بوتين يحمل واشنطن المسؤولية عن الوضع في سوريا والمنطقة
اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أن واشنطن تتحمل المسؤولية عن الوضع في سوريا وفي المنطقة بشكل عام، والاتهامات لروسيا ما هي سوى خطابات سياسية لا تأخذ بالحسبان الواقع الحقيقي للأمور، مؤكدا أن موسكو لن تسمح بتكرار السيناريو العراقي والليبي في سوريا. وقال بوتين في مقابلة مع قناة “تي اف 1” الفرنسية، في سياق رده على الخطاب القاسي ضد روسيا بسبب قصف حلب: “أستطيع أن أقول إنه خطاب سياسي، ليس له معنى ولا يأخذ بالحسبان الواقع الحقيقي للأمور”. وأضاف الرئيس الروسي، “واثق أن الوضع القائم حاليا في المنطقة بشكل عام وفي سوريا بشكل خاص، مسؤول عنه قبل كل شيء الشركاء في الغرب، وقبل كل شيء الولايات المتحدة وحلفاؤها. دعونا نتذكر كيف أيد الجميع “الربيع العربي” وأين هذا التفاؤل الآن؟ وكيف انتهى كل هذا؟”.
وتابع قائلا: “لنتذكر كيف كان حال ليبيا أو العراق قبل هذه اللحظة، وكيف تم القضاء على هاتين الدولتين وعلى مؤسسات الدولة. لم تكن هذه أمثلة للديمقراطية بمفهومنا الحالي. على الأرجح، كان يمكن ويجب التأثير على تغيير هيكل المجتمع والدولة والسلطة وطبيعتها. ولكنه من المؤكد أنه لم تكن هناك مؤشرات للإرهاب”. وأشار إلى أنه لم يكن هناك “تهديد لباريس أو الساحل الفرنسي أو بلجيكا أو روسيا أو الولايات المتحدة قادم من هذه الأراضي. الآن هذا مصدر للتهديد الإرهابي. يكمن هدفنا في منع تكرار ذلك في الأراضي السورية”. وأكد بوتين، أن محاولات واشنطن لإخراج “جبهة النصرة” من إطار المنظمات الإرهابية يحزن ويدهش موسكو، مشيرا إلى أن واشنطن تكرر الخطأ ذاته في محاولة استخدام المتطرفين لأهداف سياسية، من دون أن تدرك أنه لا يمكن ردعهم. وقال: “ما يحزننا ويدهشنا، أن الشركاء في واشنطن يحاولون بشكل أو بآخر إخراجها من إطار المنظمات الإرهابية. وأنا سأقول لكم لماذا. أعتقد أن شركاءنا يكررون الخطأ ذاته. يريدون استخدام القدرة القتالية لهذه المنظمات الإرهابية للتوصل إلى أهداف سياسية، في هذه الحالة لمحاربة الرئيس الأسد وحكومته دون الإدراك أنه لن يتسنى إجبارهم على الحياة بقواعد متحضرة فيما بعد”. وأشار الرئيس بوتين، إلى أن اتفاق وقف النار في سوريا، أحبطه الأمريكيون الذين قالوا إن ضربتهم لقوات الجيش السوري خطأ، في حين قال أحد العسكريين إن الضربة تم التحضير لها. وقال: “قال زملاؤنا الأمريكيون لي إن هذه الضربة كانت خطأ، إلا أنها أسفرت عن مقتل 80 شخصا. هذا أولا. ثانيا، على الأرجح صدفة أيضا، بدأ “داعش” هجوما بعد هذه الضربة”. وأكد بوتين، عدم وجود ضرورة لإقناع روسيا بضرورة تنظيم قوافل إنسانية إلى حلب، مشيرا إلى أن روسيا كانت مستعدة لتوفير الأمن على طريق الكاستيلو إلى جانب الأمريكيين، لكن واشنطن رفضت. وقال: “نحن جميعا نعود إلى حلب ونتحدث عن ضرورة القوافل الإنسانية. الجميع يقنعنا بأنه يجب القيام بذلك. لا داعي لإقناعنا، نحن نعتبر أنه من الضرورة تنظيم قوافل إنسانية. لكن كيف يمكن فعل ذلك؟ يوجد هناك طريق واحد يجب أن تمر عبره القوافل، من جهة هناك مسلحون، ومن جهة أخرى الجيش السوري. ونحن على علم بالاستفزازات وبضربها ونحن نعلم تماما أن من قام بذلك هي إحدى المجموعات الإرهابية”.
وأشار الرئيس الروسي، إلى أن روسيا اقترحت إبعاد المسلحين والجيش السوري وإفساح الطريق للقوافل الإنسانية، مضيفا أن “الجميع وافق ومن ثم لم يحدث شيء، طبعا من قبل شركائنا: إما لا يريدون سحب المسلحين أو لا يستطيعون فعل ذلك”. وتابع بوتين قائلا إن روسيا تلقت “اقتراحا غريبا. سأدهشكم. اقترح علينا أن تقف قواتنا المسلحة، عسكريو الجيش الروسي على هذا الطريق لتوفير الأمن. العسكريون الروس شجعان، جاؤوا وقالوا لي: نعم نحن مستعدون. فقلت لهم: لا، سنفعل ذلك فقط سوية مع الأمريكيين، اقترحوا عليهم ذلك. ورفضوا ذلك على الفور، لا يريدون الوقوف، كما لا يريدون سحب فصائل المعارضة والإرهابيين”. وأكد الرئيس الروسي، أن الرئيس السوري بشار الأسد، قبل تبني دستور جديد وإجراء انتخابات بموجبه. وقال: “إذا لم يصوت الشعب للرئيس الأسد، فسيحدث تغيير السلطة بطريقة ديمقراطية، ولكن ليس عن طريق التدخل المسلح من الخارج. تحت رقابة دولية صارمة ورقابة أممية. أفهم أن ذلك قد لا يناسب البعض، وهذه الطريقة الديمقراطية لحل المسألة. لكننا لا نفقد التفاؤل ونأمل في إقناع زملائنا وشركائنا بأن هذا الطريق الوحيد للحل”. ورفض بوتين، الاتهامات الموجهة إلى روسيا بتدفق كميات كبيرة من الناس قادمين من سوريا بسبب العمليات القتالية في سوريا، لأن عملية تدفق اللاجئين بدأت قبل العملية الروسية في سوريا، مؤكدا أنه في الوقت ذاته لا يمكن السماح للإرهابيين بالابتزاز واتخاذ الناس كدروع بشرية، ويجب محاربة الإرهاب وعدم الانسياق له. وقال: “أي اتهامات لروسيا بأنها مذنبة في مشكلة اللاجئين، لا أساس لها مطلقا. هدفنا خلق ظروف لعودة الناس إلى بيوتهم”. وأشار إلى أن مشكلة اللاجئين ظهرت قبل بدء روسيا جهودها لاستقرار الوضع في سوريا، قائلا: “تدفق الناس من منطقة الشرق الأوسط، وحتى من أفريقيا وأفغانستان، بدأ قبل عمليتنا في سوريا بكثير”. وحول استهداف القافلة الإنسانية في حلب، أشار إلى أن “أناس أبرياء يعانون في أي مكان يشهد أعمال قتال”، وضرب مثلا على ذلك مشيرا إلى أعمال الولايات المتحدة في أفغانستان. وقال: “هل نسيتم أن الطيران الأمريكي شن في أفغانستان غارة على مستشفى قتل فيها أفراد “أطباء بلا حدود”؟ وقتل 100 شخص مرة واحدة أثناء أفراح الزفاف. الآن في اليمن، تم قتل 140 — 170 شخصا وجرح 500 بغارة واحدة على صالة عزاء”. وأضاف الرئيس الروسي، “لا يمكن السماح للإرهابيين باتخاذ الناس كدروع بشرية وابتزاز العالم أجمع عن طريق احتجاز رهائن وقتلهم وقطع رؤوسهم. إذا كنتم تريدون إيصال مكافحة الإرهاب حتى النهاية، فيجب مكافحتهم وليس الانسياق وراءهم والخضوع لهم”.