بعض حجج الغرب لتبرير تدخلاته وإشاعة الفوضى: النفوذ الإيراني حميدي العبدالله
واحدة من الحجج التي يروّجها المسؤولون والإعلام في الغرب لتبرير دعمهم الجماعات «الجهادية» بما في ذلك الجماعات المصنّفة بأنها جماعات إرهابية من قبل الحكومات الغربية، هي مواجهة النفوذ الإيراني.
لكن هل هذه السياسة صحيحة، وهل قادت إلى النتيجة التي يسعى إليها الغرب؟
لا شك أنّ «النفوذ» الإيراني المزعوم في المنطقة ليس هو الذي يثير غضب الغرب، ولا حكومات المنطقة التي تشكو من هذا النفوذ.
عندما كان الشاه في السلطة قامت إيران بالسيطرة على الجزر الثلاث التابعة للإمارات العربية بعد إخلائها من قبل البريطانيين، كما قام بالسيطرة على أجزاء من شط العرب بعد اتفاقية 11 آذار الموقعة بين الرئيس العراقي صدام حسين وشاه إيران، مع ذلك لم يكن هناك أيّ حديث عن نفوذ إيراني أو توسعية إيرانية، سواء من قبل الحكومات والإعلام الغربي، أو من قبل حكومات المنطقة التي تشكو اليوم من النفوذ الإيراني، علماً أنّ هذه الحكومات لم تشكُ من النفوذ الغربي الذي وصل إلى حدّ احتلال بلاد عربية مثل العراق.
لكن هل الحجج التي تروّج لها الحكومات الغربية وإعلامها صحيحة على هذا الصعيد؟
مثلاً لم يكن هناك أيّ نفوذ إيراني في العراق قبل سقوط نظام الرئيس العراقي صدام حسين، ولكن هذا النفوذ أصبح موجوداً ومتعاظماً، حسب ما تقول الحكومات الغربية وحكومات المنطقة، بعد الاحتلال الأميركي للعراق، أيّ أنّ الاحتلال الأميركي الذي سعى ولا يزال إلى تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة هو الذي ساهم في نشر وتعزيز هذا النفوذ، وقد اتهم وزير خارجية السعودية السابق سعود الفيصل الولايات المتحدة بتسليم العراق إلى إيران، علماً أنّ السعودية دعمت الاحتلال الأميركي للعراق وساهمت بترويج الحجج حول ضرورة إسقاط النظام العراقي.
في ليبيا الكلّ يعلم أنّ نظام العقيد القذافي كان معادياً لإيران، أو على الأقلّ لم تكن علاقاته إيجابية معها، وفي السنوات الأخيرة من حكمه كان موالياً للغرب، وليس هناك أيّ نفوذ إيراني على أيّ مستوى كان، ومع ذلك قام الغرب بدعم من حكومات المنطقة التي تشكو من النفوذ الإيراني بإسقاط النظام وإشاعة الفوضى الدموية في هذا البلد.
في اليمن، كان نظام حكم علي عبدالله صالح حليفاً للغرب وموالياً للسعودية، ولكن الانقلاب على الرئيس اليمني من قبل حلفائه هو الذي دفعه إلى التعاون مع حركة أنصار الله المهتمة بأنها ذراع النفوذ الإيراني في اليمن، علماً أنّ هذه الحركة يمتدّ عمرها إلى الثمانينات، وحتى كانت في فترة من تاريخ اليمن حليفة للسعودية في عهد الإمام بدر.
إذا كان اليوم من نفوذ لإيران في اليمن فإنّ المسؤول عنه الغرب وحكومات المنطقة التي تشكو النفوذ الإيراني.
في سورية، وعلى الرغم من علاقات سورية الطيبة مع إيران منذ انتصار الثورة، إلا أنّ هذه العلاقات الإيجابية لم تحل دون تطوير سورية العلاقات مع دول الخليج لدرجة أنّ وزير خارجية سورية وليد المعلم شبّه انتشار قوات «درع الجزيرة» في البحرين بانتشار قوات الردع في لبنان في عام 2011، وإذا كان من نفوذ إيراني في سورية الآن فإنّ الغرب ودول المنطقة هي المسؤولة عنه.
(البناء)