الجيش يثأر لسيمون طه: زمن الهزائم ولّى: آمال خليل
يوم اعتقال عماد ياسين، اختتم بانتشار بيان موقع باسم «أنصار الشيخ عماد ياسين»، توعد فيه «المتآمرين على بيع المجاهد»، توعد لم تسلم منه عصبة الأنصار و»اللينو» وقيادات فتحاوية وإسلامية، ما يطرح تساؤلات عن الضربة التالية وأهدافها
استعاد الجيش زمام المبادرة والحسم في عين الحلوة بعد اعتماده سنوات على القوى والفصائل الفلسطينية في فرض الأمن. «الأمر لي»، قاعدة ثبتها أمس بدخول نطاق المخيم لتوقيف عماد ياسين من حي الطوارئ حيث يتمركز.
لا تكمن أهمية العملية في أنّ ياسين «معروف بأمير داعش في عين الحلوة ومطلوب بموجب مذكرات توقيف عدة وبصدد تنفيذ تفجيرات إرهابية ضدّ مراكز الجيش، ومرافق في أكثر من منطقة لبنانية بتكليف ومساعدة من منظمات إرهابية خارجية»، كما جاء في بيان الجيش. إلا أن اعتقال ياسين في المكان والزمان هذين، يفرض قواعد جديدة للعلاقة المتبادلة بين الدولة والمخيمات من جهة، وقوى وفصائل عين الحلوة وإسلامييه.
وبحسب مصادر أمنية، تحينت القوة خروج ياسين من جامع زين العابدين بن علي في حي التعمير بعد تأدية الصلاة صباحاً. وعند توجهه إلى دكان يحاذي من الناحية الخلفية مركز الجيش في القسم اللبناني من التعمير، أطلق عناصر القوة قنبلتين دخانيتين باتجاهه لشل حركته قبل أن ينقضوا عليه وينقلوه إلى خارج المخيم. مرت ساعات من التكتم. لكن ما إن سرب الخبر، حتى انقلبت الأمور في عين الحلوة وخارجها. البعض وزع الحلوى ابتهاجاً. عناصر داعش والمجموعات المتشددة استنفروا بأسلحتهم في أحيائهم وأطلقوا النار والقنابل باتجاه نقاط الجيش المنتشرة حول المخيم. واستباقاً لردات فعل، اتخذ الجيش إجراءات أمنية مشددة عند مداخل المخيم وفرض تفتيشاً دقيقاً على العابرين واستقدم حشوداً وآليات إلى محيطه. ضباط رفيعو المستوى حمّلوا قادة القوى الإسلامية رسائل تحذير بالرد بشكل قاس على أي اعتداء ينفذ ضد الجيش. وقد اعتقلت عناصر متشددة أحد سكان الطوارئ، إبراهيم لطفي، لـ«الاشتباه بمساعدته الجيش لاعتقال ياسين».
تسارع الأحداث انعكس توتراً شديداً، دفع بعدد من سكان الطوارئ إلى النزوح باتجاه صيدا ومحيطها. قيادات إسلامية تنادت إلى حي الطوارئ للاجتماع بقيادات المجموعات المتشددة موفدة من رئيس الحركة الإسلامية المجاهدة الشيخ جمال خطاب، الذي نقل عنهم «عدم وجود نية ومصلحة لأحد باستفزاز الجيش أو التصادم معه». على نحو تدريجي، انسحب الهدوء الحذر على أرجاء المخيم وتراجع المسلحون إلى مقارّهم. لكن التداعيات الأمنية والسياسية لاعتقال ياسين ذي التحركات المحدودة بين منزله والمسجد، لن تهدأ قريباً.
من جهة أخرى، مصادر من داخل المخيم أشارت إلى أن «اغتيال الفتحاوي سيمون طه المعروف بتعاونه مع استخبارات الجيش وتوسطه في ملفات الكثير من المطلوبين الذين سلموا أنفسهم أخيراً، سرّع بتنفيذ مخطط الاعتقال الموضوع منذ مدة». تصفية طه الاثنين الماضي، أثارت الخشية من سلسلة تصفيات قد ينفذها المتشددون ضد من يشتبهون بعلاقتهم مع الدولة، رداً على تسوية ملفات المطلوبين، وليس بعيداً عنها التهديد الصريح بالذبح الذي تلقته عصبة الأنصار من «محبي الخلافة». القوة الأمنية المشتركة، على غرار عمليات الاغتيال السابقة، شكلت لجنة تحقيق لكشف الفاعل، برغم أنه كان مكشوف الوجه عندما نفذ جريمته في الشارع المزدحم. «الدولة قامت بنفسها بالرد على اغتيال طه من دون انتظار القوة الأمنية»، قالت المصادر.
وما ساعد أيضاً في إنجاز العملية بسرعة ومن دون ردات فعل قوية، بحسب المصادر، «الاشتباك الذي وقع بين عناصر تابعة للعميد محمود عيسى «اللينو» وعناصر تابعة للإسلامي بلال بدر على خلفية اغتيال طه، والذي انتهى بانكفاء سريع لعناصر بدر».
عملية أمس، استحضرت عهد «الكفاح المسلح» الذي كان ذراع الدولة في ضبط الأمن وتسليم كبار المطلوبين مثل محمد الدوخي وسمير معروف، وتصفية آخرين. ما بعد دخول الجيش إلى الطوارئ وخروجه منه بتلك الطريقة «يُحرج القوى والفصائل التي طالبها الجيش مراراً بتسليم مطلوبين أو ضبط تنامي الظواهر المتشددة من دون جدوى». العملية النوعية أمس، سبقها استحداث الدشم والنقاط التي يجريها الجيش في محيط المخيم منذ أشهر. وبحسب المعلومات، فإن الجيش استطاع في أوقات سابقة إدخال قوات خاصة إلى الطوارئ سراً لاستطلاع مقارّ ياسين وقادة المجموعات الأخرى. وباعتقال ياسين، لم ينفرط عقد داعش وإخوته في عين الحلوة. جمال رميض المعروف بالشيشاني وهلال هلال وسواهما لا يزالان في المخيم. إلا أن اعتقال «أميرهم» من شأنه أن يشتّت حركتهم.
(الاخبار)