عن ماذا سوف تسفر القمة الروسية التركية؟ حميدي العبدالله
قمة سان بطرسبورغ التي جمعت الرئيسين الروسي والتركي، ما هي دوافعها، وعن ماذا ستتمخض هذه القمة؟
بالنسبة لدوافع عقد القمة من الواضح أنّ لكلا البلدين مصلحة سياسية واقتصادية بوضع حدّ للحالة العدائية التي سادت بعد إسقاط الطائرة الروسية.
مصلحة سياسية تكمن في أنّ روسيا وتركيا لديهما خلافات عميقة مع الحكومات الغربية، وتحديداً مع الإدارة الأميركية. روسيا تستقوي بتركيا وتضغط على الغرب من خلال اعتماد أحد أقوى حلفائها في المنطقة، وتركيا تستقوي بروسيا أو تلوّح للغرب بوجود بدائل له إذا لم يأخذ مصالحها بعين الاعتبار، ولا سيما على مستوى الموقف من الأكراد.
اقتصادياً، روسيا التي تتعرّض لعقوبات اقتصادية، وما يشبه الحصار الغربي لها مصلحة في تعزيز علاقاتها الاقتصادية مع تركيا، وزيادة مستوى التبادل والتعاون الاقتصادي والتجاري. وتركيا تدهورت علاقاتها مع العراق وسورية وأدّت الحرب الدائرة في سورية إلى وقف نشاطها الاقتصادي، أو استخدام الأراضي السورية لتمرير بضائعها إلى الدول العربية الأخرى هي بحاجة ماسة إلى الحفاظ على نموّها الاقتصادي، لا سيما أنّ شرعية حكم حزب العدالة والتنمية مستمدة بالدرجة الأولى من مستوى ما حققه الاقتصاد في ظلّ حكومات هذا الحزب المتعاقبة منذ عام 2002 وحتى الآن.
أما عن النتائج التي يتوقع أن تتمخض عنها القمة فالأمر الأكيد أنّ جلّ ما سيحدث هو تعاون تركي – روسي لمكافحة بعض العناصر الإرهابية من أصول روسية، لا سيما العناصر غير المرتبطة بقوة بالاستخبارات التركية.
لكن من غير المتوقع أن تقود القمة إلى مراجعة السياسة التركية إنْ لجهة الارتباط بحلف الناتو وتنفيذ سياسات الحلف، أو لجهة توفير الدعم للجماعات الإرهابية في سورية طالما أنّ الولايات المتحدة ترغب باستمرار تقديم هذا الدعم.
بكلّ تأكيد طلب الرئيس الروسي من نظيره التركي وقف تدفق الإرهابيين وتطبيق قرار مجلس الأمن، ولكن استجابة تركيا لهذا المطلب مرتبطة بقرار من حلف الناتو ولن تصطدم تركيا مع الناتو. فمثلما أنّ هناك مصالح تركية مع روسيا تفرض عليها إقامة علاقات مع موسكو، هناك أيضاً مصالح تركية مع دول الناتو، وهي أكبر من مصالحها مع روسيا، وإذا ما وضعت أنقرة بين خيارين، روسيا أو الناتو، فهي بكلّ تأكيد ستختار الناتو.
(البناء)