مقالات مختارة

عرب اسرائيل.. الوسط الجديد: يديديا شتيرن

 

من هم مواطنو اسرائيل العرب؟ هويتهم المدنية – اسرائيلية؛ هويتهم القومية – فلسطينية. ثمة من يسعى الى تأكيد معنى هذه الهوية المركبة: اليهود الذين يطالبون “بالولاء” للدولة كشرط لمنح حقوق متساوية للمواطنين العرب من جهة، والعرب الذين يطالبون بالغاء الطابع اليهودي للدولة كشرط للتعاون من جهة اخرى.

هؤلاء واولئك على حد سواء يسعون الى دفع علاقات اليهود والعرب في اسرائيل الى عاصفة عاطفية شديدة من الاشتباه والتشهير للاخر. ليس فقط من يقف في القطبين يشاركون في اللعبة- اورن وحنين، زعبي وحزان – بل وأطراف واسعة من السياسيين اليهود والعرب ممن يحفرون وينبشون في مرابض الكراهية والغربة.

غير أن استطلاعا فلسطينيا – اسرائيليا مشتركا اجراه البروفيسور هيرمان من المعهد الاسرائيلي للديمقراطية ود. شقاقي من المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والاستطلاعات ونشر في الاسبوع الماضي، يكشف النقاب عن حقيقة مشوقة: عرب اسرائيل من ناحية مواقفهم من “النزاع″ والعلاقات بين اسرائيل والفلسطينيين يشكلون مجموعة وسط واضحة. هناك – في سخنين، الناصرة، كفر ياسيف ورهط – تعيش مجموعة كبيرة ذات أراء مختلفة على نحو واضح، سواء عن أراء اليهود – الاسرائيليين أم عن أراء الفلسطينيين في الضفة وفي قطاع غزة. هذه الاراء جديرة بالانتباه: فهي تبث نورا بدلا من الظلام على نحو خاص.

مواطنو اسرائيل العرب هم الاكثر تفاؤلا بالنسبة للمستقبل المشترك. فبينما نحو نصف الفلسطينيين واليهود في اسرائيل فقط يؤيدون حل الدولتين، فان أغلبية ساحقة (87 في المئة) من عرب اسرائيل يتبنون هذا الحل. عندما يطرح اقتراح لـ “تسوية رزمة” شاملة للنزاع – تصف بخطوط عامة الاقتراحات التي كانت على طاولة المفاوضات في جولات سابقة – التأييد لها في اوساط الفلسطينيين وفي اوساط اليهود قليل (39 في المئة في كل واحدة من المجموعتين)، بينما عرب اسرائيل يتبنونها من الحائط الى الحائط (90 في المئة). الاعتراف المتبادل لفلسطين واسرائيل كوطنين قوميين لشعبيهما تؤيده اقلية الفلسطينيين (40 في المئة)، اغلبية اليهود (64 في المئة) وتقريبا كل عرب اسرائيل (91 في المئة).

كما ان فحصا موضعيا اكثر يبين تميز مواقف عرب اسرائيل: بالنسبة للحل الوسط في القدس، نحو 30 في المئة من الفلسطينيين ومن اليهود فقط مستعدون لان يكون شطرا المدينة عاصمتين للدولتين، بينما نحو ثلاثة ارباح عرب اسرائيل مستعدون لذلك. بالنسبة لمشكلة اللاجئين: فحصت امكانية أن تسمح اسرائيل بعودة مئة الف فلسطيني في اطار جمع شمل العائلات، فيما يحصل كل الباقين على تعويضات ويتمكنون من العودة الى الدولة الفلسطينية فقط: اليهود يرفضون ذلك (17 في المئة تأييد)، الفلسطينيون منقسمون (49 في المئة) وعرب اسرائيل يقفون بجموعهم خلف هذا الحل (84 في المئة).

ما هي التطلعات بعيدة المدى للفلسطينيين تجاه اسرائيل؟ عدد اليهود الذين يعتقدون بان الفلسطينيين يريدون احتلال اسرائيل وإبادة اليهود هو خمس اضعاف عدد عرب اسرائيل ممن هذا هو رأيهم (40 في المئة مقابل 8 في المئة). ليس في هذا ما يلطف حدة الخوف من الارهاب الفلسطيني، الذي هو عال لدى كل الاسرائيليين – اليهود (72 في المئة)، المستوطنين (64 في المئة)، والعرب (62 في المئة).

وماذا بالنسبة للخوف من الاخر بصفته هذه؟ 65 في المئة من اليهود يخافون من الفلسطينيين، 45 في المئة من الفلسطينيين يخافون من اليهود، اما عرب اسرائيل فلا يخافون: فقط 20 في المئة يبلغون عن خوف من اليهود. المفارقة مكشوفة: بينما يخاف طرفا النزاع الواحد من الاخر، فان الاقلية القومية العربية في الدولة اليهودية تعيش باحساس من الامن عال نسبيا. وختاما، بينما مستوى الثقة المتبادلة لليهود والفلسطينيين متدنية للغاية (24 في المئة و 11 في المئة على التالي) فان معظم عرب اسرائيل (56 في المئة) يبدون ثقة باليهود.

لا حاجة للموافقة على المواقف التي يتميز بها مواطنو اسرائيل العرب، ولكن يجب الاعتراف: هذا صوت وسط، مستقل، غير حماس. ليس بينه وبين الكاريكاتير الذي يرسمه الصارخون اليهود من اليمين والصارخون العرب من اليسار – أي صلة.

يديعوت     

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى