لهذه الاسباب تصعيد الحريري ضد حزب الله وايران «صفر على الشمال» ابراهيم ناصرالدين
عندما يخاطب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله جمهوره لا يحتاج الى استحضار التحريض على تيار المستقبل ورموزه من اجل «شحذ الهمم» والاستنهاض، لديه ما يكفي من «اوراق القوة» «والكاريزما» الشخصية لايصال رسائله، ومنح مريديه الدفع المعنوي المطلوب في المواجهة المفتوحة على اكثر من جبهة داخلية وخارجية…في المقابل لا يملك الرئيس سعد الحريري الخصال الشخصية التي تؤهله استعادة ثقة جمهوره، وراكم خلال السنوات الماضية، والاشهر الاخيرة خصوصا، الكثير من اوراق الضعف والوهن، ولا يجد «بين يديه» سوى ملاحقة السيد على «الدعسة» للرد على خطاباته، هي «ماركة» مسجلة باسم رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع الذي نال حصريتها ابان «شهر العسل» مع السعودية، واليوم يستخدمها رئيس «التيار الازرق» لاستعادة هيبته المفقودة في «الشارع السني»…هنا يكمن الفرق بين «رجلين» «وخطابين» لا تجوز المقارنة بينهما اصلا..ولكن يبقى السؤال هل ينجح الحريري باستعادة ما خسره؟ هل سيتحول كلامه الى افعال؟ ام ستبقى خطاباته الرمضانية «صفر» على الشمال»؟؟؟
اوساط قيادة في 8آذار لا ترى في تصعيد الحريري ما يستحق التوقف عنده، لانها مجرد كلمات لن تجد اي ترجمة عملية على ارض الواقع، ومن الطبيعي كلما ذهب الحريري باتجاه الشمال سيزداد تطرفا، وفي هذا السياق ربما من حق وزير العدل المستقيل اشرف ريفي رفع دعوى قضائية عليه بتهمة سرقة «حقوقه الفكرية» بعد ان استنسخ خطابته «التحريضية»، لكن يمكن «للزعيم» الشمالي الجديد ان يضحك في «سره» كثيرا لانه يدرك ان ما يقوله الحريري يثير المزيد من «السخط» في اوساط جمهور «المستقبل» «المتمرد» لادراكه انه غير قادر الا على «بيعهم» كلام دون القدرة على تسييله الى افعال، لا يزال «مكبلا» بموازين قوى داخلية وخارجية تمنعه في الدخول في مواجهة جدية مع حزب الله، هو الان لا يخوض معركة مع الحزب وانما حربه الحقيقية على محورين، الاول استعادة ثقة المملكة العربية السعودية، والثاني محاولة انقاذ ما يمكن انقاذه بعد انفراط «عقد» التيار الازرق واتساع حالة التمرد عليه..
وبحسب تلك الاوساط، يحتاج الحريري الى الكثير من الوقت والجهد لاستعادة ما فقده، فمن تمرد عليه من قيادات المستقبل يسبقونه باشواط كثيرة وسقف التصعيد لديهم عال جدا، وهو غير قادر في هذه المرحلة على اللحاق بهم مهما حاول رفع نبرة خطابه، «القنابل الصوتية» لا تجدي نفعا، التقليل من شأن الشهيد مصطفى بدرالدين لا يقدم ولا يؤخر، وتوجيه الانتقادات اللاذعة لايران مجرد كلام «دون جمرك»، تكرار الكلام عن تبعية حزب الله للجمهورية الاسلامية، «اسطوانة» مملة لم تعد «تطرب» احدا، الشريحة «الحردانة»في جمهور المستقبل باتت تحفظ هذا الكلام عن «ظهر قلب» لكنها تسأل الحريري عما سيفعله ازاء ذلك؟ ريفي استقال فهل سيفرط هو بحكومة «ربط النزاع» مع الحزب؟ هل سيوقف «مسلسل» الحوار الثنائي؟ هل سينسحب من «طاولة الحوار الوطني»؟ هل سيعود الى تحريض المصارف على مزيد من التضييق على حزب الله؟ هل سيتخلى عن سياسية التعقل المستجدة في هذا السياق بعد تراجعه «خطوة الى الوراء»؟ هل سيسحب ترشيحه الرئاسي «لصديق» الرئيس السوري بشار الاسد الوزير سليمان فرنجية؟ كلها خطوات يبدو الحريري عاجزا عن الاقدام عليها لانه يدرك ان في ذلك انتحار سياسي «وخطوة» في «مجهول» لا توافق عليها القوى الدولية الراعية للاستقرار اللبناني «الهش»… «الحكي ماشي» «والشغل مع حزب الله ماشي» وهذا ما يجعل من كلامه «صفرا مكعبا» «لا يغني ولا يثمن عن جوع»..
وفي هذا السياق تقول اوساط سياسية شمالية، «الحريري يدرك انه غير مؤهل للدخول في مواجهة مع حزب الله، «ثوب» المعركة بات «فضفاضا» واكبر من قدراته، ولذلك يخوض معركته في «زواريب» طرابلس وعكار، مستجديا الرئيس نجيب ميقاتي عدم التخلي عنه في محنته، وهو يدرك ان الكثيرين ينصحون رئيس «تيار العزم» بمغادرة «سفينة» المستقبل وتجنب الغرق معها، كما استعاد خطابا غاب لسنوات تذكر فيه «القائد الوطني والعروبي الشهيد رشيد كرامي»، مع العلم انه كان من ابرز داعمي المتهم بقتله للرئاسة.. هو يريد وباي ثمن تلقين «الجنرال» المتمرد درسا في الخروج عن الطاعة، ليكون عبرة لغيره، لكنه يبقى عاجزا عن فعل لذلك، لان «الاعتدال» الذي تحدث عنه لمواجهة الفتن والارهاب، هو من تسبب لطرابلس بمآسيها، ومن تمرد عليه كان يدير بمعرفته «فتنة» فتح الاسلام، اما انقاذ طرابلس وكل لبنان من المصير الاسود الذي تواجهه سوريا، يعود الفضل فيه الى حزب الله ولا يسجل في خانته، هو حاول توريط جمهوره بحرب تفوق قدراته، ولولا تدخل الحزب عسكريا لتحولت الحدود اللبنانية السورية الى الشرارة الاولى للحرب الداخلية… اما محاولة الحريري «رشوة» اهل طرابلس بتعهدات انمائية، فيعرف اهل الشمال انها لن تاتي خصوصا انه عاد لربطها بالانتهاء مما اسماه «كابوس» بشار الاسد…انها الاوهام نفسها والوعود نفسها ومن لا يملك مالا لتسديد حقوق موظفيه لا يملك غير التصعيد الكلامي «والتصويب» على حزب الله عله ينال مجددا ثقة المملكة مع الامل ان تتحول الى سيولة..
اما اكثر العارفين بعبثية حرب «الطواحين» الحريرية فهو النائب وليد جنبلاط، يدرك «البيك»جيدا ان المملكة العربية السعودية فقدت ثقتها بدور حلفائها في بيروت وقررت خوض المواجهة مباشرة مع حزب الله، ولذلك اتخذ قرارا بتطوير علاقته مع الحزب والانتقال الى منطقة «الحياد الايجابي» في ظل احتدام الهجمة السعودية -الخليجية – الاميركية، لم يطلب منه السعوديون شيئا محددا، ولا يجد نفسه معنيا بمواجهة لا دور له فيها، اذا كان الحريري يحتاج الى خطاب تعبوي لاعادة لملمة شارعه المبعثر، ويحتاج الى المزايدة على وزير العدل المستقيل اشرف ريفي، فان جنبلاط لا يعاني من ضغوط مماثلة، وفي هذا السياق فان تلبيته دعوة الحزب للافطار في هذه اللحظة، امر يتسم بالواقعية، هو يدرك انه غير قادر على التاثير في الصراع الاقليمي والدولي الدائر في المنطقة، ليس في وارد تبديل موقفه من النظام السوري راهنا، ولا توجد عند حزب الله اي اوهام في هذا الاطار، وكذلك لا يتوهم هو بانه قادر على تغيير موقف الحزب من الحرب السورية، في لحظة «الجنون» الاقليمي والدولي، اختار «البيك» التعقل في محاولة لايجاد قواسم داخلية مشتركة مع الحزب للحفاظ على الحد الادنى من الاستقرار الامني والسياسي، ومحاولة ايجاد مخارج رئاسية ونيابية معقولة،هو يريد طمانة الحزب وجمهوره انه ومن يمثل ليس في وارد التورط في «لعبة امم» جديدة، في المقابل يعمل الحريري على استدراج العروض لاستعادة دوره المفقود، تصعيده المتدرج يصيب جنبلاط بالمزيد من الحرج بعد ان كرر في الاونة الاخيرة نصائحه لخصوم «زعيم المستقبل» بضرورة «استيعابه» وتقدير ظروفه الصعبة ماليا وسياسيا…
(الديار)