نحو المساواة: أفرايم ليفي
في أواخر 2015 أقرت حكومة اسرائيل خطة خماسية لتطوير المجتمع العربي، بحجم نحو 15 مليار شيكل. وكانت ميزة الخطة في تغيير طريقة التخصيص للميزانيات للمجتمع العربي: يخطط لمخصص، في كل مجالات التنمية، يتوافق مع الحجم النسبي للمجتمع العربي في سكان الدولة، ويكون جزءاً من نمط العمل الدائم للوزارات الحكومية حتى بعد السنوات الخمسة التالية.
تعد هذه الخطة كـ «نور في نهاية النفق» تسمح بتقليص الفوارق وتؤدي إلى اندماج اجتماعي واقتصادي للعرب في الدولة كمواطنين متساوي الحقوق. غير أن حكومة اسرائيل تشترط اليوم تحويل الميزانيات إلى السلطات المحلية بإنفاذ قوانين التخطيط والبناء فيها، المشكلة التي تستدعي عملا طويل السنين للعثور على الحواجز في السلطات المحلية العربية وفي سلطات الدولة وازالتها. وتعكس هذه الحالة انعدام الرؤيا والنظرة الكاملة اللازمتين في السياسة تجاه العرب، ونتائجهما هي استمرار التمييز وانعدام المساومة.
اسرائيل هي دولة تعيش فيها في إطار واحد جماعتان قوميتان، يهودية وعربية، تشكل «جماعة مدنية» واحدة. ومنذ قيامها اجرت الدولة ترتيبات محددة منعت فيها حقوقا جماعية للعرب في مجالات التعليم والدين، ولكن المشرع لم يعترف بوجودهم كأقلية قومية تستحق الاعتراف الذي بقوته يمكن أن يفرض واجبا على الحكم بالحفاظ على الهوية القومية والثقافية وتحقيق تنميتها. ان مسألة المكانة الجماعية للعرب في الدولة، التي تعرف نفسها «يهودية وديمقراطية»، تثير توترا محتما. هناك من يدعي بأن الحسم في هذه المسألة يجب أن يعطى في اطار الساحة السياسية ـ الحزبية. وفي غياب احتمال التغيير في مكانة الأقلية العربية في اسرائيل، ضمن امور اخرى بسبب وضع الامور السياسي (الحزبي) يلزم عمل في مجالات اخرى.
في بحث اجري في معهد بحوث الامن القومي وفي مركز تامي شتاينتس لبحوث السلام في جامعة تل أبيب، فحص عميق لواقع حياة المجتمع العربي في مجالات مختلفة، بما فيها القانوني. واظهر التحليل بأنه يمكن تحقيق حل معين لمشاكل التمييز وعدم المساواة، ولا سيما في مجال الحقوق الشخصية من خلال المجال القانوني. واستنتاج البحث هو انه من أجل التعبير عن المساواة المدنية الرسمية لمواطني اسرائيل العرب، على مؤسسات الدولة أن تنفذ هذه التعليمات، التي لا تنفذ اليوم بكاملها.
يعتقد قاضي المحكمة العليا المتقاعد، البروفيسور اسحق زمير، بأن الحق في المخصص المتساوي لمقدرات الدولة لا ينحصر في الحقوق الشخصية بل هو ايضا حق جماعي صرف وذو اهمية عملية كبيرة. برأيه، فان المحكمة مخولة في أن تقرر وتطور حقوقا جماعية للسكان العرب. وهو يوصي بالتمييز بين الحقوق التي تسمح للمجتمع العربي بالحفاظ على هويته وتحقيق مصالحه، دون أن يكون في ذلك مس بالمصالح الشرعية للاغلبية، وبين الحقوق القومية التي تعرض للخطر الهوية القومية او المصالح الشرعية للاغلبية.
في الواقع السياسي والقانوني القائم، فان الحل العملي يستدعي دمج القرارا السياسية في الموضوع، إلى جانب التدخل المستمر من المحكمة في الحفاظ على الحقوق المدنية وتطوير حقوق جماعية للأقلية العربية. لهذا الغرض، مطلوب التفعيل بقدر اكبر للمحكمة العليا لغرض تحقيق الحق في المخصص المتساوي لمقدرات الدولة للسكان العرب.
٭ باحث في معهد بحوث الامن القومي
معاريف