بعد مرور سنتين على عملية الجرف الصامد يبدو أن الجيش الاسرائيلي قد استخلص الدروس: عاموس هرئيل
في داخل النفق، في معسكر تدريب كتيبة الناحل في النقب، الجو حار، مظلم وخانق. الأوكسجين قليل الامر الذي يسبب عدم القدرة على البقاء تحت الارض لفترة طويلة. الغبار والدخان يدخلان بين الفينة والاخرى من الخارج. المناورة تتم في مكان ضيق حيث تسير في الظلام الكامل تقريبا. خوف أكثر من الاماكن المغلقة. وكذلك عدم القدرة على رؤية أمامك. ومع ذلك فان السير في النفق لا يحمل خطر حقيقي لأن الحديث عن تدريب فقط.
إن هذه المغامرة من المفروض أن يمر بها كل مقاتل في سلاح المشاة في الجيش الاسرائيلي. وفي الفرق العادية سيكون التدريب فوق الارض، من اجل احتلال منطقة مكتظة بالمباني وفيها عامل تحت أرضي. في الوحدات الخاصة وسلاح الهندسة يتدربون ايضا على الحرب داخل الانفاق نفسها، رغم أن هذا السيناريو يمتنع عنه الجيش قدر الامكان في الحرب الحقيقية. في الحالتين لا يمكن تجاهل الفجوة بين مستوى التدريب في علاج الانفاق عشية الحرب الاخيرة في غزة وعملية الجرف الصامد في صيف 2014 وبين مستوى الاستثمار في ذلك اليوم. إنه فرق كبير مثل الفرق بين الارض والسماء.
النفق في معسكر الناحل في عراد تم افتتاحه في الاسبوع الماضي، في مراسيم تمت بوجود قائد المنطقة الجنوبية، ايال زمير. وقد استثمر الجيش نحو مليون شيكل في مركز التدريب الجديد الذي يشبه قرية صغيرة فيها موقع عسكري للعدو، وقد تم بناءه على طريقة مواجهة حزب الله في جنوب لبنان وحماس في قطاع غزة. ويشمل الموقع عدد من المباني وغرفة للعمليات ومنصات صواريخ متحركة وصواريخ مضادة للدبابات. وتحت الارض، قرب المنازل، يوجد نفق. وفي الموقع نفسه محظور اطلاق النار الحية من اجل عدم تدمير الموقع. ولكن القادة يحاولون افتعال معركة حقيقية في منطقة معقدة فوق الارض وتحتها.
الخطوة المكملة للجيش الاسرائيلي تتعلق بالجانب الهجومي. تحديث الخطط العملياتية لمواجهة المناطق المكتظة والمعقدة، حيث يتم ذلك تحت الارض في غزة ولبنان، ومضاعفة وحدة الهندسة للمهمات الخاصة، التي تختص بعلاج الانفاق، وتدريب فرق الهندسة النظامية والاحتياط لمواجهة الانفاق.
ليس فقط كثبان رملية
بعد حرب لبنان الثانية في العام 2006، التي كشفت عن مستوى التدريب المنخفض للوحدات المقاتلة، بدأ الجيش برئاسة رئيس هيئة الاركان الجديد في حينه، غابي اشكنازي، بعملية شاملة من اجل تحسين التدريب. ولكن الامر الذي لم يفعله الجيش بشكل تام هو ملاءمة التدريبات مع الواقع. حيث أن فرق سلاح المشاة استمرت في التركيز على الركض ذهابا وإيابا حتى الكثبان الرملية في اطار التدريب للحرب في اماكن مفتوحة. وفقط بعد ذلك، في ظل التدريبات الاكثر تعقيدا تدربوا على الامور الاكثر صعوبة. وعلى مدى عامين لم يتم استخدام النار الحية في التدريبات في الاماكن المكتظة لأن الجيش اهتم بتحصين مواقعه بعد قتل جندي جراء رصاصة اخترقت المبنى القديم اثناء تدريب غولاني. وتطلب الامر بضع سنوات اخرى وحرب اخرى في غزة لفهم ضرورة احداث التغيير الشامل والفوري.
إن التدريب في الاماكن المأهولة هو جزء من اسبوع الحرب الذي تتعلم فيه الفرق في مناطق حرب متغيرة، حيث ينام الجنود ساعات قليلة على مدى اسبوع الحرب، لا يستطيعون التحدث بالهواتف المحمولة أو مع عائلاتهم في البيت. وهذا درس آخر تعلمه الجيش بشكل متأخر.
قوة سلاح المشاة تتقدم بشكل تدريجي نحو موقع العدو، بالتنسيق مع قسم الدبابات الذي يقوم بقصف المنطقة المفتوحة، هذا التنسيق الذي كان قليلا في حرب لبنان الثانية في مواجهة حزب الله.
اثناء الحرب يتوقع أن تسعى حماس الى استدراج الجيش الاسرائيلي الى عمق الانفاق الدفاعية الخاصة بها، حيث يفقد الجيش هناك تفوقه النسبي. ومثلما قال الجنرال زمير في اكثر من مناسبة، فان هدف الجيش هو تحويل الانفاق الى اماكن لموت العدو. ولكن عمليات الاختطاف الى داخل الانفاق – جلعاد شليط في 2006، جثة الجندي هدار غولدن في 2014، تحتاج قدرة رد سريعة، ايضا تحت الارض. من هنا تأتي التدريبات للوحدات الخاصة، كتيبة الكوماندو، وسلاح الهندسة والاستطلاع من كتائب سلاح المشاة وتقنية الحرب الملائمة.
خلال الحرب السابقة في غزة كشفت كتيبة سلاح المشاة عن اربعة انفاق هجومية في منطقة بيت حانون في شمال القطاع، وقامت بتدميرها. وأثناء الحرب أصيب قائد الكتيبة العقيد شارون أسنان واربعة من القادة في وحدته منهم طوفيا الذي عاد الى القيادة رغم اصابته. ويمكن القول إن كل الوحدات في الجيش الاسرائيلي والقادة هم في مستوى جيد. إلا أن سلاح المشاة هو الأبرز بالمعنى الايجابي.
هآرتس