نتنياهو يتبنى افكار بيرتز: الأردن هي فلسطين.. لا أريد دولة عرفاتية
يكشف بروتوكول اجتماع عقد في نهاية شهر آب/ أغسطس العام 1978، بين رئيس الحكومة الإسرائيلية، مناحيم بيغن، ورئيس المعارضة حينذاك، شمعون بيرتز، عن أفكار حملها الأخير ضد قيام دولة فلسطينية، وحذر من “احتلال” المواطنين العرب في إسرائيل لمدينتي عكا والعفولة، ومن عملهم في حقول القرى الزراعية اليهودية، بينما اليهود يلهون في بيوتهم .
وجاء هذا الاجتماع بين بيغن وبيرس، وشارك فيه رئيس لجنة الخارجية والأمن بالكنيست، موشيه أرنس، قبل أربعة أيام من سفر بيغن إلى الولايات المتحدة للمشاركة في قمة كامب ديفيد سوية مع الرئيس الأميركي حينها، جيمي كارتر، والرئيس المصري أنور السادات، والذي جرى خلاله الاتفاق على “معاهدة السلام” المنفردة بين إسرائيل ومصر.
وبحسب هذا البرتوكول، الذي نشرت مقاطع منه صحيفة هآرتس اليوم الثلاثاء فإن بيرتز أدلى بأفكار يتبناها ويروج لها اليوم رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالي، بنيامين نتنياهو، وبينها أن حدود إسرائيل الأمنية يجب أن تكون غور الأردن.
الجدير بالإشارة أن بيرتز، الذي توفي مؤخرا، رفض خلال القسم الأكبر من حياته السياسية تسوية مع الفلسطينيين وقيام دولة فلسطينية، وسعى إلى إقناع الملك حسين، خلال لقاءات في لندن، بفكرة أن تكون الأراضي الفلسطينية تابعة إداريا للأردن وأمنيا لإسرائيل، وحاول خلال العقدين الأخيرين، بعد فشل مشاريعه هذه، أن يظهر بصورة رجل سلام، لكنه لم يفعل شيئا جديا من أجل السلام، ولا حتى في إطار اتفاقيات أوسلو التي كان بين مهندسيها، وثبت فشلها.
واستعرض بيرتز أمام بيغن الأفكار التي يجمعان عليها حول مستقبل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، أي الضفة الغربية وقطاع غزة. وقال بيرس في هذا السياق “إننا لا نوافق على العودة (أي الانسحاب) إلى حدود 196، والقدس يجب أن تكون موحدة والدفاع عن إسرائيل يجب أن يبدأ من (نهر) الأردن، ومن خلال وجود الجيش الإسرائيلي في يهودا والسامرة (أي الضفة الغربية) أيضا”. وهذه أفكار يكررها نتنياهو اليوم بصورة تكاد تكون حرفية.
وكرر بيرتز: “نحن ضد دولة فلسطينية، ونصر على أن المستوطنات قرب رفح ستبقى مكانها”، وأضاف أنه في ما يتعلق بالمفاوضات مع مصر فإنه أعتقد أنه توجد هنا مشاكل مع مصر ومع الأردن. ورأيي على مر السنين هو أنه خلال فترة ليست محدودة زمنيا، لا مناص من التوجه إلى تسوية بديلة في يهودا والسامرة، ولا أرفض ذلك”، ما يعني عدم تقسيم فلسطين التاريخية إلى دولتين، حسبما أشار بيغن.
وتابع بيرتز: “لا أرى خريطة يمكن أن تكون مقبولة على الجانبين، وأعتقد أنه في أحد الأيام سنطبق التقسيم لأننا لن نعرف ماذا سنفعل بالعرب، إذ سيصل عدد العرب إلى 1.8 مليون، وأرى أن وضعنا سيكون صعبا جدا، والأمور لا تتعلق بشرطة وسجن فقط، وإنما هذه مشكلة لن نتمكن من مواجهتها وليس من الناحية الأمنية فقط، فأنا أرى كيف هم (المواطنون العرب) يلتهمون الجليل وقلبي ينزف دما… إنهم يسكنون بيوتا في العفولة وعكا ويحتلون شوارع بأكملها، والموشافيم (القرى الزراعية اليهودية) مليئة بعمال عرب واليهود جالسون في بيوتهم ويلعبون تنيس بينما يعمل العرب في الحقول، وهذا لا يعجبني“.
واستطرد بيرتز “أنا أدعي أن الأردن هي (دولة) فلسطين. وأنا ضد (قيام) دولتين عربيتين وضد قيام دولة فلسطينية أخرى، ضد دولة عرفاتية (نسبة للزعيم الفلسطيني ياسر عرفات). و50% من سكان الأردن اليوم هم فلسطينيون وهذه دولة فلسطينية. وأنا أقول أن الشريك هي الأردن وليس الفلسطينيين“.
وطالب بيرتز بيغن بأن يصر خلال لقاءاته مع الأميركيين والمصريين على ثلاث نقاط: ‘الأردن شريك أفضل، 2. هم (في الأردن) سيمنعون قيام دولة فلسطينية، 3. يجب منح جوازات سفر أردنية للغزيين”. وأردف أن على الملك حسين استيعاب اللاجئين “وهم سيكونون سكان شرق الأردن“.
وبعد أن وافقه بيغن، تابع بيرس أن ‘المسؤولية الأمنية ستكون على إسرائيل. والمسؤولية عن السكان سيتحملها الأردن. لأن بإمكانهم أن يفعلوا بـ”م.ت.ف.” أمورا لا يمكننا القيام بها“.
وفي ما يتعلق باتفاق بين إسرائيل ومصر، قال بيرس إنه “برأيي، بالإمكان التوصل إلى اتفاق منفرد مع مصر، من خلال استخدام الكلمات الصحيحة…”.