مجموعة تموز الإعلامية
غالب قنديل
ضجت بيروت بحشد من المراسلين خلال حرب تموز قدرهم البعض بالمئات وفي بعض الروايات قيل إنهم ناهزوا الألفين بين صحافي ومصور وتقني فقد تواجدت في العاصمة وسائل إعلام من عشرات البلدان اوفدت فرقها لتغطية الحرب التي قادتها الولايات المتحدة ومعها دول الناتو ومجموعة شرم الشيخ من الدول العربية بقيادة المملكة السعودية.
كان الحشد الإعلامي يعكس صورة الحشد الدولي الإقليمي بقيادة كونداليسا رايس الذي عمل ليل نهار بجهود استثنائية سياسيا وإعلاميا ومخابراتيا لدعم قوات الجيش الصهيوني التي شنت عدوانا واسعا على لبنان وتعهدت تل أبيب لهؤلاء الشركاء بإنجازات سريعة ما لبثت تستمهل لتحقيقها امام عقد الدفاع والردع التي أقامتها المقاومة في مسار المعارك .
كان المراسلون الأجانب موعودين بصور لهزيمة حزب الله ولحرب أهلية لبنانية محتملة خلال الحرب الصهيونية وبآلاف المعتقلين من مناصري المقاومة الذين قيل إن زنازين خاصة أعدت لهم في سجن رومية ومعسكرات تتسع لعشرة آلاف شخص على الحدود داخل فلسطين المحتلة بينما تولت قوى سياسية لبنانية هجوما إعلاميا شاملا يحمل قيادة حزب الله مسؤولية الحرب ونتائجها بوحي من الشيفرة السعودية التي أطلقت مع اول غارة صهيونية استهدفت مطار بيروت الدولي “المغامرة غير المحسوبة ” وهو التعبير الذي ترجمته صياغات إعلامية لبنانية كانت أقرب إلى تجريم المقاومة واتهامها بالاعتداء على الكيان الصهيوني الذي لا ينتهك السيادة اللبنانية او يحتل أرضا لبنانية او يحتجز أسرى لبنانيين !.
اخفت الحملات الإعلامية عمدا حقيقة ان بنك الأهداف الصهيوني الذي طالته الغارات المعادية تم تحديده بجهد اميركي صهيوني مشترك انطلق من زيارة إيهود اولمرت قبل أربعة أشهر من تموز إلى واشنطن وجرى تحديثه خلال الحرب بواسطة خمسة وعشرين قمرا صناعيا للاتصالات والتجسس كانت فوق لبنان ووضعت في خدمتها شبكات اتصالات لبنانية نجح عملاء الموساد ومتعاونون معهم في ربطها لمطاردة كوادر حزب الله وقيادييه الكبار ولدى الحزب كمية من التسجيلات الفاضحة سياسيا ومعلوماتيا لتواطؤ لبناني مؤكد مع العدو يجد الحزب حكمة في كتمانها وقبول الكلام المعسول لبعض المتورطين الكبار.
كانت معركة إعلامية كبرى منذ اللحظة الأولى للحرب وقد رسمت كل وسيلة إعلامية وطنية لنفسها خطة عملها الخاصة وتمحور الثقل الإعلامي الحاضن للمقاومة حول قناة المنار وإذاعة النور وقنواتnbn والجديد والعالم وجميع المحطات التفزيونية والإذاعية السورية وصحف الديار والأخبار والسفير بينما كان السيد حسن نصرالله قائد المقاومة يقود الحرب على جميع الجبهات بما في ذلك الجبهة الإعلامية حيث احتفظ بزمام المبادرة وبطاقة هجومية نوعية متناغمة مع مفاجآت المقاومة في الميدان ولكن ذلك كله كان يطرح حاجة مؤكدة إلى حشد إعلامي وسياسي من المتحدثين بينما كانت قيادات بارزة من حزب الله مضطرة لالتزام تدابير مشددة في الحركة والتنقل والظهور فلم تحضر بكثافة إعلاميا.
في هذا المناخ ومنذ اليوم الأول لحرب تموز تلاقت مجموعة من الإعلاميين المساندين للمقاومة الذين لبوا الدعوة لمباشرة العمل اليومي في مواكبة الحرب عبر لقاءات مسائية في مقر مركز الشرق الجديد ببيروت وقد شارك فيها ما يقارب عشرين شخصية إعلامية فكانت النقاشات تنتهي يوميا ببلورة مفردات المعركة الإعلامية وموضوعاتها دفاعا عن لبنان والمقاومة وبعد مناقشة المسار اليومي للأحداث سياسيا وعسكريا كانت تجري صياغة محاور الخطاب السياسي والإعلامي الذي تولى كل من المشاركين التعبيرعنه بطريقته عبر وسائل الإعلام المحلية والأجنبية وقد جرى تعميم الحصيلة على اوسع دائرة ممكنة من أصدقاء المقاومة ومناصريها من مختلف التيارات والمواقع بينما قام فريق من هذا الجمع بحكم الخبرة والعلاقات بالتنسيق مع المراسلين العرب والأجانب الوافدين لتزويدهم بالوقائع والمعطيات التي تفضح حقيقة العدوان وتبرز معالم الصمود الملحمي للمقاومة في المعارك ودرجة الاحتضان الشعبي العابر للطوائف والمناطق رغم التحريض المعادي الذي سعى لتأليب اللبنانيين طائفيا ومذهبيا ضد حزب الله وتجاسر إلى حد اختبار القدرة على تحريض النازحين ضد حزب الله فكان فشل كبير لتلك المحاولات من غير أي جهد سياسي.
كانت تجربة المقاومة الإعلامية خلال الحرب خلاقة ومبدعة ومن وجوه الصمود الكبير الملحمة الإعلامية لقناة المنار وإذاعة النور بقيادة الزميلين محمد عفيف ويوسف الزين لكن وجها مهما من تلك المعركة بقي في الظل حتى اليوم هو تجربة شبكة إعلامية وطنية داعمة للمقاومة تشكلت تلقائيا وبأصالة ساهم فيها نساء ورجال شرفاء تطوعوا ولبوا النداء تحت ضجيج الغارات والتهديدات فشبكوا عقولهم وخبراتهم وسخروا علاقاتهم المهنية وتبادلوا التقديرات والاقتراحات وبلوروا المفيد منها لينتجوا خطابا حيويا متحركا يلبي حاجات الكفاح ضد العدوان على مدار الساعة وكل يوم وكل أسبوع وبينهم رموز إعلامية وسياسية فاعلة ومؤثرة تصرفت بتواضع وبمسؤولية.
إلى زميلات وزملاء مجموعة تموز الذين شاركوا في المعركة الإعلامية لكم كل التحية والتقدير يا شركاء الصمود والنصر .