الجاسوسُ الإسرائيليُّ والنجماتُ الثّلاث ناصيف ياسين
جاهرَتْ عصاباتُ الإرهاب التكفيريّ – منذ ادّعائها تلَبُّسَ ” المعارضة السورية ” – بِرفع العلَم المثَلّث النجمات ، الذي يرمز ، فعلًا ، للعودة بسوريا إلى ما كانت عليه أيام الإحتلال الفرنسيّ ، حيث قُسِّمتْ إلى ثلاث دويلاتٍ ، بديلًا عن العلَم السوريّ الرسميّ الحالي : بِنَجْمَتَيْه اللّتَيْن ترمزان لزمن الوحدة مع مصر … علَمان ، مؤشِّران لبرنامجَيْن : واحد يريد الحفاظ على الوحدة مع العرب ، والآخر يريد تقسيم سوريا نفسها خدمةً للأعداء !
لا يغرب عن البال ، أنّ مسعى التكفيريّين هو ما عمِلَت له ” إسرائيل ” ، ولا تزال تبذل قصارى جهدها للوصول إلى تحقيقه باقتطاعِ ” حزامٍ أمنيٍّ سوريٍّ ” – عبر التقسيم – لكيانها ، حُرّاسُهُ من تلك العصابات التي تعهّدها الكيانُ الصهيونيّ بالدّعم اللوجستيّ ، على أنواعه ، مع الطبابة والترفيه ، دون توريةٍ أو إنكار ؟!
في سياق الخدمات المُتَبادَلَة ، زوّد الإرهابيّون أسيادَهم الصهاينة ، بالأمس ، بمشاهد عمليّة إعدام الجاسوس الإسرائيليّ ، ” إيلي كوهين ” في 18 أيار 1965، في ساحة المرجة بدمشق ، حيث حصلوا عليها من أرشيف التلفزيون السوريّ الرسميّ … ذلك الجاسوس الذي كان قد تنكّر باسم ” كامل أمين ثابت ” و سهّلَ على يهود مصر الإنتقال إلى ” إسرائيل ” ، كما قدّم أثناء تجسّسِهِ ، خدماتٍ خطيرةٍ لمُشغِّليه الصهاينة ، ساعدتهم في انتصار عدوانهم على العرب – أثناء حرب الأيام السّتّة – في حزيران عام 1967 ، حسب اعترافات رئيس وزراء العدو – آنذاك – ليفي أشكول ، فيما بعد !
وكعادتهم في طلب المزيد ، حثّ الصهاينة عصابات الإرهاب التكفيريّ على البحث عن مكان جثّة ” كوهين ” ، مع مصير الجنود الإسرائيليّين المفقودين أثناء عدوانهم على ” السلطان يعقوب ” في البقاع اللبنانيّ عام 1982 ، كذلك ما يتعلّق بالطيّار الإسرائيليّ رون أرادً، الذي فُقِدَ كذلك أثناء العدوان على لبنان !
هي أعمالٌ تندرِجُ في سياق السّير الحثيث ، بين : كيان العدوّ ، ودول الخليج ، نحو ” التطبيع ” في العلاقات والمعاملات : بعد زيارة اللواء السعوديّ المتقاعد : أنور عشقي ، لتل أبيب ، ولقائه أعضاء في الكنيست ، ثم المناورات المشتركة بين سلاحَي الجو : الإسرائيليّ والإماراتيّ في الولايات المتّحدة . كذلك لقاء الوزيرة الصهيونية ” تسيبي ليفني ” مع السفير الإماراتيّ في أمريكا : يوسف العُتَيْبة ، وسفيرة البحرين في فرنسا ، سابقًا : ” هيَا راشد آل خليفة ” ، بالإضافة إلى باحثين من السعودية ولبنان ، في مؤتمرٍ دعت إليه منظّمةٌ تُطلق على نفسها ” مُوَحَّدونَ ضدّ إيران ” ، في نيويورك !
خطواتٌ مُتسَلْسٍلَةٌ متناسقةٌ، يُرافقها إعلامٌ واعلانٌ ” تطعيميٌّ – تهوينيٌّ” غايتُهُ تسهيلُ ازدِرادٍ وهَضْمِ ” التطبيع ” مع كيان العدوّ ، بطريقةٍ يتجَرّعُها الرّائي والسامعُ والقارئُ العربيّ مع ” نسائمِ ” التدجين المُتَّبَعَة من الحلف الصهيو / أمريكيّ / السعوديّ – الإماراتيّ – البحرينيّ / التكفيريّ ، المترافقة مع التدمير والقتل الإجراميّ العجائبيّ في أرض اليمن والعراق وسوريا ، مع شتّى ” عواصف الحزم ” ومُسَمّياتها ، وما يناله شعبُ البحرين من قمعٍ واعتقالاتٍ ، ونصيبُ لبنان من الترهيب والتهديد والوعيد بِنَقْلِ معارك الإرهاب إليه .
إنّنا ، حقيقةً ، أمام نوعين من الحروب : واحدةٌ جهنّميّةٌ بكلّ أنواع القتل والتدمير والتهجير : في الجوّ والبَرّ والبحر ، وأخرى ” ناعمة ” في الإعلام واللقاءات والندوات ،والمناورات ، ولكنهما تصبّان في مجرى واحد ، ونحو هدفٍ واحد : هو قتْلُ الحَمِيّة والأمل والقوة في دخيلة الشعب العربيّ وروحِهِ ، وإضفاءِ ” نجمةِ داود” على سمائنا : من المحيط إلى الخليج … وهو ما يسعى حلف المقاومة إلى كسره والتصدّي لمفاعيله … وعلى اليائسين أنْ يجيبونا على السؤال التالي : هل أُغمِدَتْ سكاكينُ الشّعب الفلسطينيّ ، بعد ثمانيةٍ وستّبن عامًا ؟؟!!