بقلم غالب قنديل

حول الخيارات الاميركية في سورية

غالب قنديل

من الواضح ان ادارة الرئيس اوباما تراجعت عن قرار قطع الاتصالات بروسيا حول الملف السوري وتفيد المعلومات ان وزير الخارجية الاميركية جون كيري اتصل بنظيره الروسي سيرغي لافروف ثلاث مرات خلال الاسبوع الماضي راجيا عودة الاتصالات التي توقفت بقرار من واشنطن بعد الانقلاب على الاتفاق الذي سبق لهما التوقيع عليه رسميا دون نشره كاملا وقد افضت المداولات الى دعوة مجموعة العمل الدولية الاقليمية التي ستنعقد يومي السبت والاحد في لوزان وما يزال الخبراء يتدارسون اقتراحات لبنود جدول الاعمال فماهي خلفيات الموقف الاميركي وما هي الجدوى الفعلية من البدائل المطروحة في مراكز التخطيط الاميركية .

اولا التوجه المحسوم لدى المؤسسة الاميركية الحاكمة هو اطالة امد استنزاف الدولة الوطنية السورية وحلفائها والاحتفاظ بأكبر حشد ممكن من عصابات داعش والنصرة لهذه الغاية في الجغرافية السورية وهو ما شكل الدافع الفعلي للانقلاب على الاتفاق الروسي الاميركي الذي كان سيتيح للجيش العربي السوري حشد كتلة قتالية كبيرة الى الجبهات الرئيسية ومن هنا كانت غارة دير الزور وكل الضجيج حول احياء حلب الشرقية حيث العويل على معاناة الناس والغاية حماية جنود الجولاني وشركاهم والمحاربين تحت راية القاعدة بدعم اميركي اطلسي تركي اسرائيلي وخليجي ووسط معلومات عن وجود ضباط من هذه الجنسيات داخل الاحياء التي يقاتل الجيش السوري لاستعادتها وهؤلاء الضباط وقادة كبار من جماعات القاعدة هم موضوع مبادرة دي ميستورا .

ثانيا ما نادت به هيلاري كلينتون مؤخرا يقضي بدفع قوات داعش من العراق الى شرقي سورية هو كناية عن خطة يجري تنفيذها فعليا وقد حذر منها السيد حسن نصرالله بوضوح في خطابيه الاخيرين داعيا العراقيين للتنبه من مخاطر واكلاف الخطة الاميركية حول الموصل بالنسبة للعراق وسورية معا.

ثالثا مما ينشر حول نقاشات مجلس الامن القومي الاميركي ومراكز الابحاث الاميركية وما قالته زعيمة حزب الحرب هيلاري كلينتون خلال المناظرة الرئاسية الثانية يتبين ان روسيا نجحت في تظهير العواقب الكارثية لتنفيذ التهديد بضرب الجيش العربي السوري بفعل التصميم الروسي على تاكيد اعتبار الاجواء السورية سماء روسية الامر الذي يجعل ارتكاب تلك الحماقة احتمالا ضعيفا ومكلفا للغاية وحتى الافكار المتداولة بخصوص منطقة حظر جوي تدور في الحلقة ذاتها فالامر سيطرح اكتمال الصدام مع الطيران الحربي السوري وبالتالي الروسي.

رابعا يتكرر في النقاشات موضوع تزويد الجماعات الارهابية بصواريخ مضادة للطائرات وللدبابات وهو ما ترد عليه مصادر روسية بالاستعداد لتزويد الجيش العربي السوري باسلحة تبطل فاعلية ما سيرسله الاميركيون لداعش والنصرة وملحقاتهما كالطائرات الحربية الحديثة التي تمتلك القدرة على اصابة اهدافها من ارتفاع شاهق لاتدركه الصواريخ المضادة المزمع ارسالها للقاعدة بجناحيها.

خامسا يبقى من بين الخيارات المطروحة اتخاذ رزمة عقوبات جديدة للضغط على روسيا وحليفتها سورية وهو ما لن يشكل مجالا لتأثير نوعي يبدل في اتجاه الاحداث وتوازناتها بل ان روسيا وسورية وكل من الصين وايران ستكون معنية بمواجهة اي تدابير اميركية ستصيب انعكاساتها البلدان الاوروبية قبل سواها وفقا للتجربة الممتدة منذ الازمة الاوكرانية الشهيرة فقد تكيفت روسيا وكذلك سورية مع الضغوط والعقوبات وامنت بدائل وشركاء من خارج المجموعة الاطلسية .

سادسا تحتفظ الولايات المتحدة بأدوات الاستنزاف في سورية عبر الفكين التركي والصهيوني في الشمال والجنوب ومن خلال وحدات خاصة اميركية ولكن السباق السوري الى تحرير حلب وفي ظل الغطاء الجوي والصاروخي الروسي سيكون نقطة تحول نوعية حاسمة في مسار الصراع ستحصل بعده انهيارات متسارعة في حلف العدوان والغد لناظره قريب .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى