واكيم يتنحى عن «حركة الشعب»: شباب وتعاونيات ومشاريع آمال خليل
يوم الأحد المقبل، يتخلى نجاح واكيم عن لقبه «رئيس حركة الشعب». في المؤتمر العام للحركة، من المنتظر انتخاب رئيس وقيادة جديدة. تغيير قاده واكيم، مقدماً الكوادر الشبابية إلى الصفوف الأمامية، شعاره «كرامة شعب كرامة وطن»
الحماسة الطافحة في مقر حركة الشعب في بئر حسن، توحي كأن الرفاق يؤسسون حركة جديدة. الشبان والشابات المتحلقون حول طاولة الإجتماعات ليسوا حديثي العهد في الحركة. لكن نهج التغيير المعتمد منذ عام، حملهم إلى الصفوف الأمامية وحمّلهم مسؤولية اتخاذ القرار.
قيادتها التأسيسية قررت تسليمهم الشعلة. الناصرية والمواقف من الأحداث المستجدة، ثابتة. العبرة في انتهاج أساليب نضال جديدة لتغيير النظام الفاسد والطائفي.
في إحدى الغرف الصغيرة، علقت صورة قديمة لمؤسس الحركة نجاح واكيم. بعد انتهاء المؤتمر العام الأحد المقبل حين ينتخب الرفاق خلفاً له، قد يستخدم «أبو جمال» تلك الغرفة للقراءة أو الراحة فيما تعقد القيادة الجديدة اجتماعاً. ابن السبعين عاماً، اختار في عام 2008 التنحي وتسليم قيادة شابة. لكن الظروف لم تسعفه. هو الوحيد المتفرغ للحركة لأنه يعتمد في معيشته على معاشه التقاعدي كنائب سابق. لم يجد من يتفرغ أو من يمتلك القدرة الكافية.
في آخر أيامه في مكتب رئيس الحركة، يجلس واكيم مرتاحاً على الأريكة. عدد السجائر التي يدخنها في ساعة واحدة قلّ كثيراً. يهزأ ممن ينتقدون تخليه عن كرسيه في زمن تحتاج فيه الحركات التقدمية للملمة الصفوف. يترقب يوم الأحد كما يترقب صدور كتاب جديد له. حركة الشعب: قيادة شابة واعدة، عمله الجديد. كتابه «الأيادي السود» الذي طبعت منه 18 طبعة وباع أكثر من 51 ألف نسخة فضح الفساد، لكنه لم يحقق التغيير. يثق بأن استلام الشباب والشابات لمقاليد حركة الشعب لن يضيّعها، إنما سينتج حراكاً شعبياً متواصلاً ومتكاملاً. يقدم نموذج مجموعة «بدنا نحاسب» المؤلفة من حزبيين منهم عناصر في الحركة ومستقلون. يفاخر كيف دقت إسفيناً في فساد القضاء والنظام. يفاخر أكثر لأن أبناءه من أبرز الفاعلين فيها كـ»بدنا نحاسب» وليس كحركة الشعب. «هذه الحركة، ليس ضرورياً أن تلغي الأحزاب. ليس المهم أن نتحرك باسمنا، المهم هو الفعل نفسه». لا يهتم بتعداد المنتسبين وجذب المزيد منهم. العبرة في التغيير.
«سر فشل الأحزاب التقدمية، انشغالها بمشاكلها الداخلية لأسباب خاصة وليس لخلفيات فكرية أو سياسية» يقول الناصري العتيق. ينأى بحركته عن التلهي بالزواريب الضيقة. المصالحة بين الجيلين هي الأساس. «القيادة الجديدة ليست انقلاباً على قيادة عتيقة، بل استمرار لنهج سياسي مع تطوير على اساليب العمل. الرفاق والرفيقات الشباب يملكون وسائل عمل حديثة لا املكها انا ولديهم جرأة للتغيير».
اندماج حركة الشعب في الحراك الشعبي «الذي لم يخبُ» يصر واكيم، جذب إليها عشرات المنتسبين الجدد. الدم الجديد ضخ في الجسم الخاضع للتجديد في الأساس. «سترون قرارات جديدة وأسلوب عمل حديثاً». إضافة إلى الشراكة مع «بدنا نحاسب» في آلية التصويب على الفساد ومحاولة التأثير في الرأي العام حتى تغيير النظام، ستخصص الحركة مساحة كافية للنضال الإجتماعي. «لا نريد مكاتب للإجتماعات. استبدلوها بنواد ثقافية في القرى» اقترح واكيم على قادة المناطق.
استعادت الحركة تجربة القوى التقدمية الإشتراكية. وضعت خطة لتأسيس التعاونيات الزراعية والمشاريع الإنتاجية الصغيرة والمتوسطة في الأطراف التي تشغّل ليس الحركيين وحسب، بل من يرغب في محيطهم. أولى بوادر المشروع، تعاونية زراعية في البقاع الأوسط وأخرى في الجنوب. قبل أعوام، أسست الحركة مشروعاً لتربية الماشية في بلدة القاع لتوفير إيرادات لأنشطتها وعناصرها بتوجيه من «رفيق» طبيب بيطري، إلا أن الأزمة السورية أثرت سلباً على تصريف الإنتاج.
من حزب سياسي إلى NGO ستايل؟ «المشكلة ليست ببرامج هيئات المجتمع المدني، إنما بالجهات الممولة لها وأهدافها» يرى واكيم. يأخذ منها أساليبها الحديثة للإستقطاب والتطوير والتمكين ويتمسك بمبادئه السياسية.
بعد غد، تحين المرحلة ما قبل الأخيرة في المؤتمر العام الذي شهد انتخاب قيادات القطاعات والمناطق ومجلس المندوبين الشبيه باللجنة المركزية. «نسبة التغيير في القيادات كبيرة عكسها المنتسبون الجدد الذين انتخبوا قيادات جديدة مثل قيادة بيروت». الأهم برأي واكيم، أن «لا أحد غادر الحركة، إنما هناك من غادر القيادة مثلي». الهيئة الناخبة المؤلفة من قيادات المناطق والقطاعات ومجلس المندوبين الذين يعدون حوالي 56، سينتخبون رئيساً ونائبه وأربعة أعضاء يشكلون مجلس القيادة الجديد. باب الترشيح الذي يقفل اليوم رسا حتى مساء أمس لمنصب الرئاسة على إبراهيم الحلبي وحسين مسكي.
من ضمن فعاليات المؤتمر، ستدخل تعديلات عدة على النظام الداخلي منها مواصفات الهيئة الناخبة. حالياً، يسنح لكل من مضى على انتسابه ثلاثة أشهر المشاركة في الترشح والترشيح. بالتصويت، خسر اقتراح واكيم بتوسيع الهيئة الناخبة للمؤتمر المقبل. بعده بأيام، يعين مجلس المندوبين اللجان المختصة.
في المؤتمر، سيلقي واكيم خطبة الوداع ويسلم الشعلة. بعده، سيتحول إلى ضيف شرف. قبلها بثلاثة أشهر، أسس مع قيادات ناصرية لبنانية وعربية الجبهة التقدمية العربية، أجندتها القضايا العربية الموحدة في مقدمتها فلسطين. محلياً، ماذا سيفعل؟. «أشتغل في الحركة شو ما كان. ما بعرف شو بيشغلوني؟»، يستطرد قائلاً: «قد أعين في اللجنة السياسية وأصبح كاتباً سياسياً».
(الاخبار)