بقلم غالب قنديل

الجيش المظلوم والمحروم

غالب قنديل

في عيد الجيش اللبناني ينبغي ان تقال الحقائق مجردة عن كل الحسابات بحق المؤسسة الوطنية التي تثبت دائما انها قوة الحماية الموثوقة لجميع اللبنانيين والهيكل الذي يعمل فيه لبنانيون من جميع المناطق والانتماءات دفاعا عن الوطن وكلما لاح خطر محدق بلبنان توجهت الأنظار إليها وإلى ما تقوم به أداءا للواجب وبرا للقسم .

منذ إعادة بناء هذا الجيش الوطني بعد الحرب الأهلية تحصن بعقيدة الدفاع في وجه العدو الصهيوني وبالشراكة الحية مع المقاومة وهو برهن عن تلك الحقيقة في حرب تموز قبل عشر سنوات وقامت استخباراته بالواجب في مطاردة شبكات عملاء الصهاينة داخل البلاد قبل التحرير عام 2000 وبعده حيث اكدت التجربة جدارة المنظومة الوطنية للدفاع التي يقيمها الجيش مع المقاومة وهي المنظومة ذاتها التي تصدت للتهديد الوجودي الذي شكله تحدي عصابات الإرهاب والتوحش التي طارد الجيش اللبناني اوكارها وفكك خلاياها على امتداد الأرض اللبنانية بالشراكة مع المقاومة التي انتدبت نفسها مرة جديدة للدفاع عن لبنان وأفلحت في إبعاد التهديد من خلال تناغمها مع الجيش على الجرود الشرقية وفي الداخل وقدمت دون ضجيج نموذجا خلاقا للتكامل بين قوة الدفاع الشعبي وقوات الجيش النظامي.

طيلة اكثر من عشرين عاما مضت وكلما عصفت الأخطار بلبنان تنشد الأنظار إلى هذه المؤسسة التي يحيط بها تقدير واحترام كبيران يشعر بهما جميع اللبنانيين العاديين المهددين بوجودهم والمطمئنين إلى صلابة إيمانهم بقدرة المؤسسة العسكرية الوطنية على حمايتهم رغم كل الاضطراب السياسي والأمني الذي يتكفل بفتح الثغرات الكافية لانتقال جميع انواع التهديدات ونشاط الساعين إليها وحيث حظيت في السنوات الماضية شبكات معادية برعاية وحماية اطراف محلية استهدفت الجيش وتطاولت على قيادته وجحدت فضل جنوده وتضحياتهم البالغة حد بذل الدماء الغالية في جميع الساحات والجبهات .

قدم الجيش الضباط والجنود الشهداء وتراكمت من حوله حصانة وطنية بتضحيات عائلاتهم وعائلات العسكريين المخطوفين لدى عصابات التوحش ورغم صمت قيادة الجيش وأركانه امام التطاول والتجني الذي استهدف المؤسسة بهدف النيل من قدرات الدفاع الوطني لصالح من يهددون البلاد برمتها ويسعون إلى إلحاقها بساحات فوضى التوحش والإرهاب ظل الجيش اللبناني صابرا على المظالم المعنوية والمادية وعلى حرمان اهل السياسة لهذه المؤسسة الوطنية من مقومات ومقدرات لا بد منها لتطوير دروها الوطني .

الجيش اللبناني مظلوم في خطب السياسيين الذين استهدفوه على موجات وكانوا يخدمون الإرهاب الذي انكروا وجوده أصلا وهو كان في حضن بعضهم يحظى بالرعاية والحماية وينقلون إليه بواخر السلاح واطنان الذخائر بينما الجيش الوطني محروم من التسليح الحديث والمتطور الذي يلبي حاجات خطته الدفاعية في وجه العدوان الصهيوني المستمر وضد الخطر الإرهابي الوجودي وهو مرغم على انتظار الهبات التي ألغي بعضها لأغراض سياسية معروفة بينما ترفض بعض الجهات السياسية التسليم بكون التجهيز النوعي للجيش اولوية حياة ووجود وتأبى قبول الهبات الصديقة وغير المشروطة عملا بدفتر شروط سياسي دولي وإقليمي لا يضع مصلحة لبنان في اعتباره .

لقد منعت جهات سياسية معروفة على الجيش أي تواصل مع رفاق السلاح في سورية رغم متطلبات المعركة الوجودية التي يخوضها وحرمته بذلك من ميزة تنسيق النيران وتبادل المعلومات لتحرير الأرض اللبنانية التي يحتلها الإرهابيون ويجعلون منها قواعد انطلاق لشن هجماتهم الوحشية في الداخل اللبناني.

ليس تهويلا كلام العماد جان قهوجي قائد الجيش اللبناني عن استمرار خطر الإرهاب وعن أهداف لبنانية مستمرة على اجندة داعش كمدينة طرابلس ولا كلامه عن خطر التهديد الذي تمثله سائر عصابات التكفير التي تضرب في العراق وسورية وتحتل مساحات من الجرود اللبنانية الشرقية ولا يمكن لأي كان ان ينكر استمرار التهديد الصهيوني للبنان وكيان العدو لاينفك يعطي لمناورات جيش الاحتلال عنوان تدمير لبنان والجيش اللبناني وبالرغم من ذلك كله ما تزال معادلات السياسة وارتهانات بعض القوى والكتل السياسية تحاصر الجيش المحروم والمظلوم .

لا تحتاج المؤسسة العسكرية الوطنية في عيدها إلى خطب الثناء والمديح المعسولة بل إلى قرار وطني يضعها في رأس اولويات الاستثمار الحكومية ويوفر لها القدرات والإمكانات اللازمة للقيام بدورها الوطني ومن يرد تحصين الجيش اللبناني ودوره في الدفاع عن الوطن وفي حماية الوجود وجب عليه الضغط في هذا الاتجاه وحماية هيكلية المؤسسة العسكرية من التدخلات والتجاذبات السياسية والطائفية البائسة ونتائجها وانعكاساتها التي تحمل إلى الجيش جميع امراض السياسة اللبنانية وآفاتها الكريهة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى