ليست أبدا عبثية
غالب قنديل
تعمل آلة التضليل الاعلامي على تصوير القتال الدائر في الميدان السوري بالعنف العبثي وهي سعت منذ البداية لتعميم مفردة الحرب الاهلية في خدمة خطة التمزيق الطائفي والعرقي للشعب العربي السوري الذي اظهرت منه غالبية وازنة عابرة لنسيج المجتمع تمسكها بالوحدة الوطنية وتصدت بقوة لمخطط ضرب الدولة الوطنية والمس باستقلال سورية السياسي وبسيادتها الوطنية وهويتها المقاومة .
من الضروري تأكيد التنويه الذي شدد عليه الرئيس بشار الأسد بدور المؤسسات الدينية الوطنية التي ساهمت في استنهاض موقف شعبي واضح وتصدت للتحريض الذي ساهمت فيه ادوات اعلامية عملاقة وجهات اجنبية وعربية واقليمية تقودها الولايات المتحدة ولولا يقظة الدولة ونجاح الرئيس في ضح وعي وطني واستنفار الجميع ولاسيما في المؤسسات الدينية والقوى الاجتماعية الفاعلة ضد خطر الفتنة ولولا تمسك غالبية السوريين بانتمائهم الوطني وبوحدة النسيج الوطني لشعبهم لكانت خطة استنساخ الحرب اللبنانية في سورية قد نجحت بينما تؤكد الوقائع الفعلية فشلها الصارخ اليوم.
ينحي التضليل الاعلامي حقيقة خطر الارهاب التكفيري والتوحش كقضية تستحق النضال والقتال وتجعل كل ما يقوم به الجيش العربي السوري وسائر حلفائه عملا وطنيا مجيدا لحماية الشعب والوطن ولتخليص المنطقة والبشرية برمتها من آفة خطرة وفتاكة وقد كان حزب الله محقا في اعتبار القتال ضد التكفير في سوريا خيارا لابد منه لحماية لبنان من خطر داهم كانت نذره ساطعة وكارثية ولولا مبادرة المقاومة لما فرض على السلطة السياسية اللبنانية التجاوب مع خيار القتال ضد شبكات التكفير بل كان الجيش اللبناني يواجه في البداية حصارا وتشويها لجهوده ضد الإرهابيين الذين حظوا بالحماية والدعم من قوى شريكة في الحكم ونافذة في المؤسسات وهي نفسها تتغنى اليوم بالاعتدال وتبيع بضاعة دعم الجيش الذي حاصرته وغطت ذبح ضباطه وجنوده وأسر بعضهم في البقاع.
يتجاهل المضللون المتحصنون بصفات الكتاب والمنظرين حقيقة البعد المتمثل بخطط الهيمنة الاستعمارية الصهيونية على سورية في كل ما يدور ويستهدف استقلال سورية الوطني وتمسكها بكل حبة من ترابها في الجولان المحتل ورفضها التنازل والمساومة امام الكيان الصهيوني وحيث تغدو المعركة في وجهها الأشمل معركة استقلال وكرامة دفاعا عن المنطقة العربية وعن قضية فلسطين بقدر ماهي دفاع عن فكرة الاستقلال السوري الحية منذ القرن الماضي والتي روتها دماء آلاف الشهداء زمن الاحتلال العثماني والانتداب الفرنسي وفي معارك الدفاع الوطني ضد الكيان الصهيوني منذ النكبة عام 1948 .
ان الوقائع تكشف شيئا فشيئا العمق الصهيوني للحرب على سورية وحجم الدعم الصهيوني الفعلي للقاعدة وداعش وعصابات الأخوان وسائر التشكيلات العميلة في الميدان السوري ومجاهرة تل أبيب ببعض ما تقدمه لهؤلاء ليست سوى إعلان مسؤولية متأخر ناهيك عن العمليات التي نفذتها إسرائيل مباشرة لخدمة خطط العمليات الأطلسية في سورية.
ليس القتال ضد التوحش والتكفير عبثية وليس القتال دفاعا عن الاستقلال وضد الهيمنة الاستعمارية الصهيونية عبثية وليست الحرب لسحق خطط تمزيق سورية وبعثرتها عبثية كذلك وليس القتال من أجل حق الشعب العربي السوري في حياة كريمة ترعاها دولة مدنية علمانية تعادي التمييز الديني والعرقي بين مواطنيها عبثية.
انها مضامين واهداف تستحق التضحية من اجلها تلك التي تدافع عنها الدولة الوطنية السورية ويستشهد في سبيلها قادة وضباط وجنود ومواطنون وهي ذاتها اهداف نبيلة لكل القوى التي تساند سورية وشعبها وجيشها في معركة تاريخية دفاعا عن البشرية.
لقد أراد المستعمرون عن قصد دفع السوريين إلى حمامات دم عبثية لكن الحقيقة التي صدمتهم وأفشلت خططهم هي مستوى وعي الشعب السوري ويقظة الرئيس الأسد ووعيه التاريخي من البداية ونجاحه في تعزيز التلاحم الوطني وبث الوعي وروح المسؤولية الوطنية وبينما تغدو معركة الدفاع عن سورية محطة فاصلة في مسار تحرير العالم من قبضة الهيمنة الأميركية يصبح دعم سورية والقتال إلى جانبها واجبا قوميا وانسانيا وأمميا على جميع أحرار العالم وتسقط الترهات السفيهة المضللة التي يراد منها تشويه قضية نبيلة يلتقي حولها أحرار شرفاء لا يمكن قبول وضعهم افتراضيا في الكفة المقابلة لعصابات التوحش والتكفير وجيوش المرتزقة الدوليين وحكومات الحلف الاستعماري الصهيوني المجرمة فكم من الأقنعة البريئة تغطي وجوه العملاء الكالحة أليس ذلك درسا سوريا بارزا ومهما لا سيما في السنوات الأخيرة?