مقالات مختارة

مقاربة السعودية للحريري: نربح معك.. تخسر وحدك! عماد مرمل

 

إلى أن يحسم سعد الحريري خياره الرئاسي، في ختام جولته التشاورية، ستبقى نياته وحساباته موضع تشريح وتأويل، لا سيما أنه تعمد ترك الباب مفتوحا أمام كل الاحتمالات، وهو الذي لم يتخل بعد عن ترشيح سليمان فرنجية ولم يُسقط ورقة ميشال عون ولم يهمل فرضية المرشح الوسطي.

وإذا كانت العودة الى السرايا واحدة من أولويات الحريري، إلا ان شخصية مسيحية تسنى لها المشاركة في أحد اللقاءات معه تؤكد ان رئيس «تيار المستقبل» يرفض ان يضع احتمال رئاسته للحكومة المقبلة في إطار البازار السياسي أو المقايضة، لافتة الانتباه الى ان الرجل يترأس في نهاية المطاف أكبر كتلة نيابية ويشكل رقما صعبا في المعادلة الداخلية، وبالتالي لا يمكن تخطيه في مسألة تحديد مصير رئاسة الحكومة، سواء كان الرئيس المقبل للجمهورية هو عون أو فرنجية أو أي شخص آخر.

وتعتبر تلك الشخصية ان على عون ان يعرف كيف يخاطب الآخرين، خصوصا الطائفة السنية التي تشكو من حساسية مزمنة حياله، وبالتالي عليه ان يسهل مهمة الحريري من خلال تقديم خطاب وسلوك يُطمئنان البيئة التي ينتمي اليها رئيس «المستقبل».

وفي اعتقاد الشخصية ذاتها، ان الثقة تُبنى عبر تجارب متراكمة ولا تُصنع بكبسة زر، «ولذا يحتاج تسويق ترشيح عون في «المستقبل» الى شجاعة استثنائية، لأنه إذا كان الحريري قد خسر جزءا من شارعه بعد ترشيحه فرنجية، فإنه مهدد بخسارة إضافية وربما كبيرة إذا تبنى عون».

وترجح هذه الشخصية ان تشمل تداعيات قرار من هذا النوع «كتلة المستقبل» التي يُخشى ان تتصدع تحت وطأة الاستدارة المحتملة للحريري باتجاه عون، لا سيما ان رئيس «المستقبل» يفتقد الراية السعودية التي كانت تظلله وتمنحه «الحصانة السياسية».

وتشير الشخصية المسيحية الى ان سياسة السعودية الضمنية حيال الحريري تُختصر في المرحلة الحالية بالمعادلة الآتية: «لن نقول لك ما الذي يجب أن تفعله.. أنت قرر، إذا نجحت نكون شركاء معك في الأرباح ونمنحك الغطاء اللاحق، وإذا أخفقت نتبرأ من رهانك ويكون عليك أن تتدبر أمرك وحدك».

وتعتبر أن عون معني بالتقليل من العزف على وتر عواطف الشارع المسيحي، لان هذه اللعبة محفوفة بالمخاطر وقد تهدد مصالح المسيحيين بدل حمايتهم، مشيرة الى انه يجب الاتعاظ من التجارب السابقة ودروسها، «ومقولة أمن المجتمع المسيحي فوق كل اعتبار جرى اختبارها في الماضي وكانت نتائجها مدمرة، وبالتالي يجب عدم إعادة استنساخها مجددا».

وتشدد الشخصية المقربة من حزب مسيحي على أن المطلوب هو رئيس يستطيع الإمساك بالعصا من الوسط وتدوير الزوايا الحادة، ويمكن ان تشكل طروحاته تقاطعا بين القوى السياسية وليس تغليبا لطرح على آخر.

وترى انه إذا أراد عون ان يحكم لبنان ويكسب ثقة جميع أطيافه، فعليه ان يعيد إنتاج صورته على المستوى الوطني، وألا يكون ملتصقا بـ «حزب الله» ومتماهيا معه الى هذا الحد، «ولئن كان ملف سلاح المقاومة معقدا ولا يصح تحميل أعبائه لرئيس الجمهورية حصرا، إلا ان هناك أمورا أخرى يجب ان تخضع الى مقاربات متوازنة». وتضيف: «ماذا سيفعل عون على سبيل المثال بتحدي الواقع الحدودي مع سوريا، وهل سيسمح بأن تبقى الحدود مشرعة وسائبة»؟

وتشير الشخصية ذاتها الى ان المهم هو المحتوى السياسي للمرشح وليس اسمه، وعلى هذا الاساس، يصبح خيار فرنجية او عون مقبولا بقدر ما يبدي كل منهما استعداده لمغادرة تموضعه الحالي الى الوسط، ويكون كلاهما مرفوضا إذا أصرا على حمل مشروعهما السياسي الى رئاسة الجمهورية، «علما ان هناك شعورا بأن فرنجية هو أكثر واقعية وأكثر قربا من معايير الرئيس التوافقي، ولعل تكليفه أحد نواب كتلته بالمشاركة في جلسة الانتخاب الـ45 أعطت إشارة واضحة الى انه قادر على التمايز والتحرك ضمن هامش مقبول».

(السفير)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى