كلينتون عميلة إسرائيلية؟ : فيليب جيرالدي
في 5 أغسطس آب سخر نائب رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية السابق مايكل موريل من المرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترامب قائلا انه “عميل غير مقصود لروسيا”، لقد دون موريل هذه الكلمات في مقال افتتاحي لصحيفة “نيويورك تايمز”، حيث قال: “الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضابط مخابرات، جرى تدريبه للتعرف على نقاط ضعف الأفراد واستغلالهم، وهو يستخدم ذلك في الانتخابات التمهيدية”. ولكن يبدو الامر مختلفا ضباط المخابرات في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية يفعلون ذلك مع الناخبين.
ولقد لاحظت سابقا كيف استخدم تعبير “وكيل عن غير قصد” جنبا إلى جنب مع “التجنيد”، ولكن أود أن أضيف شيئا أكثر وضوحا عن موريل.
كان موريل محلل الوكالة، وليس جاسوسا قضى معظم حياته المهنية في واشنطن وما حولها. النقطة البارزة في خبرته المهنية في وكالة الاستخبارات المركزية تتألف من البيان الموجز لجورج بوش.
لم يكن موريل مدربا في سياق يعتمد الجهاز الشاق الذي تستخدمه وكالة الاستخبارات المركزية التشغيلية في التوظيف وهذا يعني أن فهمه للعمليات الاستخباراتية وللوكلاء ثانوية. إذا اردت تجنيد عميل فانت اذن مسيطر عليه وتقول له ما يجب القيام به، العميل قد لا يعرف من هو بالضبط، و لكنه لا يمكن أن يكون جند عن غير قصد.
يبدو ان موريل لديه ميل لتقديم الوعود التي ينبغي على الآخرين توفيرها، ولكن ربما هذا ما يقوم به كبار المسؤولين في الحكومة الأميركية. كما انه لم يدرب على العمليات شبه العسكرية التي تتبعها وكالة الاستخبارات المركزية، والتي يجب ان يأخذها بعين الاعتبار عندما يطلق التصريحات حول الرغبة في قتل الروس والإيرانيين لمنع معارضتهم لسياسية الولايات المتحدة في سوريا، كما فعل في مقابلة تشارلي روز في 6 أغسطس.
يبدو ان موريل غافل عن احتمال الحديث عن اغتيال الاجانب الذي يمكن اعتباره إرهابا ترعاه الدولة، ويمكن أن يشعل الحرب العالمية الثالثة. من المستبعد جدا أنه كان ينوي هو أو رئيسه المباشر الخروج لقطع الحناجر أو ضرب الرؤوس قبالة الشياطين الخارجيين الذين يسعون إلى إفشال “أميركانا باكس”. ولا يمكن ان نتوقع ان نكون على خط النار عندما يسعى أقارب هؤلاء الضحايا الانتقام، وسيتم العثور على شخص آخر بتدريب مناسب للقيام بكل تلك الأشياء وتحمل العواقب.
كان موريل ضابطا كبيرا وربما كان يعلم شيئا لا نعرفه نحن، لذلك دعونا نفترض أنه نوع من الخطأ بانه استخدم تعبير “تجنيد العميل جاء عن غير قصد “. دعونا بدلا من ذلك نبحث عن شخصيات سياسية أميركية أخرى قد تكون إما عمدا أو عن غير قصد قد جندت لخدمة مصالح حكومات أجنبية، وهو ما اراد مايكل موريل ان يقوله حول ترامب.
فمن هو المذنب في تفضيل مصالح الحكومات الاجنبية على مصالح الولايات المتحدة؟ أعرف أن هناك دعاة طليقين في واشنطن يعملون لصالح إسرائيل، وهم الاكثر تراودا الى الاذهان لأن هناك الكثير منهم، فهم ممولين جيدا وناجحين جدا. منهم عضو الكونغرس السابق توم لانتوس والسناتور فرانك لوتنبرج وتشاك شومر، تشاك غراسلي، بن كاردين، بوب مينينديز، توم كوتون، ومارك كيرك، نيتا لوي، تيد دويتش، براد شيرمان، إليانا-روس ليهتينين وديبي واسرمان شولتز على سبيل المثال لا الحصر في الكونغرس . كلهم متلقين رئيسيين وذات صلة باللوبي الإسرائيلي ومن المدافعين الموثوقين عن إسرائيل مهما فعل بنيامين نتنياهو وبغض النظر عن مدى أثره في الولايات المتحدة.
ثم هناك بيل وهيلاري كلينتون. وما علينا إلا أن نعود إلى دبلوماسية بيل الموالية لإسرائيل في كامب ديفيد في العام 2000 ليتبين لنا كيف جرت اللعبة. وبعد ذلك كان هناك إدانة واسعة في يناير 2001 للعفو عن وكيل الموساد مارك ريتش، الذي كانت زوجته دينيس مساهمة رئيسية لكلينتون، مما يدفعنا لندرك أن هناك دائما احتراما للمصالح الإسرائيلية وخصوصا فيما يتعلق بالمال. المشكلة الوحيدة هي أن اعتماد كلينتون على صياغة موريل، ربما تكون أكثر من معقولة حيث كان يدعم بنشاط السياسات الإسرائيلية حتى عندما كانت تضر بمصالح الولايات المتحدة. من البداية فإن إرضاء إسرائيل والوصول إلى رضا اللوبيات اليهودية سيكون عنصرا رئيسيا في ارتفاع شأن أي شخص على الساحة السياسية الأميركية . والامور تسير بالتأكيد على هذا النحو.
جريمة ترامب، لا موريل هي أنه خائن للولايات المتحدة لأنه ليس معاديا للشرير فلاديمير بوتين، وهو ما يعني بطريقة ما أنه يتم التلاعب به من قبل الذكي الروسي بما فيه الكفاية. دعا ترامب لعلاقة عمل إيجابية مع بوتين والعمل معا لسحق داعش،في حين يحجم عن تبني التورط في أي تدخلات عسكرية إضافية في الشرق الأوسط أو في أي مكان آخر، الأمر الذي يجعله على نقيض من السياسة الخارجية لكلينتون التي يروج لها موريل.
بالمقارنة مع فساد وغدر كلينتون، سياسة ترامب الخارجية تجعله صريحا الى حد كبير. لفهم كلينتون يمكن للمرء أن ينظر الى مئات الملايين من الدولارات، التي تدفقت عليها من مصادر خارجية بينما كانت هيلاري وزيرة الخارجية. وهناك أدلة واضحة من بريدها الالكتروني أن هيلاري استغلت موقف حكومتها لصالح كل الداعمين الماليين الأجانب والمحليين.
كان يقود المنح الأجنبية الفردية لمؤسسة كلينتون بين عامي 1999 و 2014 الأوكراني فيكتور بينشوك، الذي ادار بين 10 و 25 مليون $ لمبادرته العالمية، وقد سمح لكلينتون باستخدام طائرته الخاصة، وحضر عيد ميلاد بيل الـ65 الهوليدي وابنته استضافت تشيلسي وزوجها في رحلة الى اوكرانيا. بينشوك يهودي متزوج من ابنة الرئيس الأوكراني السابق الفاسد المعروف ليونيد كوتشما. مرتبط بشكل وثيق جدا بإسرائيل، وهو مؤيد لتغيير النظام في بلاده، تبرع بالكثير من المال في حين كانت هيلاري وزيرة للخارجية وبـ 5 مليار $ “لدمقرطة” أوكرانيا . رتبت كلينتون عشرات الاجتماعات مع مسؤولي وزارة الخارجية لصالح بينشوك.
تفضل هيلاري وبيل الميول الاسرائيلية في مسألة السجل العام، وأكدت صحيفة هآرتس الإسرائيلية أنه من بين جميع المرشحين السياسيين في الانتخابات التمهيدية كانت كلينتون صاحبة أطول سجل في ارتباطهامع إسرائيل، وامضت عشرات السنين مدافعة عن “الدولة اليهودية”. وفي كلمة امام ايباك وعدت برفع مستوى التحالف بين الولايات المتحدة وإسرائيل، ممول هيلاري الرئيسي الحالي لخوض الانتخابات الرئاسية هو حاييم سابان، الاسرائيلي الذي وصف نفسه بأنه “رجل” القضية الواحدة وهي إسرائيل.
هيلاري كلينتون تفتخر بأنها “وقفت مع إسرائيل مجمل حياتها المهنية”. موقعها على الانترنت يدل على وعودها بالحفاظ على “التفوق العسكري النوعي لإسرائيل لضمان تزويد الجيش الإسرائيلي باحتياجاته لردع وهزيمة العدوان”، “والوقوف ضد المقاطعة، وسحب الاستثمارات منها وحركة العقوبات (BDS)، و”قطع جهود الاعتراف من جانب واحد بقيام الدولة الفلسطينية خارج إطار المفاوضات مع إسرائيل”. وفي رسالة إلى حاييم سابان، أعلنت هيلاري “إننا بحاجة لمكافحةالمقاطعةكأولوية” وهو ما يعني أنها مستعدة لدعم القوانين التي تحد من حقوق التعديل الأول في الولايات المتحدة في سبيل الدفاع عن المصالح الإسرائيلية.
كجزء من الدعم لإدارة أوباما قامت هيلاري كلينتون في البداية بتأييد محاولات الضغط على إسرائيل بشأن المستوطنات غير الشرعية ولكن الآن لم تعد تدعم هذا الموقف، ونادرا ما تنتقد هذه “المشكلة” كما لم تقم بأي خطوة لإقناع نتنياهو بعكس سياسته . والجدير بالذكر، انها كانت تنتقد مرارا الهجمات ضد الإسرائيليين ولكن لم تقر أبدا بوحشية الاحتلال الإسرائيلي على معظم الضفة الغربية، فكل ضحية اسرائيلية يقابلها عشرة فلسطينيين.
دعمت كلينتون الحرب الاسرائيلية التي شنت العام 2014على قطاع غزة، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 500 طفل، مشيرة الى انها استجابة مناسبة لاستفزاز حماس. في الحملة الانتخابية مؤخرا دافع زوجها بيل بمكر عن موقف هيلاري من غزة، معتبرا أن “حماس ذكية حقا… عندما تضرب صاروخ على إسرائيل فهي تستهدف المستشفيات، والمدارس … ” فهو وضع كل اللوم على الفلسطينيين، وليس على الإسرائيليين. وعندما بدأت وسائل الإعلام بالتحقيق في محنة المدنيين المحاصرين في غزة رفضت هيلاري وصف وضع اهالي غزة بالكارثة الانسانية، بل قالت “هم محاصرون من قبل قيادتهم لسوء الحظ.”
في وقت سابق، عندما كانت هيلاري عضوا في مجلس الشيوخ عن نيويورك، دعمت بناء إسرائيل للجدار العازل على الأراضي الفلسطينية، وايدت الحرب المدمرة التي شنتها إسرائيل على لبنان وقطاع غزة في العام 2006. وبررت حملة القصف قائلة ان “القصف هو رسالة إلى حماس وحزب الله، والسوريين، والإيرانيين – وللذين يسعون إلى الموت والهيمنة بدلا من الحياة والحرية …” وبعد مقتل أكثر من تسع مائة مدني في الهجوم صوتت كلينتون في الكونغرس ضد مشروع وقف توريد القنابل العنقودية إلى البلدان التي تستخدمها ضد المدنيين جنبا إلى جنب مع 69 عضو من أعضاء مجلس الشيوخ الآخرين المؤيدين لإسرائيل.
تتمتع هيلاري بعلاقة وثيقة وخاصة مع نتنياهو، وكتبت في تشرين الثاني قائلة: “أود أن أدعو رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى البيت الأبيض في الشهر الأول من منصبي”. وعملت بجد “للتأكيد على ان التعهدات مع إسرائيل غير قابلة للكسر– ومع بنيامين نتنياهو” . “وقد تباهت بكونها واحدة من المروجين لزيادة المساعدات السنوية لإسرائيل وبينما كانت ووزيرة الخارجية استخدمت مرارا حق النقض في مجلس الأمن للدفاع عن اسرائيل في الأمم المتحدة.
اصبح واضحا من هو المرشح الرئاسي الذي يعزز مصالح الدول الاجنبية بالطبع ليس ترامب. هيلاري لا تتردد في القول بأن إسرائيل هي الصديق وتقول العكس عن روسيا هي نقطة مثيرة للاهتمام فإسرائيل في واقع الأمر ليست حليفا وتتجسس علينا وتنسخ التكنولوجيا العسكرية لإعادة تصديرها إلى دول مثل الصين. في الواقع، الجاسوس الأكثر ضررا في تاريخ الولايات المتحدة جوناثان بولارد يعمل لصالح إسرائيل. على الرغم من كل ذلك تستمر إسرائيل بالاستفادة من الخزينة بمليارات الدولارات سنويا في حين لا تزال تتجاهل واشنطن في السياسات المعتدلة التي تضر بالمصالح الأميركية، هذا بالضبط ما قامت به موسكو لإلحاق الأذى بنا منذ انتهاء الحرب الباردة؟ ونحن نزيد الضغوطات على روسيا ونكافيء إسرائيل، فهل هذا الافتراض غير المنطقي سيؤدي سيجلب الفوائد للشعب الأميركي؟.
ترجمة: وكالة اخبار الشرق الجديد-ناديا حمدان