مقالات مختارة

صعود لبيد: نداف ايال

أنا على قناعة تامة بان يئير لبيد راض عنكم، انتم يا من تكتبون على الفيس بوك بانه أسوأ من بيبي وأنكم لن تصوتوا له أبدا. فلبيد يحتاج إلى اغتراب اليسار كي يكون في وسط الخريطة السياسية. معركته ضد «هآرتس» ، أحد الاصوات الانتقادية المدوية في اسرائيل، تفيده جدا كي يؤكد الفرق بينه وبين المشبوه الفوري، اليسار الاسرائيلي. بوست هازيء آخر ضده وبرنامج سخرية عاضة آخر، فاذا بلبيد يصعد فقط. وها هي القصة: معظم المقترعين الذين ينتقلون اليه يأتون من الوسط ـ اليسار، حسب تحليلات العمق. فهل اليسار يفضل بيبي؟ لا تكذبوا على انفسكم.

على مدى زمن طويل جدا أصبح الوسط اليساري نوعا من مثل هذا التراص القريب، «وسط ـ يسار». ولبيد يفهم جيدا بانه متعذر، إذا أخذنا بالحسبان الميول الاساس للمجتمع الاسرائيلي، الانتصار هكذا. وهو أيضا بشكل حقيقي لم يكن يسارا، وعليه فمن الصعب أن نفهم لماذا يغضبون منه هناك؛ بل انه حتى ليس من بيت مواقف يسارية، إذ أن اباه تومي لبيد الراحل اتهم بانه كان من الموالين لمناحيم بيغن في سلطة البث.

يخيب لبيد آمال الاشخاص الذين لم يسبق لهم أبدا أن علقوا عليه أملا، بسبب احساس تفويت الفرصة في اليسار. فالمرشحون لرئاسة الوزراء لا يمكن انزالهم بالمظلة أو اختراعهم، ولا حتى الجنرالات. مطلوب تعرف على الجمهور، واهتمام إعلامي؛ فلا يوجد مرشحون اليوم غير نتنياهو ولبيد ممن يبعثان هذا الاهتمام، وحتى الانتخابات التالية يخيل أنه لن يطل واحد كهذا.

وها هو الموضوع الجوهري سياسيا: لبيد يريد الانتصار حقا. وستتفاجأون، هذا تجديد منعش في كل مكان وحزب ليس بيبي وعقيلته؛ أنا اعرف مرشحين سياسيين للمناصب الأعلى ممن حلموا بحكومة وحدة وليست كهذه التي يقفون على رأسها. فالمعسكر الذي لا ينتصر منذ سنوات عديدة نسي تماما ان السياسة ليست عملا للشبيبة العاملة والمتعلمة. فهي تتطلب استراتيجة وكذا مساومة على المبادىء ـ حتى قبل المفاوضات الائتلافية.

لقد حاول اوباما التملق للمصوتين المستقلين في الانتخابات للحزب الديمقراطي في 2008، فتخلى في حينه عن الحلم الديمقراطي للتأمين الصحي الرسمي بما في ذلك للأمريكيين في صالح تأمينات خاصة تحت الرقابة. اما كلينتون فاصرت على مبادئها ورفعت العلم عاليا؛ فخسرت لاوباما. وعندنا، ويكاد يكون من غير الضروري الاشارة اليه، فقد مقت اليسار رابين وعندها مقت باراك أيضا؛ كلاهما تملقا لليمين. الحقيقة؟ اليسار كان محقا في تشخيصه. كان محقا، ولكنهما انتصرا.

وها هي أمامكم معطيات أساسية: السياسة الاسرائيلية هي منظومة كتلية. بدون مصوتي اليمين ممن ينتقلون إلى الوسط أو اليسار، لن يكون أي هزيمة لليكود؛ فهؤلاء المصوتون يبحثون عن شخصية يعتبرونها وسطية مع ميل إلى اليمين. وهاكم معطى أساس آخر: بدون الاصوليين، في كل حال لن يكون لاي مرشح وسط أو يسار أي احتمال. إذن عندما يقول لبيد في مقابلة مع الاخبار 10 في موضوع القطار ان «لا علاقة للاصوليين بالازمة»، فان هذا يبعث ابتسامة مريرة ولكنه يجسد أيضا معنى سياسيا. «انت تريد ان تستمتع ام تنتصر؟»، كان يسأل أحيانا اوري شني ارئيل شارون في المعارك الكبرى مع نتنياهو؛ وشارون، مع شد على الاسنان، فضل أن ينتصر.

على لبيد لا يزال ملقى واجب برهان ضخم: في أنه فضلا عن الرغبة في الانتصار مستعد لان يأخذ خطى شجاعة كزعيم للمعارضة، خطى صحيحة مبدئيا، حتى لو لم تكن شعبية على المستوى الفوري. خطى سياسية، كتلك التي تثير حوارا جماهيريا صادقا ينقص جدا في اسرائيل. «نحطم الصمت» هم تنظيم هام في أجواء الديمقراطية الاسرائيلية التي تتعرض للهجوم. اما لبيد، من جهته فيعتقد انهم يخدمون أعداء اسرائيل، وهذا موقف واسع الانتشار جدا في الجمهور الاسرائيلي. ولكن أي يقف بالنسبة للقصة الكبرى التي لا ينبغي نكرانها، محاولة تثقيب الديمقراطية نفسها هنا.

هجمات متوقعة ضد اليسار وحالات ظهور أمام الجمهور العاطف لن تفعل هذا حقا؛ مطلوب ثقل فكري ومطلوب مخاطرات. لقد اثبت لبيد في الانتخابات السابقة بانه ليس حزب أجواء. وهو يثبت الان بانه المرشح المركزي لرئاسة الوزراء الذي هو ليس نتنياهو. وعليه الان ان يثبت بانه معارضة.

يديعوت

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى