مقالات مختارة

لقاء لوزان: لا عودة إلى الوراء حميدي العبدالله

 

ما وصلت إليه المواجهة بين محور سورية وإيران وروسيا والمحور الآخر الذي تقوده الولايات المتحدة في سورية، يجعل أيّ بحث عن حلّ سياسي للأزمة في سورية لا ينطلق من الاتفاق الروسي – الأميركي. في 9 أيلول 2016 واتفاقات فيينا وقرار مجلس 2254 أمر هو أقرب إلى المستحيل منه إلى أيّ شيء آخر.

بهذا المعنى، فإنّ ورقة المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا إلى لقاء لوزان، وكذلك النتيجة التي أفضى إليها اللقاء، والتي اقتصرت على تبادل الآراء والمقترحات من دون التوصل إلى تفاهمات جديدة، تشير إلى حقيقة أنّ أيّ محاولة لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء أمر لم يعد ممكناً، فالحسم في حلب سوف ينجز ومحاولة إنقاذ المسلحين وتحقيق ما عجزوا عن تحقيقه قبل محاصرة الإرهابيين في الأحياء الشرقية، وهو ما جاء في ورقة دي ميستورا، ستبوء بالفشل حتماً.

التهويل الأميركي الذي جرى التعبير عنه في توقيت الإعلان عن اجتماع لكبار المسؤولين في الإدارة الأميركية لبحث الخيارات البديلة في سورية، والتلويح بخيار الاعتداء على الجيش السوري، لم تؤدّ إلى النتيجة التي كانت ترجوها الولايات المتحدة، وهي بث الذعر والخوف لدى روسيا ودفعها لتقديم تنازلات لصالح الموقف الأميركي.

كان الردّ الروسي واضحاً وصلباً، لن نقبل بإعادة النظر بالاتفاقات التي أبرمت سابقاً، ولن نتراجع عن سياسة الفصل بين الجماعات الإرهابية، والجماعات المسلحة الأخرى تمهيداً لضرب واستئصال الجماعات الإرهابية ولن نتراجع عن استعادة أحياء حلب الشرقية وإعادتها إلى كنف الدولة السورية بعد خروج الإرهابيين منها.

ويبدو أنّ الرسالة الروسية العسكرية، عبر حشد المزيد من القدرات العسكرية الاستراتيجية في سورية وفي البحر الأبيض المتوسط، والرسالة السياسية عبر تصريحات كبار المسؤولين الروس، قد وصلت إلى من يهمّه الأمر، وتحديداً المسؤولين في الإدارة الأميركية، ولهذا انتهت نتائج المداولات التي دعا إليها أوباما إلى التمسك بخيار الحلّ الدبلوماسي للأزمة والتراجع عن التلويح بالخيار العسكري.

بهذا المعنى، ستشهد الفترة القريبة المقبلة مزيداً من الحسم العسكري، ولا سيما في أحياء وأرياف حلب، وفي جبهات أخرى، لعلّ من شأن تغيير معطيات الميدان أن تجعل التحالف الأميركي أكثر واقعية في مقاربته للحلول في سورية.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى