مقالات مختارة

السلام الوهمي: ران أدلست

 

تذكير لمن لم يفهم المعنى الحقيقي لمسرحية القرن في جبل هرتسل: لم تجف دموع التماسيح بعد، وأصوات الطائرات المرافقة لا تزال تصدح في الهواء ـ ولجنة الوزراء قررت مناورة اخلاء ـ تعويض لسكان عمونه. كل ما حصل في جبل هرتسل، فضلا عن العزاء العائلي، كان مسرحية سياسية: العالم ضد سياسة الحرب لحكومة نتنياهو. ولبيريز الشخص وعمله، الحقيقي والوهمي، لم تكن أي صلة بتجند العالم. من جهة اخرى، نتنياهو هو الاخر استخدم العلامة التجارية بيريز سياسيا، وكان هذا بالاجمال تظاهرة رائعة من الازدواجية الاخلاقية. ناهيك عن أني اؤمن بأنه حتى السياسيين اللامعين يصدقون أنفسهم حتى في المقابر حين يكون سياسي ميت مسجى أمامهم. كما ان قوة التجند الإعلامي والجماهيري كانت مثيرة للانطباع، وكانت بقوة المطالبة بالوحدة الغائبة اياها التي يمكن الشوق اليها.

خلافا لرابين، الذي حكم عليه قاتله بالحياة الخالدة، اقدر بان بيريز وعمله محكومان بالنسيان التام رغم الجهود العظيمة التي بذلها في حياته كي يخلد ويعظم اسمه. ليس في إسرائيل اليمينية مكان لمن يرتبط اسمه بكلمة السلام. في الحد الاقصى سيستخدمون بيريز في مسألة عمونه كمن أقام عوفرا على اراض خاصة. ومركز بيريز للسلام سيتحول على ما يبدو إلى قاعة أفراح. هذه ليست نزعة شر، بل واقعية: عندما لم يعد مجند المال الكبير معنا، فستفترض الحاجة أعمالا تجارية تستجيب لطاقاته الكامنة، وعفوا إذا ما خلطت شؤون الاعمال التجارية بالحداد.

الحقيقة المرة هي انه في شؤون حلم السلام، فإن بيريز مهزوم بالفعل. فهو لم يفشل فقط بل ساهم ايضا في مواصلة الاحتلال. وعلى فرض أنه بعد موت القديسين يمكن القول ان ضعفه في ان يكون محبوبا قتل أحاسيسه السياسية. فلو كان صدق حقا بان نتنياهو يقصد حين يقول دولتين، فانه ينهي 70 سنة من العمل السياسي بـ 70 لونا من السذاجة. وعلى أمل إلا يكون الحديث من جهة بيريز عن التهكم الذي يجمد نزاع الدم.

سبع سنوات من الرئاسة مرت وبيريز يذوب في فقاعة دلال اليمين الساخر واليسار ـ الوسط الذي اغري لتصديقه. ووفر نتنياهو لبيريز الرخصة للعب بالسلام («مهام» مع زعماء العالم) وبيريز «صدقه». في الوقت الذي استقبل للحديث مع عظماء العالم باعهم أقوالا وليس أفعالا. وقد كانت قدرته على الاقناع كبيرة لدرجة انه جندهم وجند الكثيرين غيرهم.

هكذا وجد نفسه عاموس عوز، رجل الكلمات، يقع في زاوية الكلمات لدى بيريز، وكلاهما معا في كل يوم جمعة في الخامسة بعد الظهر، يجاملان الواحد الاخر بينما يعزز بيريز سياسة اسحق شامير.

عندما كان بيريز يتجرأ على الخروج علنا ضد عناد نتنياهو، كان مكتب رئيس الوزراء يضعه على الفور في مكانه: «بيريز نسي ما هو منصب الرئيس». خطأ. بيريز لم ينسَ للحظة ما هو منصب الرئيس: توحيد الشعب تحت حكومة إسرائيل. وأنا مقتنع بانه حتى لو كانت حكومة يسار سلمية هي صاحبة المئة والرأي، لكان بيريز يدعمها أيضا.

معاريف

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى