القصف في غزة: فرصة لحرمان حماس من قدرات تنفيذية: عاموس هرئيل
القصف الاسرائيلي أول أمس كان استثنائيا. لقد قام سلاح الجو الاسرائيلي بقصف عدد كبير من الاهداف في العملية الاكبر منذ انتهاء الحرب الاخيرة قبل عامين. لا اسرائيل ولا حماس تقولان ما الذي تم قصفه بالضبط، رغم أن الاجابة معروفة كما يبدو لهما. يمكن أنه اضافة الى اعتبارات الردع، كان هناك استغلال لفرصة تكتيكية – رغبة اسرائيل في حرمان حماس من قدرات تنفيذية. اطلاق الصاروخ على سدروت من قبل منظمة فلسطينية أعطى المبرر لذلك.
رغم قوة القصف، فان اسرائيل بذلت جهدا كبيرا لمنع اصابة المواطنين. وقد تحدثوا في غزة عن اصابة شخص واحد باصابة بسيطة واصابة البعض بالفزع. في ظل ذلك يبدو أن حماس ايضا لا تعتبر نفسها ملزمة بالرد. ويبدو أن المصلحة الاساسية للطرفين هي عدم الاهتمام بالمواجهة العسكرية الكبيرة في الصيف الحالي.
في الخلفية يوجد سؤال حول تأثير وزير الدفاع الجديد، افيغدور ليبرمان، على السياسة الاسرائيلية. عندما كان المثلث في القيادة السياسية والعسكرية يتشكل من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق موشيه يعلون ورئيس هيئة الاركان السابق بني غانتس (الذي تم استبداله فيما بعد بـ آيزنكوت)، كان موقف اسرائيل من غزة واضحا.
لقد رغب نتنياهو في الامتناع قدر الامكان عن المواجهة، لا سيما العملية البرية. سلطة حماس تستحق الاخطار الكامنة في ذلك. وقد وافقه في الرأي قادة الاجهزة العسكرية.
إن ليبرمان مقتنع بغير ذلك. وقد اصبح وزيرا للدفاع بعد تقييد نفسه بتصريحات هجومية ضد حماس. هذه التصريحات يستخدمها منتقدوه الآن في وسائل الاعلام وخصومه في اليسار من اجل مهاجمته بسبب مرونته. ليس كل شيء سياسي في التقديرات الامنية، لكن يصعب اسقاط امكانية أن لهذه الانتقادات كان تأثير عند اتخاذ قرار القصف أول أمس.
هل سياسة الهجوم الجديدة هذه قد تؤدي الى مغامرة عسكرية؟ نتنياهو غير معني بذلك، ويبدو الآن أنه هو الذي يقرر في الجانب الاسرائيلي. حماس ايضا لها اعتباراتها التي تدفع الى الكبح. وقد قالت مصادر فلسطينية في غزة إن الاجهزة الامنية هناك اعتقلت عدد من النشطاء في أحد التيارات الفلسطينية بتهمة اطلاق الصاروخ. محمود الزهار، من قادة حماس، قال أمس إن جولة العنف الحالية قد انتهت بالنسبة له. وهناك رسائل مشابهة تم نقلها الى اسرائيل من خلال وساطات سرية.
يبدو أن الاولوية لدى حماس هي الوصول الى انتصار مقنع في الانتخابات البلدية التي ستجري في المناطق في 18 تشرين الاول. وقد فاجأت حماس السلطة الفلسطينية (والاستخبارات والقيادة الاسرائيلية) عندما قررت المشاركة في الانتخابات. وقد حذر قادة في الاجهزة الامنية السلطة من أنه من الخطأ الموافقة على اجراء الانتخابات في هذه الظروف.
القادة في السلطة وفي فتح، فازوا بدون أي صعوبة حتى الآن في الانتخابات، لكن حماس أثبتت في السابق أنها قادرة على إحداث انتظام سياسي ناجع في الضفة الغربية ايضا وتحت سيطرة السلطة الفلسطينية. هناك اعتبار آخر يدفع حماس الى ضبط النفس: قيادة المنظمة راضية عن الحل المؤقت لازمة الرواتب بعد موافقة اسرائيل على تحويل الاموال من دول الخليج من اجل دفع رواتب عشرات آلاف موظفي الحكومة في القطاع.
يبدو أن سياسة حكومة نتنياهو الحالية – حرب دعائية ضد السلطة الفلسطينية في الساحة الدولية، بطء متعمد في الساحة السياسية (سلطة عباس في الضفة شريكة فيه ايضا) واحتكاك عسكري محدود مع حماس في غزة – كل ذلك يعمل على خدمة حماس في سعيها للحصول على المزيد من الشعبية في اوساط السكان في الضفة والقطاع على ابواب الصدام السياسي مع السلطة في الانتخابات.
هآرتس