يجب الاستمرار في محاكمة بن اليعيزر بعد وفاته: يوفال يوعز
إن موت شخص هو أمر مؤسف، حتى لو ذهب الى العالم الآخر في سن الشيخوخة وفي ظروف طبيعية. موت شخصية سياسية عملت في المجال العام يهم كل الجمهور وليس فقط دائرة مقربيه واصدقائه. الوزير السابق بنيامين بن اليعيزر الذي توفي أول أمس عن عمر يناهز الثمانين سنة، يجب علينا تذكره بسبب اعماله على مدى عشرات السنين، ليس فقط بكونه مشبوها ومتهما بالفساد، كما تبين في السنوات الاخيرة. وفي نفس الوقت ليس من الصحيح تشويش الحقائق المتعلقة به، التي هي مؤسفة بغض النظر.
في كانون الاول الماضي تمت محاكمة بن اليعيزر على عدد من الاتهامات الخطيرة، منها تلقي رشوة بملايين الشواقل وتبييض الاموال والاخلال بالثقة ومخالفات ضريبية. وتتحدث لائحة الاتهام عن الفترة الاقصى التي تسمح بها قضية التقادم في القانون الجنائي – سبع سنوات بين 2007 – 2014. يمكن أنه بسبب هذا الامر لم تكن هناك نقطة سوداء على فترة اطول في عمله العام. بن اليعيزر اتُهم ببساطة بالحصول على مبالغ مالية من رجال اعمال مقابل الخدمات التي قدمها لهم مستغلا نفوذه. هذا هو الفساد في أبهى صوره.
توفي بن اليعيزر وهو بريء من أي تهمة لأنه لم تتم ادانته في أي محكمة جنائية، وبسبب ذلك بقي بريئا. لائحة الاتهام الخطيرة التي تم تقديمها ضده تعتبر بحد ذاتها دليلا اداريا له وزن. ولو كان ما زال وزيرا في الحكومة أو رئيس بلدية لتطلب الامر اصدار لائحة اتهام ضده واقالته من منصبه.
إن محاربة الفساد لها أهمية جماهيرية واخلاقية، اضافة الى محاكمة من يعمل على الاخلال بالقانون وبواجبه في العمل من اجل الجمهور. لذلك توجد حاجة الى استنفاد العملية القانونية في موضوع بن اليعيزر رغم المبدأ القانوني الذي ينص على أن الاجراءات اجنائية ضد أي شخص تتوقف عند وفاته.
وبسبب هذا المبدأ قرر المستشار القانوني للحكومة في حينه، مني مزوز، في 2006 الاستمرار في تحقيق الشرطة في قضية “سيرين كيرن” ضد اريئيل شارون، رغم أنه كان في حالة غيبوبة، وكان واضحا أنه لو تم جمع الأدلة المثبتة ضده، فهو لن يُحاكم. إن كشف الحقيقة في قضايا الفساد له قيمة اجتماعية في الدرجة الاولى، سواء كمسألة مبدئية اخلاقية ومن اجل استمرار مكافحة الفساد العام والحاجة الى الردع.
كان من المفروض أن تتم محاكمة بن اليعيزر حتى نهايتها، بشكل مشابه للمحاكمة التي كانت ستحدث لو بقي على قيد الحياة. معنى الامر هو أن على المحكمة تحديد الاستنتاجات حول الرشوة التي حصل عليها حتى لو امتنعت عن ادانته أو تبرئته بشكل رسمي.
هذا الحسم مطلوب ايضا من اجل التعاطي مع الممتلكات وجباية الضريبة، التي هي نتيجة للاتهامات الجنائية التي جاءت في لائحة الاتهام ضده. كل تنازل أو تراجع عن الموقف الذي اتخذته النيابة عند محاكمة بن اليعيزر سيكون جائزة لعائلة اليعيزر – أي اعطاء جائزة للعائلات التي يعتبر جزء من املاكها هو نتيجة لعمليات الفساد.
كل ذلك يجب فعله مع مراعاة الحفاظ على احترام الميت بقدر الامكان ودون الاساءة اليه (لأنه لا يمكنه الدفاع عن نفسه). ولكن الحفاظ على المبدأ الديني والاخلاقي حول احترام الميت لا يجب أن يجعلنا نغمض أعيننا عن الحقائق التي يجب توضيحها في المحكمة.
هآرتس