مقالات مختارة

اردوغان يسرع حملة التطهير التي يديرها ضد الجهاز القضائية : تسفي برئيل

 

ان النواب الذين سارعوا الى تشريع قوانين مناهضة للديمقراطية كـ “قانون التنحية” او القوانين الالتفافية لمحكمة العدل العليا ارتكبوا خطأ. فلو كانوا انتظروا قليلا لكان يمكنهم أن ينسخوا النموذج التركي المتطور، الذي كان لا بد سيوفر كامل امانيهم في تعديل الديمقراطية في اسرائيل.

نائب رئيس السلطة العليا للقضاة والمدعين العامين في تركيا، محمد الماز، صاغ تعريفا ممتازا لوصف طبيعة الديمقراطية المرغوب فيها في تركيا، “انسجام اكبر بين السلطة القضائية والسلطة التنفيذية”. وبالفعل، من اجل تحقيق هذا الهدف سيجتاز قريبا جهاز القضاء التركي احدى الهزات الاشد التي شهدها في حياته. نحو 3.750 قاض ومدع عام سيحالون من مناصبهم أو يقالون، في خطوة تبدو كالمرحلة الثانية من حملة التطهير الاكبر للجهاز القضائي، التي بدأت في العام 2013. في تلك السنة انكشفت قضية الفساد الكبرى التي شارك فيها زعما مسؤولون كبار في حكومة اردوغان ويحتمل أن يكون ابناء عائلته شاركوا فيها ايضا. اردوغان، الذي عزا الكشف لمؤيدي خصمه، رجل الدين فتح الله غولان، الذي يعيش في الولايات المتحدة، أمر باجراء فحص في الجهاز القضائي وفي الشرطة والتخلص من كل من يشتبه بتأييده او علاقته مع غولان.

ولكن اردوغان، الذي احدث منذ العام 2010 الاصلاح الاكبر في مبنى السلطة العليا، الهيئة التي تتشكل من قضاة ومدعين عامين، لا يكتف بهذه التطهيرات. فهو يسعى الان الى تغيير مبنى المحكمة العليا للاستئناف ومجلس الدولة، الهيئة القانونية العليا في المجال الاداري. وحسب مشروع قانون جديد، يبحث هذه الايام في البرلمان، يمكن للرئيس ان يعين شخصيا ربع عموم قضاة مجلس الدولة، الذي سيقل عددهم من 195 الى 90. كما أن عدد قضاة المحكمة العليا للاستئناف سيقل من 516 الى 200.

ستكون هذه اول مرة في تاريخ تركيا، يعين فيها رئيس الدولة هذا العدد الكبير جدا من اعضاء مجلس الدولة. وهذا ليس كل شيء. فمن يوم دخول القانون الى حيز التنفيذ، سيقال كل قضاة المحكمة العليا واعضاء مجلس الدولة، باستثناء رئيسي هاتين المؤسستين وذلك من أجل السماح باجراء الانتخاب والتعيين للاشخاص الذين يرغب فيهم اردوغان، ممن سيكون ممكنا العمل معهم بـ “انسجام اكبر”.

بين اردوغان وحكومة اسرائيل يسود توافق في الرأي في موضوع الحاجة الى ربط الديمقراطية في خدمة الحكم. غير أنه مقارنة باسرائيل، يعرف اردوغان ايضا كيف يجسد هذه الاستراتيجية. ولميري ريغف التي قضت بانه بفضل الـ 30 مقعد “التي لنا”، يحق لها ان تشرع قوانين مناهضة للديمقراطية، ما يمكن ان تتعلمه من عضو البرلمان التركي جليب انسرولو، الذي اوضح في نيسان بان “الاذرع التنفيذية، التشريعية والقضائية باتت في ايدينا”، أي في يد حزب العدالة والتنمية وفي داخل قبضة اردوغان المقبوضة. غير أنه لهذه التصريحات يوجد مفعول قانوني، في الايضاح بان كل شيء يتم حسب القانون والدستور، وان تطهير الجهاز القضائي يستهدف تعزيز الديمقراطية وجعل المحاكم اكثر تمثيلا. تقريبا مثلما هي لغة اعداء المحكمة العليا في اسرائيل.

كما ان اردوغان لا يهمل الجبهة البرلمانية. ففي 7 حزيران وقع على القانون، الذي ينزع حصانة اعضاء البرلمان الخاضعين للتحقيق. وحسب القانون الجديد، والذي يشكل تعديلا للدستور، فان اعضاء البرلمان لن يكونوا هم من يقرر نزع حصانة زملائهم، وهو اجراء قد يستغرق سنوات. بدلا من ذلك يمكن للجهاز القضائي ان يقدم الى المحاكمة كل عضو برلمان فتح تحقيق ضده. وقد اتخذ التعديل للدستور باغلبية 376 عضو برلمان من اصل 550، وبالتالي لا حاجة لان يخضع لاستفتاء شعبي.

مشوقة حقيقة أن قسما من اعضاء المعارضة ايدوا القانون، رغم أن بينهم يوجد من هو قيد التحقيق، وذلك كي لا يظهروا كمن يؤيدون الارهابيين. واذا كان هذا السلوك يذكر احدا ما بانضمام المعسكر الصهيوني الى قانون التنحية، فان التداعي هو على مسؤوليته وحده. واضح أن القانون يرمي الى المس باعضاء البرلمان من الحزب المؤيد للاكراد والذي “سلب” من اردوغان في الانتخابات في 7 حزيران الاغلبية المطلقة في البرلمان، عندما اجتاز لاول مرة نسبة الحسم العالية (10 في المئة) وفاز بـ 13 في المئة من المقاعد. وتعهد اردوغان في حينه بمحاسبة الاكراد، وبالفعل فان من شأن القانون الجديد ان يخفف جدا صفوف الحزب في البرلمان حيث أن نحو 50 من اعضائه استدعوا للتحقيق بسبب “تأييد الارهاب”.

“أمتي غير معنية بمشرعين مدعومين من الارهابيين”، شرح اردوغان. وهو يتهم الحزب المؤيد للاكراد بالعلاقة مع حزب العمل الكردستاني، الذي يصنف كحركة ارهابية، ولكن بالاساس يسعى الى تحقيق اغلبية في البرلمان، تتيح له تغيير طريقة الحكم. اذا كانت اقواله ضد اعضاء البرلمان “المشبوهين بالعلاقة مع منظمات الارهاب” تبدو معروفة، فهذا ايضا ليس صدفة. ففي الكنيست قيلت اقوال مشابهة ضد اعضاء الكنيست العرب. تركيا هي بالفعل دولة شقيقة.

هآرتس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى