مقالات مختارة

روسيا تشكك في نيات واشنطن حميدي العبدالله

 

بعد زيارة وزير خارجية الولايات المتحدة إلى موسكو ولقائه المسؤولين الروس وعلى رأسهم الرئيس فلاديمير بوتين، سادت تكهّنات بأنّ ثمة اتفاقاً ناجزاً تمّ التوصل إليه بين موسكو وواشنطن، على قاعدة المقترحات الأميركية التي تحدثت عنها صحيفة «واشنطن بوست» عشية قيام كيري بزيارة روسيا.

لكن تحليل الوقائع والتصريحات، ولا سيما التي أدلى بها المسؤولون الروس وفي مقدّمتهم وزير الخارجية سيرغي لافروف، تشير إلى أنّ جلّ ما تمّ التوصل إليه أثناء زيارة كيري إلى موسكو هو الرغبة في التوصل إلى تفاهمات بشأن القضايا موضع الخلاف بين روسيا والولايات المتحدة، وفي مقدمة هذه القضايا مكافحة الإرهاب، واستئناف مفاوضات جنيف، وأوكلت مهمة التوصل إلى تفاهمات حول هاتين المسألتين إلى خبراء أميركيين وروس، عسكريين وسياسيين من وزارتي الخارجية في البلدين، وعلى هذا الأساس بدأت سلسلة من الاجتماعات في جنيف للوصول إلى هذه التفاهمات. أيّ أنه لم يكن هناك اتفاق منجز والمطلوب وضعه في التطبيق، بل المطلوب الوصول إلى هذا الاتفاق، وهذا يعني أنه يمكن أن تحصل تفاهمات بين الخبراء حول سلسلة من القضايا، ويمكن أن لا تحصل، وترحّل القضية كلها إلى الإدارة الأميركية التي سوف تنتخب في شهر تشرين الثاني المقبل.

تصريحات المسؤولين الروس التي تؤكد عدم وجود اتفاق، وتشكك بنوايا الولايات المتحدة تمثلت بتصريح نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف الذي قال عشية بدء لقاءات جنيف بين مسؤولين روس ومسؤولين أميركيين حرفياً: «سيعقد غداً في قصر الأمم اللقاء الثلاثي بين روسيا وأميركا والأمم المتحدة بشأن سورية، وموسكو تنظر بشكل بناء إلى اللقاء، ويتوقع تبنّي واشنطن في المقابل موقفاً بناءً في العملية السورية»، وعبارة وموسكو تتوقع من واشنطن موقفاً بناءً، تشير إلى أنه ليس هناك اتفاقات ناجزة بين البلدين حول سورية، وإلا لكانت عبارة غاتيلوف اختلفت عما جاء في تصريحه، وتعكس تصريحات وزير الخارجية الروسي حذراً مماثلاً، وهو يستخدم عبارة «المطلوب» و«ينبغي» على الولايات المتحدة اتخاذ مواقف بناءة والتعاون الجدي في مكافحة الإرهاب، وإطلاق مفاوضات جنيف من جديد برعاية الأمم المتحدة، ومساندة روسيا والولايات المتحدة.

هذا الحذر البارز والواضح في تصريحات المسؤولين الروس وتشكيكهم في نوايا الولايات المتحدة لا يأتي من فراغ، فهو ثمرة تضافر عاملين: غياب الاتفاق الكامل، ونكوث الولايات المتحدة بعهود ووعود سابقة.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى