ماذا يعني “صقور الحرب” عندما يقولون “لا لترامب”؟: ريبيكا جوردون
يبدو مستغربا وغير مألوف ان يخرج الجمهوريون برسالة مفتوحة يعلنون فيها أن المرشح للرئاسة لا يصلح لمنصب الرئاسة، لكن في الآونة الأخيرة هذا النوع من الامور يحدث كثيرا. أحدث مثال على ذلك: هو قياماكثر من 50 ممثلا من جهاز الأمن الوطني، ممن خدموا في عهد الرؤساء الجمهوريين من رونالد ريغان إلى جورج دبليو بوش، ليعبروا عبر رسالة موقعة عن قلقهم من دونالد ترامب.هم يعتقدون أننا يجب أن نكون متنبهين إلى حقيقة أن الجمهوريين يرفعون لواء “من يفتقر إلى الطابع، والقيم، والخبرة ليكون رئيسا .”
وهذا صحيح بالطبع، لكنه مستغرب لأنه قادم من هذه الزمرة، فمن الموقعين على الرسالة: مستشار كوندوليزارايس عند ترشحها لمجلس الأمن القومي (جون بلينجر الثالث)، رجل جورج دبليو بوش الذي كان يدير وكالة الاستخبارات المركزية والذي كان يدير أيضا وكالة الأمن القومي (مايكل هايدن)، سفير إدارة بوش إلى الأمم المتحدة والعراق (جون نيغروبونتي)، مهندس سياسة المحافظين الجدد في الشرق الأوسط والتي أدت إلى غزو العراق، والذي عمل كرئيس للبنك الدولي (روبرت زوليك). باختصار، هذه القائمة خاصة “بمجرمي الحرب”.
رسالتهم “تضعف السلطة المعنوية للولايات المتحدة كزعيمة للعالم الحر“
دعونا نبدأ من الماضي القريب: “زعيم العالم الحر”. هذا ما كان يستخدمه الصحافيون لاستدعاء انتباه رئيس الولايات المتحدة، وأحيانا البلد ككل، خلال الحرب الباردة، وقد حصل ذلك بين نهاية الحرب العالمية الثانية وانهيار الاتحاد السوفياتي، وشمل “العالم الحر” كل البلدان الناطقة باللغة الإنجليزية خارج أفريقيا، جنبا إلى جنب مع أوروبا الغربية وأميركا الشمالية وبعض الأنظمة الديكتاتورية في أميركا الجنوبية، ودول مثل الفلبين التي لديها علاقة استعمارية جديدة مع الولايات المتحدة.
قاد هؤلاء حملاتهم ضد الاتحاد السوفيتي وعملوا لقيام عالم خال من الامم المتحدة، بما في ذلك إخضاع دول حلفوارسو في أوروبا الشرقية، ودول البلطيق من ليتوانيا، لاتفيا، واستونيا، وجمهورية الصين الشعبية (لجزء من هذه الفترة) وكوريا الشمالية، وبالطبع كوبا. الأميركيون الذين نشأوا في هذه السنوات على علم بان اولئك الذين يعيشون وراء “الستار الحديدي” ليسوا أحرارا. رأينا الاعلانات على الحافلات وإعلانات الخدمة العامة في التلفزيون وطلب التبرعات لإذاعة أوروبا الحرة.
لا يوجد لدي اي شك في ان مواطني أوروبا الشرقية كانوا بعيدين كل البعد عن الحرية. ولكن، كيف شعر نظراؤهم في البرازيل والارجنتين، وتشيلي، والدكتاتوريات الفلبينية بالحرية .
الخصوم العظام، جنبا إلى جنب مع الدول الواقعة في نطاق نفوذهم، -غالبا ما يطلق عليهم اسم الدول الاولى والثانية-. يعامل حكامهم في بقية الكوكب – على انهم عالم ثالث – وكرقعة شطرنج تنقل عبرها الجيوش وفي بعض الأحيان تكون هدف صواريخهم. رفضت بعض الدول في العالم الثالث أن تكون بيادق في لعبة القوة العظمى، وخلقت حركة عدم انحياز، و سعت إلى الجمع بين اختيارين أحلاهما مر وهما سندان الولايات المتحدة ومطرقة الاتحاد السوفياتي.
ومن بين مؤسسيها بعض عظماء العالم الثالث القوميين: سوكارنو من أندونيسيا، جواهر لال نهرو من الهند، كوامي نكروما من غانا، وجمال عبد الناصر من مصر، جنبا إلى جنب مع الرئيس اليوغوسلافي جوزيف بروز تيتو.
البلدان الأخرى لم يحالفها الحظ، وقد استخدمت أميركا الوسطى أيضا كساحة للحرب الباردة، حيث خاضت واشنطن الحروب بالوكالة خلال العام 1980في غواتيمالا والسلفادور، ونيكاراغوا. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الولايات المتحدة مولت ودربت، وسلحت الديكتاتورية العسكرية في هندوراس، حيث كان جون نيغروبونتي سفير الولايات المتحدة بين الاعوام 1981-1985 – واحد من الموقعين على رسالة مكافحة ترامب-.
الاتحاد السوفياتي بطبيعة الحال انتهى منذ فترة طويلة، ولكن “العالم الحر” لا يزال على ما يبدو، وكما يشير المسؤولون الأميركيون في بعض الأحيان على انهم الزعماء – وهو التعبير الذي يتضمنمعنى واحد في سياق العالمين المزدوجين. بعد الاتحاد السوفياتي يصعب أن تعرف بالضبط شكل التكوين القومي أو الجغرافي “للعالم غير الحر” هل هو (كما وصفه دونالد ترامب) اي من يعيش تحت الحكم العربي أو الاسلامي؟ أو يمكن أن يكون كظاهرة غير متبلورة نسميها “الإرهاب” أو “الإرهاب الإسلامي” الذي يمكن أن يصل في بعض الأحيان إلى “العالم الحر” ويذبح الأبرياء كما حصل في سان برناردينو بولاية كاليفورنيا، وأورلاندو، فلوريدا، او نيس، فرنسا؟ أو يمكن أن يكون كالاتحاد السوفييتي القديم الذي جسده من جديد فلاديمير بوتين في روسيا أو حتى يمثل صعود الرأسمالية الصينية التي لا يزال يسيطر عليها الحزب الشيوعي؟.
فقدان الخصم الأساسي والتشويش على كوكبنا دفع جورج دبليو بوش الى تقسيم العدو من “إمبراطورية الشر” في عهد ريغان (الاتحاد السوفياتي) إلى ثلاثة “دول مارقة” العراق، إيران ، وكوريا الشمالية، حتى انهم وصفوا أمام الكونغرس على انهم “محور الشر”. العراق: أكاذيب على الانقاض. ايران: وقعت معها واشنطن مؤخرا معاهدة نووية، كوريا تبدو عاجزة حتى إطعام سكانها. ولحسن حظ العالم الحر، فان إدارة بوش كانت تواجه بعض الأعداء من الدرجة الثانية. في العام 2002 أضاف جون بولتون، وكيل وزارة الخارجية (وسفير واشنطن في الامم المتحدة) مجموعة أخرى على “محور الشر” – وهي ليبيا وسوريا وكوبا-. ومن الثلاثة كوبا فقط لا تزال أمة فاعلة.
وبالمناسبة، نجوم الأمن الوطني الجمهوري الـ 50 الذين استنكروا ترشيح دونالد ترامب تحولوا إلى شراكات جيدة بشكل ملحوظ.
بعد حروبها في القرن الحادي والعشرين، كان هناك تطورات اخرى تمثلت “بالمواقع السوداء”، منها غوانتانامو، فمن الصعب أن نتخيل مدى ضعف “السلطة الأخلاقية” في الوقت الحاضر في الولايات المتحدة. أولا، أعطت العالم ثماني سنوات من الغزو الاميركي الذي شنه جورج بوش بشكل غير قانوني على أفغانستان والعراق، وكذلك مواقع التعذيب الخاصة بوكالة الاستخبارات المركزية، ثالثا، “تعزيز أساليب الاستجواب”، وبرنامج عمليات الخطف العالمي غير القانوني للإرهابيين المشتبه بهم (وبعضهم ثبت براءتهم من أي شيء). في عهد الرئيس أوباما، تداولت تقنيات الاستجواب المعززة، والاغتيال عبر الطائرات بدون طيار (مرة أخرى خارج أي “قانون” خاص بالحرب، او بغيرها من الوثائق القانونية التي تنتجها وزارة العدل لتبرير مثل هذه الأعمال).
عندما تولى باراك أوباما منصبه في يناير 2009 أول أمر تنفيذي له كان حظر برنامج التعذيب الذي اتبعته وكالة الاستخبارات المركزية. ومن ثم بدا كما لو ان النسيج الأخلاقي للبلاد قد تشنج. ولكن عندما يتعلق الأمر بمساءلة الجلادين، فانه يتعين على البلاد “التطلع الى الامام بدلا من النظر إلى الوراء”، ولكن وزارة العدل رفضت محاكمة أي منهم، ومن الصعب بالنسبة لأي بلد الحفاظ على سلطته الأخلاقية في العالم اذا رفض ممارسة تلك السلطة داخل البيت.
اثنان من الموقعين على هذه الرسالة يشعرون بالقلق من تأثير ترامب على السلطة المعنوية للولايات المتحدة نفسها، ولعبوا أدوارا خاصة في “إضعاف” السلطة الاخلاقية للولايات المتحدة من خلال مشاركتهم ببرامج التعذيب الخاصة بوكالة الاستخبارات المركزية: جون بلينجر الثالث ومايكل هايدن.
26يونيو هو اليوم العالمي للأمم المتحدة لمساندة ضحايا التعذيب، بمناسبة هذا اليوم في العام 2003، أصدر الرئيس بوش بيانا اعلن فيه ان “التعذيب في أي مكان هو إهانة لكرامة الإنسان في كل مكان. وتلتزم الولايات المتحدة بالقضاء على التعذيب في العالم ونحن نقود هذه المعركة بالأمثلة. “
حمل تقرير واشنطن بوست يوم خطاب الرئيس أيضا اقتباس من نائب السكرتير الصحفي للبيت الأبيض سكوت ماكليلان مفاده أن جميع السجناء المحتجزين من قبل حكومة الولايات المتحدة يعاملون “معاملة إنسانية.” جون ريزو، الذي كان آنذاك نائب المستشار العام لوكالة الاستخبارات المركزية دعا جون بلينجر، المستشار القانوني لكوندوليزا رايس في مجلس الأمن القومي، لكي يعرب عن قلقه حول ما قاله كل من الرئيس وماكليلان.
كانت المشكلة – كما ريزو ورئيسه، مدير وكالة الاستخبارات المركزية جورج تينيت، يعرف – بان العديد من المعتقلين الذين احتجزوا من قبل وكالة الاستخبارات المركزية لم يعاملوا معاملة إنسانية. ويجري تعذيبهم أو سوء معاملتهم بطرق مختلفة، وأرادت وكالة الاستخبارات المركزية التأكد من أنه لا يزال لديهم دعم من البيت الأبيض للموافقة على برنامج “الاستجواب المعزز”، لأنها لا تريد أن تترك الامور معلقة بها اذا خرجت الحقيقة الى العلن. ايضا هم يريدون من البيت الأبيض أن يتوقف عن الحديث عن المعاملة الإنسانية للسجناء.
وفقا لمذكرة داخلية خاصة بوكالة الاستخبارات المركزية، عقد جورج تينيت في 29 يوليو 2003، لقاء في مكتب كونداليزا رايس للاطمئنان على أن وكالة الاستخبارات المركزية ستغطي على المسالة إذا كشفت الحقيقة حول التعذيب. بيلينجر اعتذر نيابة عن الإدارة، موضحا أن السكرتير الصحفي للبيت الابيض “ذهب خارج النص” من خلال العودة عن طريق الخطأ إلى “نقاط الحوار القديمة”، وأيضا “تعهد بتوقف المكتب الصحفي للبيت الأبيض عن الإدلاء ببيانات حول هذا الموضوع والقول إن الولايات المتحدة تمتثل بالتزاماتها بموجب القانون الأميركي“.
وفي نفس الاجتماع تطرق كبير مستشاري تينيت سكوت مولر، لتفاصيل اساليب الاستجواب المعززة، بما في ذلك الإيهام بالغرق، ليفهم كل من بيلينجر ورايس، على ماذا كانوا يتسترون.الكثير من أجل “السلطة الأخلاقية” لجون بلينجر الثالث.
أما بالنسبة لمايكل هايدن (الذي شغل عدة مناصب في جهاز الأمن الوطني)، كان احد الأفعال التي قام بها كمدير لوكالة الاستخبارات المركزية الموافقة في العام 2005 على تدمير أشرطة فيديو من جلسات الإيهام بالغرق. وفي رسالة لموظفي وكالة الاستخبارات المركزية، كتب قائلا إن الأشرطة دمرت “فقط بعد أن تقرر أنها لم تعد ذات قيمة ولا تمت بصلة لأية استفسارات داخلية، تشريعية أو قضائية.”تدمير هذه الأشرطة يعني انه لم يعد متاحا أي استفسار تشريعي أو قضائي في المستقبل.
وتابعت الرسالة: “على الرغم من عدم وجود قيمة استخبارية … الا ان تلك الأشرطة تشكل خطرا أمنيا خطيرا، فتسريبها يسمح بتحديد اسم الزملاء الذين خدموا في برنامج وكالة الاستخبارات المركزية، مما يعرضهم وأسرهم إلى الانتقام من قبل تنظيم القاعدة والمتعاطفين معها “.
على المرء أن يتساءل عما إذا كان هايدن أكثر قلقا على “أمن” زملائه في وكالة الاستخبارات المركزية من تنظيم القاعدة أو من الملاحقة القضائية، في أي حال، قال هو حرم الجمهور – وأي مدع افتراضي في المستقبل من الأدلة القاطعة على ارتكاب المخالفات.
كما كرس هايدن الكذبة التي تقول بان الضحية الأولى للوكالة في العقاب عبر الإيهام بالغرق، كان أبو زبيدة – 83 مرة – وكان ناشطا في القاعدة وقدم ربع المعلومات التي جمعتها وكالة الاستخبارات المركزية عن القاعدة. وهو في الواقع لم يكن أبدا عضوا في تنظيم القاعدة على الإطلاق في العام 1980، وكان يدير معسكرا لتدريب للمجاهدين في أفغانستان، وقوة تدعمها الولايات المتحدة ضد الاحتلال السوفيتي في ذلك البلد، وكان هذا واحدا من “المقاتلين من أجل الحرية“ –رونالد ريغان-.
بيلينجر حافظ على كذبة أبو زبيدة من خلال القول في العام 2007 نيابة عن كوندوليزا رايس ان غوانتانامو يجب أن يبقى مفتوحا. وقال: “ذلك السجن يخدم غرضا هاما جدا، لعقد واحتجاز الأفراد الذين هم في غاية الخطورة [مثل] أبو زبيدة، واولئك الذين خططوا لأحداث 11/9“واضاف “انه يظهر عدم وجود معرفة أساسية في الدستور الأميركي، وقوانين الولايات المتحدة، والمؤسسات الأميركية …”
هذا هو السطر التالي من الرسالة المفتوحة، وهي بالتأكيد تقييم عادل لدونالد ترامب، لكنه أكثر من مفارقة تم توقيعها من قبل مايكل هايدن الذي بالإضافة إلى دعمه لمشروع تعذيب وكالة الاستخبارات المركزية، أشرف على عمل وكالة الأمن الوطني في برنامج المراقبة السرية في احداث 9/11، حيث سجلت الحكومة هواتف، ونص، واتصالات الإنترنت من عدد غير معروف من الناس داخل وخارج الولايات المتحدة – وكل ذلك من دون إذن قضائي.
ربما يعتقد هايدن في الدستور، ولكن في أحسن الأحوال فإنه يعتمد على معتقداته الانتقائية، هناك التعديل الرابعالمزعج، على سبيل المثال، والذي يضمن“حق الشعب في التمتع بأمنهم الشخصي وامن منازلهم، وأوراقهم، وآثارهم، ضد التفتيش والاحتجاز غير المعقول، لا يجوز أن تنتهك، ولا يجوز إصدار مذكرة بهذا الخصوص إلا في حال وجود سبب معقول، معزز باليمين أو التوكيد ويبين بالتحديد المكان المراد تفتيشه، والأشخاص أو الأشياء المراد احتجازها. “
لا يبدو ان هايدن يعتقد في القوانين والمؤسسات الاميركية، على الأقل عندما يتعلق الأمر بقانون مراقبة الاستخبارات الأجنبية لعام 1978، الذي أنشأ المحاكم السرية التي من المفترض أن تصدر بالضبط هذا النوع من المذكرات التي لم يطلبها هايدن أبدا.
جون نيغروبونتي هو احد الموقعين الذين لديهم تاريخ من الالتفاف على قوانين الولايات المتحدة والكونغرس. فقد قام سفير الولايات المتحدة الى هندوراس، بتطوير برنامج “كونترا” لتعزيز قتال الجيش وتسليحه وتدريبه لإسقاط حكومة نيكاراغوا المجاورة. خلال تلك السنوات، ومع ذلك كانت المساعدات الى “كونترا” في الواقع غير قانونية بموجب القانون الأميركي. وتحظر صراحة تحت ما يسمى تعديلات بولاند لمختلف مشاريع قوانين الاعتمادات، ولكن لا يهم “الأمن القومي” كان على المحك.
في معرض حديثه عن الدستور، فإنه من المفيد أن نلقي نظرة على المادة 6 التي تنص في جزء منها على أن “جميع المعاهدات المعقودة أو التي تعقد تحت سلطة الولايات المتحدة، تكون في المرتبة الأعلى في قانون البلاد.” على سبيل المثال (التهم التي كانت موجهة ضد المسؤولين النازيين في انتهاك نورمبرغ) وميثاق كيلوغ-برياند لعدم اعتداء في العام 1928 والمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، التي لا تسمح باي عمل عسكري على أعضاء الأمم المتحدة“.
في العام 1998 روبرت زوليك احد الجمهوريين الموقعين على الرسالة ندد علنا بترامب، ودعا الى إلغاء تلك المعاهدات. منتسبا لمشروع القرن الأميركي الجديد، وقد كان من بين أولئك الذين حثهم الرئيس الديموقراطي بيل كلينتون لتوجيه “مجموعة كاملة من الجهود الدبلوماسية والسياسية والعسكرية” إلى “إزالة صدام حسين من السلطة.” وكان ذلك ليكون مجرد خطوة أولى في حملة أكبر لخلق “أميركان باكس في منطقة الشرق الأوسط”. وحثت الرسالة على وجه التحديد كلينتون لعدم القلق حول الحصول على قرار من مجلس الأمن، معتبرة ان “السياسة الاميركية لا يمكن أن تستمر نتيجة إصرارهم على الضلال والإجماع في مجلس الأمن الدولي“.واضاف: “انه غير قادر أو غير راغب في فصل الحق عن الباطل …”
هكذا تقول الرسالة، وذلك أيضا يقدم توصيفا لا بأس به من ترامب، الذي كثيرا ما ادعى أن الرئيس أوباما قد اثبت أنه ولد في الولايات المتحدة الأمريكية.(وهذا بالكاد لديه علاقة برغبة دونالد ترامب عدم الفصل بين الحقيقة والباطل.) ماذا إذن حول مدى حقيقة الموقعين على الرسالة؟
كلينتون لم تبت ابدا باقتراح مشروع القرن الأميركي الجديد ولكن بعد سنوات قليلة قام جورج دبليو بوش بذلك، وبدأ مسؤولون من إدارته بحملة الأكاذيب حول أسلحة صدام للدمار الشامل، كعكة اليورانيوم الصفراء من النيجر، و “الغيوم النووية” (فوق المدن الأميركية)، والتي وفرت ذريعة الغزو غير الشرعي للعراق.
إن إدارة بوش لم تكتف بالكذب على الشعب الأميركي وقد أوفدت السفير الاميركي لدى الامم المتحدة جون نيغروبونتي إلى مجلس الأمن لبث المزيد من الاكاذيب أيضا. وكان قرار مجلس الأمن 1441 واحدا من عدة تحتاج لفرض امتثال العراق لعمليات التفتيش عن الأسلحةوكانت بعض الدول أعضاء المجلس، خصوصا روسيا وفرنسا، مترددة في الموافقة على القرار 1441، خوفا من أن الولايات المتحدة قد تفسر ذلك على أنه رخصة للغزو. لذلك في مناقشات قبل التصويت أكد نيغروبونتي في مجلس الأمن أن “هذا القرار لا يحتوي على المشغلات الخفية ولا التلقائية فيما يتعلق باستخدام القوة.
هذا بطبيعة الحال هو بالكاد ما حدث، في 24 فبراير 2003، جلبت واشنطن ولندن قرار الحرب إلى مجلس الأمن. عندما أصبح واضحا أن اثنين من أعضائه الدائمين فرنسا وروسيا، سيستخدمان حق النقض ضد هذا القرار اذا عرض للتصويت، فقرر بوش (بالتشاور مع رئيس الوزراء البريطاني توني بلير) سحبه. وقال “اتفقنا جميعا” وكتب في مذكراته، أن “المسار الدبلوماسي قد وصل إلى نهايته.
وهكذا سارت لولايات المتحدة على مسار القدر المحتوم لحرب كارثية في العراق، المسار الذي احتوى على الكثير من الفشل، والكثير من الدمار الذي ادى الى دونالد ترامبالكثير من أجل الوفاء بالوعود وفصل “الحق عن الباطل.”
اعداء من عدوي
نضع في اعتبارنا أن هذا مجرد مقدار القليل من السير الذاتية لقائمة الـ 50 التي تمثل السياسة الخارجية والقومية الجمهورية التي خرجت بعد دونالد ريغان.
وبالرغم من كثرة الاخبار التي اشيعت حول ترامب بينها دعوته غير المباشرة لاغتيال منافسه وعلاقة مدير حملته المشبوهة بروسيا، وخبر انشقاق جميع أطرافه الداعمة، الا ان الواضح هو عدم وجود ورقة رابحة لركله إلى الأبد.
ولكن يجب أن لا ننسى أن الحزب قدم ترامب والان نرى اللصوص، والكذابين، ومجرمي الحرب حريصين على التبرؤ منه. أعداء عدونا ليسوا اعدائنا – أو في العالم – أصدقاءنا.
ترجمة: وكالة اخبار الشرق الجديد-ناديا حمدان