الاردن: مؤشرات خطر وتهديدات خارجية وداخلية: د. افرايم هراره
حتى كانون الاول 2015 كان أبو صالح وزير مالية الدولة الاسلامية. هجوم جوي أمريكي جعله شهيدا. ناهض حتر، كاتب مسيحي اردني، رأى من الصواب أن ينشر على صفحته في الفيس بوك كاريكاتيرا يمثل ابو صالح وهو يستمتع بحوريتين في الجنة والله بعظمته يقف عند مدخل الخيمة. يأمر أبو صالح الله بان يجلب له الخمر (المحظور في الاسلام في هذا العالم، ولكنه مسموح به للمسلمين في الجنة) وجوز الكاشو، وان يبعث بأحد ما كي ينظف المكان، ويذكر الله بان عليه أن يدق الباب قبل أن يدخل. وكان هذا يكفي للحكم الاردني أن يشرع باجراءات قانونية ضد ناهض حتر ولكن كان هناك من لم ينتظر نتائج المحاكمة وفي يوم الاحد من هذا الاسبوع صفى الكاتب المسيحي.
تشهد هذه التصفية على مشاعر الجمهور الاردني، رغم ان الحكم المركزي يقمع حركة الاخوان المسلمين ويرتب طريقة الانتخابات ومناطق الانتخابات بحيث يحظى الاخوان بالحد الادنى من التمثيل (ولا يزالون على ما يبدو نالوا هذا الاسبوع 16 من اصل 130 مقعدا في البرلمان). وعندما تكون انتخابات مفتوحة تماما، تكون النتائج مختلفة. هكذا، في العام 2002، فاز ممثلو الاخوان المسلمين في كل الـ 12 مقعدا لرابطة المهندسين الاردنيين. ولم تولد كراهية الاخوان المسلمين للحكم الهاشمي امس. فالاردن هو دولة ملكية، نتيجة اتفاقات سان ريمو في 1921، حين اعطي الحكم لعبدالله ابن الحسين، الذي كان ملك الحجاز، مقابل تأييده للبريطانيين. ولم يبقى طويلا في الحكم إذ قتل في القدس، على ما يبدو بأمر من الحاج أمين الحسيني، مؤسس الاخوان المسلمين في فلسطين.
الى جانب هذا التهديد الداخلي، يعيش الاردن تهديدا حقيقيا على حدوده مع سوريا، حيث تقع عدة نقاط على الحدود ضمن سيطرة الدولة الاسلامية أو مؤيديها. وأعلن داعش عن الحكم الاردني بانه من عبدة الاصنام وانه يحل عليه واجب ديني لاسقاطه. ومذكور الاعدام بالحرق للطيار الاردني . وبررت الدولة الاسلامية الفعلة المحظورة ظاهرا في الاسلام، استنادا الى آية في القرآن تأمر بالرد على العدو بذات الموت الذي الحقه بالمسلمين. فالاردنيون هم شركاء في التحالف ضد داعش.
والى التهديدات من الخارج، من جهة الدولة الاسلامية، ومن الداخل من جهة الاخوان المسلمين، يضاف تهديد مستورد، في كل نحو مليون لاجيء سوري انضموا الى السكان الذين يعدون نحو 8 مليون نسمة فقط. وللاجئين السوريين، باستثناء بضعة الاف، لم تمنح تأشيرة عمل، والمساعدة الاقتصادية التي وعد بها الغرب لم تصل الا بشكل جزئي للغاية. وينشأ إذن برميل بارود انساني هو ايضا يهدد الحكم. واذا تذكرنا فكرة الدولة الاسلامية التي يعد ادخال خلايا المخربين في موجة المهاجرين واللاجئين استراتيجية حربية، فينبغي أن نتوقع بان تقع عمليات استعراضية في المستقبل القريب في الاردن والذي سبق أن شهد اثنتين كهذه في السنة الاخيرة. ويضاف الى كل هذا المبنى الديمغرافي للمملكة: اغلبية السكان فلسطينيون، ووحده التمييز المقصود من الحكم يبقي ممثلي القبائل البدوية في المواقع الاساسية.
اسرائيل معنية بالتأكيد باستمرار وجود الاردن عبدالله الذي يبعد الاسلاميين عن الحدود الشرقية وهي ستساعد الملك بكل سبيل ممكن. الغرب هو الاخر يتمتع بقدرة الهجوم على داعش من داخل الاردن، وسيواصل دعم المملكة. ولكن مشكوك اذا كانت هذه تكفي.
اسرائيل اليوم