريعي .
يبدو تحرك نقابات النقل وكأنه عكس السير يعزف على هواه من خارج إيقاع الاستسلام النقابي والحزبي للقدر الرأسمالي المتوحش والتابع الذي تسيره صناديق دولية وتشرف عليه وكالة التنمية الأميركية فهل حقا دقت ساعة انتفاضة لبنانية تسقط الخصخصة وتحيي الخدمة العامة كمفهوم دمرته الحريرية في جميع المجالات وعينها في زمن حشرتها المالية والسياسية لا تزال على الضمان الاجتماعي وتمتد إلى قطاع النفط والغاز المستحدث .
يقدم قادة التحرك النقابي للسائقين ( لا العمال ) توصيفا علميا للواقع فتلزيم خدمات من المفترض أنها من واجبات الدولة لصالح الشركات هو عمل احتيالي على حساب مفهوم الخدمة العامة ولا وظيفة له سوى اقتطاع ريع وأرباح غير مشروعة على حساب المالية العامة ولصالح شريحة من السماسرة والوسطاء المنتمين لكتل الحكم وقواه السياسية المكونة .
يرفع التحرك النقابي مطلب استرداد خدمات المعاينة الميكانيكية لصالح الدولة وإدارتها مباشرة دون وسطاء وهي خدمة عامة جرى توضيبها في لعبة تقاسم من يوم تأسيسها وشارك فيها نافذون كانوا يدعون العفة ويقول قادة التحرك إن المناقصة الأخيرة للتلزيم تحمل شبهات محاصصة جديدة.
ترى ما المشكلة لو صدر قرار بهذا المحتوى وأتبع بقرارات تطال جباية الكهرباء والهاتف الخلوي وسواها من المرافق العامة التي جرى تلزيمها وتقاسم خيراتها وعائدتها وأفظعها خدمة إدارة النفايات التي افتعلت مافيا التقاسم أزمة تعطيلها لتعيد شركاء المحاصصة والخصخصة تحت يافطة سوكلين إلى التحكم بالأمر وتقاسم الملايين على حساب الناس ومن جيوبهم .