امريكا.. اوباما وكلينتون ونظريات المؤامرة: نتسان هوروفيتس – واشنطن
هناك كثيرون في الولايات المتحدة يعتقدون أن القاعدة لم تقف من وراء عمليات الحادي عشر من ايلول. من نعم؟ من لا: رجال اعمال، اسرائيل، جهات خفية في الحكم. مع مرور 15 سنة على الهجمات، يبدو أنه لا حاجة الى اكوام الأدلة التي تجمعت منذ ذلك الحين، بما في ذلك اقوال واضحة لمن خطفوا الطائرات وابن لادن نفسه. لكل وثيقة ولكل تسجيل لدى اصحاب نظرية المؤامرة اجابة حاسمة: تجار البورصة عرفوا عن الهجمات قبل حدوثها، قيادة سلاح الجو في الولايات المتحدة قامت بتعطيل الاجهزة الدفاعية، ليست الطائرات هي التي تسببت في انهيار الابراج، بل قنابل تم وضعها فيها، الخاطفون ما زالوا على قيد الحياة وتم تزوير تسجيلات إبن لادن.
إن عبارة “المؤامرة 11/9″ تنتج عنها ملايين النتائج في “غوغل”. وحسب احدى النظريات فقد تم تحذير آلاف الموظفين اليهود مسبقا حيث تغيبوا في ذلك اليوم عن عملهم. والى ذلك تنضم “حقيقة” أن بعض أوائل المصورين للهجمات كانوا يهودا. قبل بضع سنوات كشف استطلاع في سي.ان.ان أن ثلث الامريكيين يعتقدون أن الهجمات لم تتم على أيدي أعداء الولايات المتحدة بل كانت “عملا داخليا”. يؤمن الكثيرون أن الحديث يدور عن مؤامرة يهودية اسرائيلية بالتعاون مع الموالين للصهيونية في الادارة.
لا يوجد لذلك أي دليل بسيط، لكن غياب الأدلة لا يمنع انجذاب الامريكيين القوي لنظريات المؤامرة. فكلما كانت النظرية هستيرية أكثر كلما زاد عدد من يؤمنون بها. إن أساس المسألة هو الايمان العميق لدى ملايين الامريكيين بأن الادارة الامريكية وقادة الدولة ومؤسساتها ليسوا ما يدعون أنهم عليه. وأن هناك قوى خفية تعمل بشكل متواصل من اجل مصالح خفية، وأن كل ما يحدث ويتم بثه هو مؤامرة. هذا النقاش مدوي في كثير من الافلام والبرامج، وهو ايضا جزء من تفسير سبب الانجذاب لشخص مثل دونالد ترامب، حيث أن جهاز كشف الكذب كان سيسخن ويحترق من الاكاذيب في خطاباته.
الشعور بأن الحكومة تقوم بخداع الجمهور له أساس. الفجوات العميقة في الولايات المتحدة تكشف عن فجوة كبيرة بين الثراء والقوة وبين واقع الحياة الصعب لكثير من المواطنين. ولكن بدل مواجهة التشوه الحقيقي للطريقة الاقتصادية – الاجتماعية والعلاقة الفاسدة بين المال والسلطة وخيبة أمل الجمهور، فان هناك قوى تأخذ عدم الثقة وخيبة أمل الجمهور الى آفاق مرضية من اجل الربح السياسي.
منذ سنوات تقول بعض الجهات في اليمين إن اوباما لم يولد في الولايات المتحدة، وأنه قام بتزوير شهادة ميلاده، لذلك لا يمكنه أن يكون رئيسا. وهذا الامر لم يعد يعتبر هنا نظرية غريبة، بل جزءً من التشكيلة السياسية لليمين. لم يكن مفاجئا أن أحد البارزين الذين ينشرون المؤامرة حول مكان ولادة اوباما، كان ترامب. فمحيطه مصاب بهذا المرض. الشبكات الاجتماعية وكثير من المؤيدين له مملوءة بنظريات المؤامرة التي بعضها لاسامية. في ظل أجواء كهذه يزداد “من يحملون المرض”، الذين يحملون النظريات حول الامراض الصعبة لكلينتون وكأنها مصابة بها. يصعب فهم النسبة الكبيرة من الامريكيين الذين يعتقدون أن كلينتون لا تتحلى بالأمانة، دون فهم “النبش” الذي قام به اصحاب المؤامرة على مدى سنوات ضدها وضد زوجها. إنهم يستعدون مع عدد من الاكاذيب والتزوير في الانتخابات لقول ذلك في حال انتصارها، وترامب يُظهر عدم الخجل ولا يتردد في طرح ادعاءات كهذه. هذه الروح الفارغة تبشر الرئيسة الاولى بولاية مملوءة بالعقبات.
الجمهوريون رفيعو المستوى الذين يتحفظون من ترامب يمكنهم اتهام أنفسهم فقط. فقد سمحوا لهذا السم بأن يبقى طوال سنوات، بل استغلوه لأغراضهم. ترامب هو نتيجة مباشرة لتهيئة القلوب لـ “حفل الشاي” والتحريض من قبل الحزب الجمهوري. وفي الوقت الحالي يستغل ترامب ذلك لاغراضه الخاصة.
هآرتس