مقالات مختارة

الشرقية تبدأ بالعربية: تسفي برئيل

 

تقرير لجنة بيتون “لتعظيم إرث يهودية الشرق واسبانيا في الجهاز التعليمي” هو من الوثائق الهامة في تاريخ الدولة. رغم الاخطاء التي فيه والتي سيكتب عنها الكثير من الكلام، في جوهرها هي وثيقة لتعريف الهوية. الهوية الثقافية والتاريخية والقومية ليس ليهودية اسبانيا والشرق بل الاسرائيلية ودولة اسرائيل.

يتناول التقرير في جوهره اصلاح الرواية بالكشف عن التاريخ الذي أخفي وفي جهد لشفاء أحد امراض التمييز الذي انشأه مجتمع اسرائيلي متخاصم وغاضب. محظور أن يتحول هذا التقرير الى وثيقة اخرى ميتة تُدفن في آلة البيروقراطية أو تستخدم في أيدي السياسيين كعلم للتلويح به، من اجل اظهار عظمتهم ورحابة صدرهم.

الوثيقة المكتوبة في 350 صفحة وهي تشكل قطعة تاريخية، ومن الجدير أن يتم تعلمها وبحثها كونها شهادة مكتوبة، بالتأكيد ليست كاملة، للمبنى المتزعزع الذي على أسسه الضعيفة بنيت الرواية الاسرائيلية. هذا المبنى الذي استبعد منه وعن قصد قسم من السكان الذين أمروا بتذويب أنفسهم في فرن الصهر المزيف.

الوثيقة تتكون من طابقين رائعين، أحدهما مصنوع من طوب الماضي ويحدد مكانة يهود الشرق الذين جاءوا من الدول العربية واسبانيا، والثاني يضع هدفا مستقبليا يجعل اسرائيل في الثقافة الاقليمية. ولاول مرة يوضع بشكل موثق دون خجل أو اعتذار طلبا للاعتراف باللغة العربية وبتاريخ الدول العربية والاسلام، والعلاقات التي لا يمكن قطعها بين الشعر العربي واليهودي ودور كبار اليهودية الشرقية في تاريخ شعوب الشرق، وحركات التعليم العالي والقومية العربية. باختصار – تعلم وفهم الثقافة اليهودية الشرقية كجزء من سياق أوسع وليس في اطار انثروبولوجي – قبيلة ينسبون اليها فولكلور مشترك.

“العرب والاسلام طُرحوا ليس فقط في سياق العلاقة مع اليهود، بل ايضا بحد ذاتهم، ويستطيع الطلاب اليهود الاستفادة من ذلك، وتاريخ الدول الاسلامية سيدخل الى السياق التاريخي الذي هو أجدر”، جاء في القسم حول تعليم التاريخ.

دون تعريف ذلك بهذه الكلمات، فان التقرير “يُخرج من الخزانة” فكرة العربية اليهودية التي توقظ العجائب لدى الكثير من اليهود الشرقيين، وتشكل سببا لتعالي “اليهودي الاوروبي”. في مقابلة أجراها ألموغ بهار مع البروفيسور ساسون سومخ في 2008، قال سومخ “من اجل أن تكون عربي يهودي عليك الاستجابة لاربعة شروط: لغة الام يجب أن تكون عربية وأن تولد وتكبر في جالية يهودية لغتها عربية في بلاد تتحدث العربية وأن يكون التعليم الاساسي عن طريق الثقافة العربية. بهذا المعنى اذا تطرفت، كنت سأقول إنه من اجل أن يكون الشخص عربي يهودي يجب أن يكون الشاعر المتنبي هو أول الشعراء الذين يقرأ لهم، المتنبي هو أحد أكبر الشعراء العرب في العصور الوسطى”.

الثقافة الشرقية الاسرائيلية لا يمكنها اصلاح ذاتها فقط بواسطة الميزانيات أو التعيينات حسب الاصل. دون نشر وتعظيم اللغة العربية ودون الاعتراف بتاريخ الدول العربية والأدب القانوني العربي، وعندما يتم رفض كل ما هو عربي على خلفية قومية فان مياه النبع الذي استمدت منه يهودية الشرق ستعتبر مسممة.

تقرير بيتون الذي يطلب من اسرائيل التصالح مع الثقافة اليهودية التي تعتبرها دونية يستطيع فتح مسار الى الثقافة التي اعتبرت عدوة. إنه يمنح الشرعية لالغاء الخوف من الثقافة الشرقية العربية لأنه مليء بالرغبة والتعطش للتفاخر الثقافي الذي حرم منه يهود الشرق. ولكن قبل أن ننجر وراء البشرى يجب علينا تذكر من هم الوزراء المسؤولين عن التعليم والثقافة ومن هي الحكومة التي مطلوب منها تشكيل الرواية الشرقية.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى