مقالات مختارة

اسرائيل تجاوزت في حربها الاخيرة في غزة جميع الخطوط الحمراء: عميره هاس

 

نعم إن اسرائيل انصرت في حرب 2006، واذا كان ذلك في السياق الفلسطيني لهذه الحرب، فان حزب الله لم يحرك ساكنا عندما هاجمت اسرائيل قطاع غزة ثلاث مرات بعد حرب لبنان الثانية. الردع هنا يفعل فعله.

نعم اسرائيل انتصرت في حربها ضد الفلسطينيين في قطاع غزة سنة 2014. والدليل على ذلك هو أنه لم يتم رفع الحصار عن القطاع، والمواطنون يستمرون في العيش كأسر لمدى الحياة. ويعيشون منفصلين عن ذلك المكان في العالم، الذي هو هام بالنسبة لهم، الضفة الغربية واسرائيل. وألف قافلة تبرعات من تركيا لن تطلق سراحهم.

إن اسرائيل راضية لأن الحرب لم تعمل على رأب الصدع السياسي الفلسطيني الداخلي. ودليل آخر هو أن اسماعيل هنية قال في الاسبوع الماضي إنه ليس هناك حرب جديدة في الأفق. ويمكن اعتبار ذلك تصريحا يدلل على أنه لا يمكن التضحية بالجمهور من جديد على مذبح الاحترام القومي والحمساوي. الردع يفعل فعله، حتى لو كان المستوى العسكري في حماس يفخر بأنه عمل على اطالة مدى الصواريخ التي قام بشرائها أو تهريبها أو صنعها، ببضعة سنتيمترات. نعم، الردع هو جريمة حرب وأعلام سوداء.

في هذا الشهر سيتم احياء ذكرى مرور عقد ومرور 12 سنة على هذين الفصلين المظلمين اللذين تمت اضافتهما الى ما سبقهما في تاريخ اسرائيل. ذات مرة قمنا بتعزية أنفسنا بأن الجريمة لا تفيد على المدى البعيد، لكن المدى القصير يزداد طولا ويصبح مدى متوسطا. والمتوسط يقترب من المدى البعيد. وها هو الغرب لم يقم بقطع علاقته معنا رغم المظاهرات ضد اسرائيل، وهو يقوم باجراء مساواة بين الاحتلال و”التحريض”، والدول العربية لا تتجند من اجل مساعدة الفلسطينيين، والتعاون الامني الامريكي الاسرائيلي لم يتوقف، والمانيا باعتنا غواصات وهناك الكثير من الافلام الاجنبية في المهرجان في القدس.

إن قطاع غزة ليس دولة مستقلة، حتى لو رغبت حماس بالتصرف كسيد. قطاع غزة هو جزء من الاراضي الفلسطينية التي احتلت في 1967، وبتصويت اغلبية دول العالم تم اعتبارها دولة غير عضوة في الامم المتحدة. معايير سيطرة اسرائيل على قطاع غزة تختلف اليوم عن التي في الضفة الغربية وفي القدس – لكن اذا لم يتم تحويل غزة الى محررة. تذكير: اسرائيل تستمر في السيطرة على سجل السكان الفلسطينيين في الضفة وفي القطاع، وهي التي تحدد من هو مواطن ومن هو لا، ومن يحصل على بطاقة الهوية في جيل الـ 16. هذا هو الاحتلال.

كل شعب يقع تحت الاحتلال من حقه ومن واجبه أن يقاوم المحتل. ولكن عند اختيار وسيلة النضال فمن واجب القيادة مراعاة أمور اخرى. اضافة الى قداسة الحقوق وصدق الغضب: قدرات عسكرية، اخلاق، القانون الدولي، المنطق، الظروف الدولية والوضع الداخلي. إن الحروب في قطاع غزة كانت استمرارا للسياسة بوسائل عسكرية. وفصل القطاع هو جزء من محاولة تفتيت الشعب الفلسطيني كي لا يتصرف كشعب. ولكن اختيار حماس للمواجهات العسكرية مع اسرائيل كان من اجل تحقيق اهداف سياسية بوسائل اخرى. نظرية الضاحية في 2006 علمتنا أنه في ساحة الحرب والتسلح فان اسرائيل هي البطلة. وقد قررت حماس المخاطرة والمنافسة في نفس الملعب، وفشلت. وكمنظمة لها جيش، حماس ليست مجرد طرف سلبي. الجمهور في القطاع دفع ثمنا باهظا لقاء ترجمة سياسة المنظمة القومية الاسلامية للمواجهة العسكرية. السياسة؟ منافسة م.ت.ف على القيادة، وأن تكون جهة مقررة في السياسة العربية والاسلامية، وتقوية جناح حماس في غزة، وكنس الانتقادات الداخلية للوضع القاهر في القطاع واخفاقات صفقة شليط.

في ظل الواقع العسكري هذا لا يستوي: إما أن اسرائيل تريد الحروب وتنفذ جرائم حرب، وإما أن حماس تريد المواجهة. ولكن في الواقع الحقيقي ليس هناك إما أو إما، بل يوجد ايضا وايضا. كقوة محتلة مسؤولة عن السكان الذين تحت الاحتلال، تجاوزت اسرائيل كل خط احمر في قصفها: العالم سيتذكر الى الأبد مزايا الحرب الاخيرة، قصف المنازل على سكانها، الجيش الاسرائيلي يملأ فمه بالمياه، وهو لا يوضح ما هي الحاجة العسكرية التي تقف من وراء قصف 142 منزل فيها عائلات كاملة، شيوخ ونساء واطفال نائمين أو يتناولون وجبة الافطار في رمضان. 142 منزل، 742 شخص.

حماس من ناحيتها تبيع الاكاذيب حول تأثير الصواريخ والانفاق ضد اسرائيل، وحول الانجازات العسكرية الكبيرة. الصراع المسلح هو قيمة عليا بالنسبة للفلسطينيين ومن يؤيدونهم. في الشتات الفلسطيني وفي الضفة يقيسون وطنية حماس حسب مدى صواريخها. وفي غزة المصدومة دائما؟ لا أثق بأي أحد يقول إنه يؤيد مواجهة عسكرية اخرى تقوم فيها اسرائيل بهدم عشرات آلاف المنازل وتحول آلاف الاشخاص الى معاقين مدى الحياة وتقتل مئات الاولاد والنساء والشيوخ والشباب وتخلف آلاف الأيتام. وحتى لو كان المقابل انفعال لحظي لصاروخ اعترضته القبة الحديدية، أو تشويش الرحلات في مطار بن غوريون أو تفجير دبابة اسرائيلية داخل حي سكني آخر تم تدميره، يتصاعد منه الدخان وينزف.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى