بقلم غالب قنديل

احتمالات التصعيد الأميركي

 

 غالب قنديل

ارتفعت وتيرة الاشتباك السياسي الأميركي الروسي بقوة وبدت الإدارة الأميركية وقد ألقت قفازاتها وانتقلت بجلافة إلى مهاجمة روسيا وتهديدها منذ انطلاق مبادرات هجومية سورية روسية بعد انقلاب واشنطن على اتفاق جنيف الذي وقعه الوزير جون كيري مع نظيره سيرغي لافروف.

 ردت موسكو خلال الساعات الماضية بشدة على التصريحات والبيانات الأميركية واغتنمت المناسبة لفضح الدور الأميركي المباشر في تشكيل الجماعات الإرهابية وتشغيلها وإدارتها على الأرض لاسيما عندما لوح الأميركيون باستعمال الإرهابيين لمهاجمة روسيا وهو عامل كان حاضرا في خلفيات قرار الانخراط الروسي بدعم الدولة السورية وقواتها المسلحة منذ ظهور محاربي القاعدة القوقاز في جيوش الحرب الأميركية بالوكالة ضد سورية بمعونة حكومات الأطلسي وإسرائيل والثلاثي التركي السعودي القطري.

 

تحدث مساعد وزير الخارجية الأميركية انتوني بلينكن في الكونغرس يوم امس عن اجتماعات مكثفة في البيت الأبيض يعقدها الرئيس باراك اوباما مع القيادات العسكرية ومسؤولي وكالات الاستخبارات الأميركية لدراسة الخيارات المتاحة في سورية وقد تهرب من الإجابة على سؤال كرره رئيس لجنة العلاقات الخارجية السيناتور بوب كروكر عن مضمون الخطة ب التي يلوح بها الدبلوماسيون الأميركيون وبعض قادة البنتاغون مؤخرا وصرح كروكر بعد الاجتماع بانه لا خطة فعلية عند الإدارة في حين صدرت تصريحات عن الرئيس باراك اوباما تحذر من المغامرة بإرسال قوات إلى سورية او التورط في مواجهة مكشوفة مع القوات الروسية واصفا ذلك بالتهور الذي سيكلف كثيرا مستعيدا آثار وأعباء حربي العراق وأفغانستان المكلفتين .

 

بعض الباحثين والكتاب في مراكز الدراسات الأميركية عرضوا رزمة من الخطوات الأميركية التي يقترحونها ردا على المبادرات الروسية والسورية بعد التطورات المتسارعة في مدينة حلب وإثر انكشاف كذبة المعارضة المعتدلة وافتضاح الرعاية الأميركية لشبكة القاعدة وداعش في حصيلة الإدارة الروسية الذكية للتفاوض حول اتفاق وقف النار واستثمار الخطوات الأميركية المكشوفة كغارة دير الزور اوتسديد ضربات نوعية محكمة كاستهداف غرفة عمليات دارة عزة التي كشفت الوجه الحقيقي لمن يديرون القاعدة في سورية .

 

صحيفة لوس انجلس تايمز وصفت الأفكار المتداولة بأنها لا تقدم جديدا وهي أقرب إلى معادلة” المزيد من الشيء نفسه ” وعادت بالذاكرة إلى النقاشات التي صاحبت هدنة شباط الماضي وحيث جرى استغلال وقف النار لمد الجماعات الإرهابية بالسلاح والمال ودفعت تعزيزات كبيرة من تركيا والأردن ورغم ذلك لم يتغير ميزان القوى واستطاعت قوات الجيش السوري بمؤازرة جوية روسية من فرض توازن جديد على الأرض وصولا إلى معركة حلب الأخيرة .

 

الاقتراحات المطروحة للنقاش داخل الإدارة الأميركية وفقا لما نشرته الصحف ومواقع مراكز الدراسات تمحورت حول العناوين الآتية :

 

1-    التعرض مباشرة للطيران الروسي فوق سورية وهذا قرار بشن حرب عالمية يستبعده معظم المحللين والخبراء فالرد الروسي لن يكون بسيطا وسوف يفتح أبواب المواجهة الكبرى .

 

2-    تنفيذ ضربات جوية مركزة لمواقع الجيش السوري وهو ما ينطوي على مغامرة بالتورط في حرب كبرى مع سورية وإيران روسيا وحزب الله تفتح أبواب المواجهة الواسعة فماذا لو أسقطت طائرة اميركية بصاروخ سوري هذه المرة او تحركت أسراب اشتباك روسية لتؤازر الجيش السوري وسلاحه الجوي.

 

3-    تزويد الجماعات الإرهابية بصواريخ مضادة للطائرات إضافة إلى ما تم تزويدها به سابقا خلال هدنة شباط من هذه الصواريخ لوقف اندفاعات الجيش السوري في الميدان ومن المحاذير المتداولة خطر انتقال هذه الأسلحة إلى جماعات إرهابية خارجة عن السيطرة قد تستخدمها لإسقاط طائرات ركاب ولشن هجمات واسعة على حركة الطيران المدني في المنطقة .

 

4-    الاعتماد بصورة اوسع على التدخلات العسكرية التركية والإسرائيلية في الجغرافيا السورية لعرقلة حركة الحسم العسكري التي يخوضها الجيش السوري وحلفاؤه بدعم روسي واضح .

 

5-    تشديد الضغوط الاقتصادية على روسيا والذهاب نحو اشتباك سياسي ودبلوماسي كبير تحت خط الامتناع عن التورط في مواجهة عسكرية مباشرة .

 

اقتراحات مستهلكة قد تطيل الاستنزاف ولا تبدو في اي منها قدرة على قلب الموازين في وجه الثبات السوري والتصميم الروسي فهل تواصل واشنطن العربدة وتجريب المجرب ام ترضخ للمعادلة التي وقعت اعترافها بها خطيا ومن ثم نكلت بالتزاماتها لأنها لاتريد المشاركة في القضاء على ادوات صنعتها بنفسها؟ .

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى