من يزعم أن عمل “نحطم الصمت” في العالم غير ديمقراطي يتجاهل جرائم الاحتلال التي هي بحد ذاتها مناقضة للديمقراطية: جدعون ليفي
النقاش حول الاحتلال يمكن أن يتم فقط في الخارج. نقاش كهذا يتطلب وجود مجتمع حر وديمقراطي يعرف ما يحدث، لذلك لا يمكن أن يتم في البلاد، بالضبط مثلما أن النقاش حول مصير اليزيديين لا يمكن أن يتم في العراق، ومصير المثليين والصحفيين لا يمكن أن يُناقش في روسيا.
تحت السلطة الاسرائيلية يعيش مجتمعين غير قادرين على اجراء نقاش حول الاحتلال: المجتمع اليهودي الذي ينكر ولا يعرف أي شيء ولا يريد معرفة أي شيء، والمجتمع الفلسطيني الذي يعرف كل شيء لكنه لا حقوق له. في الوضع الذي يكون فيه مجتمع قادر على التأثير لكنه لا يعرف الواقع، والثاني يعرف لكنه لا يُسأل عن رأيه، يجب العمل لاخراج النقاش الى الخارج، والاهتمام بأن يعرفون في الخارج كيف يبدو الاحتلال الاسرائيلي، والحديث عن جرائمه. هذه هي الطريقة لوضع حد. الادعاء بأن هذه خطوة غير ديمقراطي هو الادعاء الاكثر وقاحة وتلون مما أُسمع هنا: الاحتلال هو ديمقراطية وابلاغ العالم عن جرائمه هو غير ديمقراطية، لا توجد حدود.
يئير لبيد ايضا يريد ترتيب الوضع في البيت، كما أنهم يغلقون العيون برعاية غور، وكما أغلقوا ذات مرة العيون في الكيبوتسات وكما يغلقون العيون عن عائلات الجريمة. “في نحطم الصمت لا يريدون بالفعل التأثير على المجتمع الاسرائيلي هنا في البيت، إنهم يفضلون تشويه صورتنا في الخارج”، كتب يئير لبيد أول أمس في مدونته. صحيفة “هآرتس″ باللغة الانجليزية شريكة حسب رأيه في جريمة التشويه. يئير مكارتي يحاربه دون توفير أي وسيلة، بما في ذلك الحديث عن زوج المحررة المستقبلية للصحيفة.
إن من واجب “نحطم الصمت” ابلاغ الجميع، ومن واجب “هآرتس″ ابلاغ الجميع، في البلاد وخصوصا في العالم. يجب نشر جرائم الاحتلال في كل مكان. لا يمكن اغلاق العيون “في البيت”، لأنه في البيت هناك غسل للدماغ وغسالة للجرائم تصل الآن الى ذروة جديدة: ليس فقط لا توجد جرائم، بل لا يوجد احتلال أيضا. لا يمكن اجراء نقاش مع من هو مقطوع عن الواقع. والواقع هنا هو أن جرائم الاحتلال فظيعة وتزداد خطورة.
يجب ابلاغ العالم عن كل حالة اعدام وعن الابرتهايد في تقسيم المياه الذي يصرخ الى عنان السماء وعن الاعتقالات الجماعية – 4.800 شخص تم اعتقالهم منذ بداية موجة المقاومة الحالية، منهم 1.400 من الاولاد. في الانتفاضة الثانية تم اعتقال 80 ألف فلسطينيا وهناك 24 ألف أمر اعتقال بدون محاكمة. ألا يجب ابلاغ العالم عن ذلك؟ إذاً لمن نقول؟ للاسرائيليين الذين يعتبرون كل فلسطيني مخرب وكل مخرب يستحق الموت. ألا يجب ابلاغ العالم بأن حوالي مليون فلسطيني تم سجنهم منذ بداية الاحتلال؟ وعدم القول إن 60 شخصا من المُشرعين تم اعتقالهم في الدولة التي تزعم أنه ليس فيها اعتقالات سياسية، في الدولة التي يتم فيها اختطاف اشخاص من أسرتهم كل ليلة، بدون أمر من المحكمة واحيانا بدون سبب ايضا. واذا لم يتم الحديث عن ذلك فكيف سينتهي هذا الوضع.
إن دخول روسيا الى اوكرانيا لم يكن موضوع روسي داخلي، والابرتهايد في جنوب افريقيا ايضا. معارضو الابرتهايد تحركوا في أرجاء العالم من اجل الحديث عن جرائمه. نشر المعلومات هو الطريقة من اجل الحصول على التدخل الدولي الذي يكون احيانا الخيار الاخير.
إن كل من يحطم الصمت في اسرائيل يقوم بدوره الوطني والانساني والاخلاقي. لبيد يعرف أن “نحطم الصمت” أو “هآرتس″ ما كانا ليبقيا لولا الحديث عن الحقيقة. اللبيديون يعرفون، لهذا بالتحديد هم يخافون منهما ويحاربونهما بوحشية. لقد تم تسجيل انجاز متواضع واحد للبيد وهو أن مجرد معرفة أن اسمه يشتعل تحت الاقدام أو يتم ذكره على رؤوس اللبيديين – يبث أمل معين.
هآرتس