نتنياهو هنا كي يبقى.. وعلى خلفية المرشحين لاستبداله فاننا قد نشتاق إليه: جدعون ليفي
في مكتب رئيس الحكومة في القدس يجلس شخص منفعل، متشدد، مقتنع بأنه على حق، يؤمن بالقوة فقط وله ميول نرجسية. هذا الشخص مليء بالتناقضات. وهو شخص مع مركبات شكسبيرية، ملك أو قيصر، بما في ذلك المركبات الدراماتيكية: الزوجة (التي لم يتم ذكرها)، ظل الأب وفقدان الأخ. تحركه قوة ايديولوجية أكبر من تلك التي توصف في العادة، ايديولوجيته متشددة ومتطرفة، الامر الذي لن يسمح له أبدا بالتوصل الى حلول وسط في الامور الهامة في نظره.
في مكتب رئيس الحكومة يجلس شخص يتسبب لاسرائيل بالكارثة: ليس بسبب تهكمه، كما يُنسب له عادة، بل بسبب ايديولوجيته. أنا أفضل الايديولوجيين المتشددين على المتهكمين الفارغين.
مسموح القول فقط: بنيامين نتنياهو استضاف أمس اعضاء هيئة تحرير “هآرتس″ لحوار مغلق استمر اربع ساعات تحدث فيه بدون توقف. “تحدث” هو وصف متواضع: لقد ألقى نتنياهو خطابا، وطلب، وأثار الدوار، وعرض الافلام القصيرة، الخرائط، الجداول والبروتوكولات. لقد رسم صورة ذاتية مع التوقيع المطول والعرق، ضرب على الطاولة، رفع صوته وخفضه، مشى ذهابا وإيابا في قاعة الجلسات، كتب على اللوح ومحا. ومرة واحدة اقترب بانفعال من زميلي عودة بشارات الى درجة خشيت فيها على سلامته. ومرة اخرى رآه أحد ما مع دمعة في عيونه.
كان ذلك استعراضا لنتنياهو، عرض مسرحي، مسرحية لممثل واحد يتضامن مع الشخصية التي يقوم بتمثيلها مع نجاح كبير ويدفع بعض الجمهور الى تصديقه في بعض الوقت على الأقل. ويحتمل ايضا: مبشر افنغلستي ناجع. لقد بدأ بالانفاق، واستمر في الحديث عن انجازاته الاقتصادية، الامر الذي كان أكثر مللا، الى أن وصل الى قناعته السياسية. ومثلما في كل مسرحية جيدة: حديث الختام كان عن الأخ المتوفي، تم إسدال الستارة، وبقي في كرسيه وحيدا ومستنزفا، كيف لا.
في مكتب رئيس الحكومة في القدس يجلس شخص يؤمن فقط بقوة دولته. الضعف هو دمار بالنسبة له. الاخلاق والقيم والعدالة – ليست في مجال تفكيره. إنه يقدم دولته كقوة عظمى دولية، بالسلاح، بالسايبر، بالاستخبارات، بالمياه وبكل شيء. وبنفس الاقاويل الغبية يتحدث عن الاخطار الوجودية التي تهدد الدولة من جيش الحفاة في غزة (“في الجو وفي البحر وعلى الارض وتحتها)، من حزب الله، من ايران وايضا من حرائق الاحراش.
لا توجد طريقة لازالة هذا التناقض. فهو لا يؤمن بأي سلام مع الفلسطينيين، وهو سيُخضعهم عن طريق التحالفات التي تُقام مع اصدقائه الجدد، زعماء الانظمة الفاسدة والعابرة في الدول العربية، الى أن يوافقوا وبدون اتفاق، كما يقترح – وهذا بالطبع لن يحدث أبدا. لا يهمه مصير الفلسطينيين أبدا. لا يرغب نتنياهو في الدخول الى حروب وهو رئيس الحكومة الأكثر معارضة للحروب في اسرائيل، ايضا المستوطنات تهمة بشكل قليل، هذا اذا كانت تهمه. فقط قوة – جيش، اقتصاد وتكنولوجيا. السلام لن يعود بفائدة اقتصادية على اسرائيل، كما يقول. مثل أي خريج للوحدات الخاصة، هو ولد لم يكبر: عالمه لا زال عالقا في الوحدة.
خارطة العالم بالالوان: كله تقريبا في أيدينا. بعد لقاءات مع 144 رجل دولة، بقيت مشكلة اخرى مع غرب اوروبا. أما الباقي فمعنا أو في الطريق الى ذلك (يبدو لي أنه على حق). بعد ذلك خرجنا الى الخارج، ومر من أمامنا في طريقه الى سيارته.
نتنياهو هنا كي يبقى. وعلى خلفية المرشحين لاستبداله، فاننا قد نشتاق إليه.
هآرتس