الاسرائيليون جاهزون لترامب من القرية ذاتها: نداف ايال
يفهم الاسرائيليون دونالد ترامب بافضل ما يكون على ما يبدو. وهم يفهمونه اكثر لان نوع السياسة التي يأتي بها – جارفة، جزارة واستفزازية – هي سياستنا منذ عشرات السنين. كما أنها سياسة متملقة للجمهور، عديم الحقائق، تستخدم بشكل مكثف الشقاق وبالاساس الخوف.
لقد صعد ترامب لانه تكنولوجيا مشوشة؛ وهذا تعبير يعرفه كل تكنولوجي اسرائيلي عادي. فقد شوش تماما القواعد غير المكتوبة، المؤسسات والقيم في السياسة الامريكية. وهم لا يعرفون كيف يردون عليه، والى أن يتعلموا – فانه في الفضيحة التالية، يقرر الى الابد دورة الاخبار.
قيمة واحدة كهذه كانت القاعدة في أن السياسي الذي يمسك في كذبة تامة كان في مشكلة عويصة. وفحص معهد بحث مستقل مؤخرا فاكتشف ان 78 في المئة من التصريحات عن الحقائق التي اطلقها ترامب كاذبة تماما. فما هو تأثير هذا الفحص على الانتخابات؟ صفر مدور على ما يبدو.
تقول فرضية أمريكية اساسية ان الجمهوريين اكثر صقرية في موقفهم من خصوم امريكا في العالم. فجاء ترامب وتحدث عن صداقة متجددة مع روسيا. يتبين أن الاستخبارات الروسية تحرص على نشر بريد الكتروني محرج لكلينتون عشية المؤتمر الديمقراطي. ما هو التأثير على الانتخابات؟ محدود حاليا. وهذا حتى قبل أن نتحدث عن الاسلوب: شجب بطلب حرب مثل جون ماكين على أنه سقط في الاسر كان سيصفي الحياة السياسية لكل سياسي، ولكن ترامب هو نبتة من نوع خاص.
المؤسسة الامريكية، الديمقراطية والجمهورية على حد سواء، تنظر بشعور بالاشمئزاز. ثقافة سياسية من نحو مئة سنة تباد بسرعة تغريدة على التويتر. اما لنا نحن هنا في اسرائيل فسهل جدا أن نفهم ترامب. عندما ايضا لا يقاس السياسيون بالحقائق ولا يمسك بهم في كذبهم. فالاكاذيب هي حقا ليست قصة كبيرة في سياستنا، بخلاف السياسة الامريكية قبل ترامب. عندما ايضا يمكن للانسان ان يتنافس على المنصب الاهم والا يعرض كسرة واحدة من سياسة عملية. عندما تنتهك الوعود صراحة، نحن نهز اكتافنا بيأس – فكل رؤساء الوزراء، من اليمين ومن اليسار، عرفوا كيف يفعلوا عكس ما وعدوا به.
على المستوى الشخصي ايضا نحن لا نعاقب سياسيين على خطاياهم. عن ترامب نشرت قصص فظيعة عن مقاولين صغار افلسوا بسببه. حسنا، هناك هذه امريكا الكبرى. عندنا الكهربائي في قيساريا او مقاول النقليات في القدس؛ مسألة حجوم على ما يبدو.
جوهريا، الامريكيون ليسوا معتادين على رؤيا قاتمة ومليئة بالمخاوف يقدمها ترامب، ولكن هذا فقط لانهم لا يعيشون هنا وعليه فقد اعفوا من عشرات ومئات خطابات رئيس الوزراء نتنياهو. نتنياهو، بخلاف ترامب، كرس حياته للخدمة العامة، وهو شخص هو عمق واحساس بالمسؤولية. لا توجد هنا مقارنة ولا حاجة لها، إذ ها هو الاساس: الانشغال الدائم بالتخويف، في خلق احساس بالضعف الموهوم، بانعدام الامان الذي يولد العداء، بالضبط مثلما فعل ترامب في خطابه في المؤتمر – هذه حقا خبرة اختصاص نتنياهو.
ان قدرة ترامب على تحريض جمهور ما ضد الاخر، اثارة المخاوف الكامنة وبث رسائل تعبر عن الضغينة على حساب الرسمية – هذه امور يختص فيها نتنياهو حقا. من “اليسار نسوا ماذا يعني أن يكونوا يهودا” حتى الحرب الطائفية الحالية التي يحاول اثارتها، نتنياهو أجرى علينا كلنا تحولا ترامبيا. وبالمناسبة، مثل ترامب، اصطدم رئيس الوزراء ايضا في حينه بمعارضة المؤسسة المحافظة القديمة في الليكود. وقد صفي معارضوه الواحد تلو الاخر من أجل صيغة متملقة للجمهور من الليكود بلا بهاء، مثل الجمهوريين بلا مسؤولية.
من الصعب أن نعرف في هذه المرحلة اذا كان ترامب سينتصر، ولكن شيئا واحدا واضح: نحن هنا في اسرائيل بتنا جاهزين، وبالاساس – معتادين.
يديعوت