مقالات مختارة

سجال أطراف إدارة أوباما حول سورية حميدي العبدالله

 

في أحدث تصريح له أثنى وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري للمرة الثانية على الرسالة التي وجهها عدد من العاملين في الخارجية الأميركية والتي تدعو إلى ضرب الجيش السوري. وفي أحدث ردّ لـه على تصريحات وزير خارجيته أصدر البيت الأبيض بياناً قال فيه «الحرب على العراق علّمتنا درساً لن نكرّره في سورية».

تعكس هذه السجالات خلافات مستمرة داخل الإدارة الأميركية، منذ بدء الأزمة في سورية، وعجزت حتى الآن عن وضع حدّ لها، سواء لجهة تبني خيار تكرار التدخل العسكري المباشر الواسع على غرار ما حصل في العراق وأفغانستان وليبيا، أو تسهيل الوصول إلى حلّ سياسي للأزمة في سورية، لكن السؤال الأهمّ، هل يستمرّ هذا السجال مع الإدارة الأميركية الجديدة، بمعزل عن هوية ساكن البيت الأبيض القادم، أم يستمرّ السجال إلى ما لا نهاية معبّراً عن انقسام يصعب التغلب عليه في ضوء مسبّباته الموضوعية؟

بات واضحاً أنّ ساكن البيت الأبيض القادم واحد من اثنين، إما دونالد ترامب المرشح الجمهوري، وإما هيلاري كلينتون المرشحة الديمقراطية.

ترامب على عكس الزعماء البارزين في الحزب الجمهوري، وعلى رأسهم المرشح السابق للرئاسة السيناتور جون ماكين، لا يحبّذ تدخلاً عسكرياً مباشراً واسعاً في سورية، وهو لا يرى أنّ أولوية الولايات المتحدة توجيه ضربات للجيش السوري على غرار ما يطالب به موقّعو الرسالة في وزارة الخارجية الذين يحظون بدعم وزير الخارجية جون كيري، بل إنّ الأولوية هي لمحاربة تنظيم داعش. وإذا ما وصل ترامب إلى البيت الأبيض فالأرجح أن لا تحظى سياسة التدخل العسكري الواسع والمباشر أيّ فرصة، أو على الأقلّ يستمرّ الانقسام والسجال حول هذا التدخل على غرار ما هو حاصل الآن في ظلّ إدارة أوباما.

أما إذا وصلت كلينتون إلى البيت الأبيض، فهي من أنصار التدخل الواسع، لكن من المعروف أنّ النخبة الديمقراطية، وليس الجمهورية وحدها، منقسمة على نفسها إزاء هذا الخيار، وبهذا المعنى فإنّ الانقسام سوف يستمرّ، وسيكون للجيش والمؤسسات الأمنية الدور الأكبر في ترجيح أيّ خيار، والمؤسسات العسكرية والأمنية تعكس المناخ السائد لدى النخبة الأميركية، والشركات الأميركية.

الوضع في سورية أكثر تعقيداَ من الوضع في العراق وأفغانستان وليبيا، عندما انزلقت الولايات المتحدة إلى التدخل العسكري الواسع والمباشر. يعكس تعليق نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» على رسالة العاملين في الخارجية القلق من هذا الوضع المعقد في سورية «التدخل الأميركي من شأنه أن يغرق واشنطن في صراع قاتل لا يمكن التنبّؤ به، فالقوات الجوية الروسية، ووحدات من القوات الإيرانية شبه العسكرية والتي تقاتل إلى جانب الرئيس الأسد يتزاحمون على سماء وأرض المعركة وأنّ أولوية أوباما الآن تتركز على هزيمة الدولة الإسلامية في سورية وليس تغيير النظام»، وأضافت «إنّ التدخل الآن يهدّد بتصعيد حرب بالوكالة مع موسكو». من غير المحتمل أن تتغيّر هذه المعطيات في وقت قريب، وبالتالي فإنّ الأسباب التي قادت إلى السياسة الأميركية الحالية، والسجال حولها، سوف تستمرّ مع الإدارة الجديدة.

(البناء)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى