ثغرات عين الحلوة مقلقة ابراهيم ناصرالدين
بعد الهجوم الارهابي في نيس وقبله في الكرادة العراقية، ومطار اتاتورك في اسطنبول، وهجمات باريس، وبروكسل وغيرها الكثير من الهجمات الارهابية آخرها هجوم القاع، والانقلاب العسكري «الفاشل» في تركيا، هل من يسال بعد اذا ما كان لبنان قادر على البقاء بمناى عن «حفلة الجنون»؟ او ابعاد ساحته عن الساحات الملتهبة في اليمن والعراق وسوريا في ظل قرار سعودي واضح بالمضي قدما في المواجهة مع ايران وهو ما ظهر جليا من خلال المشاركة الاستفزازية لرئيس الاستخبارات السعودي السابق تركي الفيصل في مؤتمر «مجاهدي خلق»…هذه الاحداث «الزلزال» في المنطقة يخشى المعنيون في لبنان من ارتداداتها الخطيرة على الساحة اللبنانية، ومع غياب «حس» المسؤولية السياسية عند القيادات السياسية، تبقى محاولة درء الاخطار المفترضة على عاتق الاجهزة الامنية وفي مقدمتها المؤسسة العسكرية التي تفعل في الاونة الاخيرة عمليات التنسيق مع كافة الجهات التي يمكن ان تؤدي دورا محوريا في تقليل المخاطر الامنية، واذا كان التنسيق الفعال على حاله مع جهاز امن المقاومة، فان استراتيجية «الامن الاستباقي» فرضت اجراءات غير مسبوقة لمتابعة «البؤر» الموبؤة والمرشحة ان تكون عنوانا لاي تحرك مفترض للخلايا الارهابية..
وفي هذا السياق، تفيد اوساط متابعة لهذا الملف، ان المجموعات «الداعشية» التي القي عليها القبض في الاونة الاخيرة، كشفت الكثير من المعطيات الامنية الخطيرة حول نوايا قيادة «داعش» لتفعيل عملياتها الارهابية في لبنان، كما قدم هؤلاء معلومات على درجة كبيرة من الخطورة تبقى طي الكتمان لضرورات تتجاوز البعد الامني… وسيعلن عنها في التوقيت المناسب… هذه التطورات فرضت استنفارا غير مسبوق في محاولة لوأد اي محاولة لتوسيع رقعة الاستهداف بعد ان تحول لبنان الى «ساحة جهاد» انطلاقا من غزوة القاع، والعمل جار لسد اي ثغرة يمكن لهؤلاء ان ينفذوا منها لتقويض الاستقرار..وبعد دراسة معمقة لعدد من الملفات الامنية اعيد النظر ببعض الاجراءات الامنية المتخذة في عدة مناطق وتغير نمط التعاطي مع التجمعات السورية وزادت عمليات الرص في بعض القرى والبلدات اللبنانية المصنفة ضمن «البيئة» الحاضنة لهؤلاء..وفي هذا السياق اعيد فتح الملف الامني للمخيمات الفلسطينية حيث تبين وجود مخاطر مرتفعة جدا في مخيم عين الحلوة، وبدرجة اقل في المخيمات الاخرى، وسط قلق حقيقي من عدم قدرة الفصائل الوطنية والاسلامية على مواجهة اي خطر جدي يقوم به هؤلاء اولا لانعدام الامكانيات في ظل نقص حاد في العتاد والذخائر، وثانيا لوجود انقسام جدي حول تقدير طبيعة المخاطر المحدقة في المخيم ومحيطه…
وفي المعلومات ان الاجهزة الامنية اللبنانية زودت الفصائل الفلسطينية بمعطيات وقرائن تعزز شكوكاً لديها بأن بعضاً من المنتمين السابقين الى «عصبة الانصار» والمقيمين في «حي الطوارىء» باتوا يوالون تنظيم داعش وهم على صلة بمسؤول العمليات الخارجية في التنظيم المدعو أبو خالد البغدادي ومركزه مدينة الرقة السورية، وأنهما نسقوا معه حول إمكان القيام بعمليات في مناطق لبنانية، وجاءت التحذيرات الامنية من تطورات خطيرة في المخيم بعد ان تبين للجهات اللبنانية المعنية ان حالة من «الاسترخاء» الامني غير المبرر تسود في اوساط القوى الفلسطينية، واللقاء السياسي الامني اللبناني الفلسطيني الذي عقد في ثكنة محمد زغيب العسكرية في صيدا مؤخرا لم يحمل الكثير من «بواعث» الاطمئنان حول قدرة هذه على مواجهة اي قرار «داعشي» باستباحة المخيم، واذا كانت «رسالة» القيادة العسكرية واضحة بمنع استخدام المخيمات معبرا او قاعدة لانطلاق عمليات امنية فان السؤال هو حول كيفية منع حصول ذلك؟
ولفتت تلك الاوساط الى ان ما تبذله القوى الفلسطينية لمنع حصول اي فلتان أمني او اقتتال داخلي او فتنة، نجح حتى الان لسبب بسيط وهو ان الطرف الاخر لا يريد افتعال توتر امني في هذه المرحلة، وما نشر عن تفاهم بين استخبارات الجيش والقوى الفلسطينية على بذل المزيد من الجهود لتحصين الأمن في المخيم والجوار والتنسيق في كل القضايا ذات اهتمام مشترك، ليس الا «الوجه» الحسن من تحذير شديد اللهجة من قيادة الجيش وصلت الى من «يعنيهم الامر» داخل المخيم بضرورة اتخاذ اجراءات ملموسة تمنع اي شخص من العبث بأمن المخيم او تنفيذ أي عمل أمني خارجه وضرورة ان تتحمل جميع القوى كامل مسؤولياتها…
وتلفت تلك الاوساط الى ان «الحساسية» الفلسطينية في التعامل مع هذا الملف «مقلق» للغاية، فالمخيمات الفلسطينية ليست مستهدفة بذاتها، لكن لا يمكن انكار ان «مخيم» عين الحلوة مكان بارز لتجمع عدد كبير من المتطرفين الاسلامين، وملاذ آمن للكثير من المطلوبين والملاحقين من قبل الاجهزة الرسمية اللبنانية، والمطلوب في هذه المرحلة جدية اكثر في التعامل مع المخاطر وزيادة التنسيق الداخلي ومع الاجهزة الامنية اللبنانية، والاهم من كل ذلك وضع خطط طوارىء للتعامل مع اي تطورات «داراماتيكية» قد تؤدي الى ما لا تحمد عقباه.
ومن هنا لا داعي لاي استياء فلسطيني من «التهويل» الاعلامي لان نفي وجود خلايا لتنظيم «داعش» في المخيم، لا يفيد احد ويوحي بعدم وجود متابعة جدية وادراك لهذه المخاطر، فالقوة الأمنية المشتركة تستطيع حفظ الامن في الظروف العادية ولكن حتى الان لم يقدم الفلسطينيون ما يدفع الى الاطمئنان بان المخيم قادر على الصمود امام اي محاولة جدية من المتطرفين للسيطرة عليه، وهنا لا تكفي تطمينات بعض القيادات الفلسطينية بوجود تفاهمات ضمنية مع المجموعات المتطرفة بعدم توريط المخيم بما لا طاقة له على تحمله، فالنويا الطيبة بالمحافظة على الامن والاستقرار تسقط بمجرد حاجة هؤلاء الى ساحة جديدة لتفعيل العمل «الجهادي»…. «الامن الاستباقي» بات اولوية ولا يجوز الحديث عن «مبالغات» في تناول ملف عين الحلوة، خصوصا ان ثمة انكار للواقع من بعض الجهات الفلطسطينية التي تنفي تعاظم قدرة التكفيريين في المخيم في ظل المعلومات عن نجاح بعض الدعاة الاسلاميين الناشطين في تجنيد عدد من الشبان للقتال مع «داعش» في سوريا، وما يزيد القلق ايضا ان القوى الفلسطينية تبدو عاجزة حتى عن تسليم عدد من المطلوبين الى السلطات اللبنانية وفي مقدمتهم شادي مولوي.
ومع وصول عضو اللجنة المركزية والمشرف على حركة «فتح» في لبنان عزام الاحمد الى بيروت يفترض ان تتخذ الاتصالات منحا اكثر جدية، لان ثمة مشكلة اخرى تتعلق بالبنية التنظيمية لحركة فتح في ظل تعزيز «الجناح» المحسوب على محمد دحلان لوضعه داخل المخيمات الفلسطينية، ومن المعروف ان ارتباطات دحلان الاستخباراتية مثيرة للقلق، واي انقسام داخل حركة فتح سيؤدي الى اضعاف موقف الفصائل الفلسطينية المناوئة للتيارات المتطرفة.. وفي هذا الاطار تشير تلك الاوساط الى ان شعار المرحلة الان هو «الامن الاستباقي» فوق كل اعتبار وهذا يعني ان لا خطوط حمراء ستقف امام تحرك الاجهزة الامنية لؤاد الهجمات الارهابية في مهدها خصوصا ان معلومات اجهزة الاستخبارات الغربية والاقليمية غير مطمئنة وتجمع على دخول لبنان في صلب اهداف المجموعات التكفيرية التي تتعرض لضغط كبير في سوريا والعراق…
(الديار)