مقالات مختارة

الولايات المتحدة: الارهاب يعود الى برنامج العمل اليومي: ابراهام بن تسفي

المنافسة على البيت الابيض لا تتم اليوم ولم تتم في السابق في فراغ سياسي، اقتصادي وأمني، بل هي ذات صلة بالاحداث والتطورات. حين يكون حدثا بارزا عشية الحسم ويناسب بشكل كبير المواقف الاساسية لأحد المرشحين، فان ذلك يمنحه دفعة قوية من اجل الجولة الاخيرة. ليس فقط حادثة كهذه هي التي تؤكد ادعاء المرشح في هذا المجال، بل هي تركز النقاش الجماهيري ايضا في الموضوع الذي كان منذ البداية مصدر الحصانة ومصدر التأييد له.

على سبيل المثال، اندلاع حرب تشرين الاول 1956 (العدوان الثلاثي) ضمن اعادة انتخاب الرئيس الذي كان في حينه، آيزنهاور. حقيقة أن الشرق الاوسط قد تحول قبل ايام قليلة من الانتخابات الى “صفيحة بودرة الحريق” التي هددت بالتصعيد والخروج عن السيطرة (لا سيما على ضوء التدخل المتزايد لفرنسا وبريطانيا في الصراع)، غيرت برنامج العمل اليومي للجمهور ولعبت في صالح الجنرال المتقاعد، صاحب الهالة والمجد، الذي كان يجلس في الغرفة البيضوية.

إن اشتعال الحرب في شبه جزيرة سيناء وفي قناة السويس عزز مكانته أكثر وضمن انتصاره الساحق على خصمه الديمقراطي أدلاي ستيفنسون. برنامج العمل الامني الجديد الذي نشأ منح الافضلية الحاسمة للرئيس الجمهوري، الذي تصدعت صورته العسكرية في الذاكرة الجماعية للأمة.

اليوم ايضا، رغم أن الوضع يختلف عن الوضع في العام 1956، نحن نقف أمام جولة جديدة من الاحداث الارهابية في الولايات المتحدة التي تعتبر مفصلية وعملت على تحريك النقاش الجماهيري نحو موضوع الارهاب في الداخل وضرورة مكافحته. العمليات التي حدثت في نهاية الاسبوع في منسوتا ونيويورك، التي سارع تنظيم داعش الى اعلان مسؤوليته عن واحدة منها، أكدت ادعاءات المرشح الجمهوري، دونالد ترامب، المتكررة حول ضرورة المواجهة بشكل مباشر وشجاع لتحدي الارهاب الداخلي من خلال المبادرة الى سن قوانين واجراءات ادارية بعيدة المدى.

وعلى الرغم من أن خصمته، هيلاري كلينتون، عادت وأكدت على نواياها محاربة هذه المنظمة الدموية، إلا أن الاستطلاعات تشير الى تفوق واضح لصاحب العقارات في القدرة على مواجهة التحديات الامنية مقارنة مع وزيرة الخارجية السابقة، رغم تصريحاتها في بداية ولاية براك اوباما الاولى أنها ستفعل كل ما في استطاعتها لمحاربة الارهاب الاسلامي المتطرف.

ويضاف الى ذلك أنه في هذه الاثناء بعد مرور اربع سنوات على تركها الادارة، بقيت كلينتون متماثلة مع إرث اوباما، وهو يعتبرها وريثة له ومواصلة لطريقه. ولم تكن هناك انتخابات تدخل فيها الرئيس بشكل كبير الى هذه الدرجة لانتخاب وريثه. وعلى هذه الخلفية بقيت المرشحة الديمقراطية أسيرة في قفص مواقف اوباما المتصالحة والنباتية، التي لم تستطع التحرر منها.

ترامب، في المقابل، طرح منذ البداية موقف غير متهاود وصلب حول الطرق التي يجب استخدامها للقضاء على الارهاب وزيادة الأمن الشخصي للمواطنين في الولايات المتحدة. ومن هذه الناحية فان موجة العمليات الاخيرة هي برهان آخر على أن تحذيره لم يكن فارغا، وأن هناك خطر فوري وملموس.

في نفس الوقت الذي تحاول فيه كلينتون النهوض من الاسبوع الصعب الذي وجد تعبيره في استطلاعات الرأي الاخيرة، حيث ما زالت تعكس التعب، يصل خصمها الجمهوري الى المناظرة التلفزيونية الاولى التي قد تكون الحاسمة في يوم الاثنين القادم وهو يحمل المبادرة بيديه وفي ظل ملاءمة البرنامج الجماهيري الجديد لجزء مركزي من ادعاءاته. لم يبق سوى الانتظار لرؤية اذا كان هذا التفوق سيستمر ايضا بعد المناظرة التلفزيونية التي تنتظرها الولايات المتحدة.

اسرائيل اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى