أواخر 2017: إسرائيل تستخرج نفط لبنان؟
بات من شبه المؤكد تبعاً لكل المعطيات المتوافرة، القديمة والحديثة، أن بحر الجنوب يحوي مخزوناً ضخماً من الغاز الطبيعي، باعتباره يشكل امتداداً لجيولوجية البحر الفلسطيني المحتل الذي تأكد وجود الغاز فيه بكميات هائلة، ما يعني وفق الخبراء زيادة اسعار البلوكات الجنوبية بالمقارنة مع البلوكات الاخرى، وتخفيف مخاطر الاستثمار ورفع فرص الربح، الامر الذي من شأنه ان يحفز الشركات العالمية على المجيء، برغم المشكلات الحدودية التي سبق للموفد الاميركي آموس هولشتاين ان اعتبر انها يجب ألا تؤخر عمليات التلزيم والتنقيب والانتاج.
وبيّنت دراسة هيئة النفط، المستندة الى مسوحات جيوفيزيائية، والمتقاطعة مع حصيلة دراسة اميركية شاملة، ان هناك العديد من المكامن المشتركة (مع اسرائيل) وغير المشتركة في البلوك رقم 9 والتي يمكن ان تكون امتدادا لحقل كاريش الذي يحوي 4 آلاف مليار قدم مكعب من الغاز.
اما في ما خصَّ البلوك رقم 8، فكانت الدراسة الاميركية قد افادت بأنه يضم مكامن مشتركة مع فلسطين المحتلة وقبرص، وأخرى غير مشتركة، والبعض منها هو امتداد لحقلي تانين ولفيتان اللذين يحويان 17 الف مليار قدم مكعب من الغاز، علما انه من المتوقع ان يبادر الاحتلال الاسرائيلي الى استخراج الغاز منهما في اواخر 2017 او في مطلع 2018 على ابعد تقدير، امتدادا الى حقل كاريش، ما سيهدد الموارد اللبنانية، خصوصا تلك الموجودة في المكامن المشتركة.
والأرجح ان لبنان سيكون في المستقبل على موعد مع معركة ديبلوماسية ترتكز على كل عناصر القوة، لحماية حقوقه في المكامن المشتركة مع الاحتلال الاسرائيلي، وهذه معركة يحتاج النصر فيها الى أكبر قدر ممكن من التماسك الوطني، أقلّه في مواجهة التحدي الاسرائيلي، إذا تعذرت الوحدة إزاء التحديات الاخرى التي تبعثر اللبنانيين وفق معايير غير مفهومة في أحيان كثيرة، ما دفع الرئيس بري الى القول تعليقا على مظاهر الفوضى الداخلية: ربما أصبحت هناك حاجة لانتاج حبوب «منع الخَوَت»..
وبالنسبة الى تطورات الملف النفطي، قال بري لـ «السفير»: إذا كان بعض الظنّ إثم، فإن بعضه الآخر من حسن الفطن، وهذا ما ثبت لي بعدما تأكدت من ظنّي في شأن وجود مطامع اسرائيلية في النفط اللبناني الذي تختزنه الآبار المحاذية لفلسطين المحتلة، ما يفسّر محاولات العدو فرض أمر واقع على الحدود البحرية مع لبنان، وضغوطه على بعض الشركات العالمية كي لا تستثمر في البلوكات اللبنانية الجنوبية، تماما كما ان اسرائيل تتمسك باحتلال مزارع شبعا بسبب مطامعها فيها، انطلاقا من كون هذه المزارع هي الأهم في المنطقة من حيث كمية المتساقطات المائية وشروط التزلج.
وأضاف: لقد تبيّن عبر دراسة مرفقة بخرائط وجود مكامن نفطية مشتركة مع اسرائيل، وتحديدا في البلوكين رقم 8 و9 اللذين يقعان في بحر الجنوب، ما يستدعي منا التحرك العاجل للخروج من دوامة الانتظار، والاسراع في استكمال الاجراءات العملانية لحماية ثروتنا النفطية والغازية، وتفعيل آلية استخراجها المعلّقة.
وأوضح بري أنه بات ملحّاً وضع المرسومين النفطيين على جدول أعمال مجلس الوزراء فورا، والبت بهما، ومن اراد ان يعارضهما فليعارض ولننته من هذه المسألة التي طالت كثيرا، معتبرا ان الوقت حان لتظهر المواقف والنيات على حقيقتها.
وشدّد بري على أهمية ان تعرض جميع البلوكات النفطية العشرة للتلزيم، بغية تثبيت حقنا وحمايته، وبعد ذلك فليباشروا بالتلزيم العملي من البلوك الذي يرونه مناسبا.
وكشف بري عن انه سيناقش هذا الامر مع الرئيس سلام غدا، على هامش جلسة الحوار الوطني، لافتا الانتباه الى انه كان أول من دفع في اتجاه التعجيل بإقرار قانون النفط حتى نكون من المتصدرين في السباق على النفط والغاز في المنطقة، وبالتالي لا يجوز ان نصبح في الخلف نتيجة تجاذبات داخلية غير مبررة.