مثلما نجح الغرب في تقليص خطر القاعدة وزعيمها اسامة بن لادن هكذا سينجح في الكفاح ضد داعش والبغدادي: يوسي ميلمان
لقد كانت الانباء أمس عن تصفية الخليفة ابو بكر البغدادي، مؤسس داعش، سابقة لاوانها. وليس للمرة الاولى. فثلاث مرات على الاقل في السنة الاخيرة قيل أنه قتل في غارة لسلاح الجو الامريكي. وحاليا، يواصل البغدادي العيش ولكنه في واقع الامر “ميت سائر”. فآجلا أم عاجلا ستتجمع المعلومات الاستخبارية الدقيقة وهجوم كامل من طائرات أمريكية واذا بالدائرة تغلق.
البغدادي على زمن مستقطع. هو يعرف هذا وكذا ايضا قادته الكبار الذين يوجدون في الاسابيع الاخيرة في حالة دفاع ويفقدون مناطق، قرى، مدن واراضي. الخلافة آخذة في التقلص. جيش العراق مع ميليشيات شيعية بتوجيه من قائد قوة القدس الايراني، الجنرال قاسم سليمان، تحاصر مدينة الفالوجا في العراق وليست سوى مسألة وقت الى أن تحتل. الجيش السوري من الغرب يتسلل الى مقربة من مدينة الرقة، عاصمة الخلافة، والقوات الكردية تتقدم نحوها من الشمال.
كلما تقلص مدى سيطرة داعش هكذا يزداد يأسه وتتعزز ارادته للرد بعمليات ارهابية من كل مكان: تفجير سيارات مفخخة في دمشق وفي بغداد وتعميق نفوذه والهامه للشباب المسلمين المتطرفين في الغرب. وآجلا ام عاجلا سيعود داعش ليكون مثلما كان في بداية طريقه: تنظيم ارهابي على نمط القاعدة يعمل في صيغة قتل أكثر جرأة وتطورا من الاصل.
ومع كل الفرق بينهما، فان العمليتين الاخيرتين هذا الاسبوع – في اورلاندو وفي باريس – تشيران الى هذا الميل. فهما ينضمان الى احداث الارهاب في الاشهر الاخيرة في بروكسل وفي باريس، وعشرات اخرى نجحت أجهزة الامن في غرب اوروبا في احباطها. وهي تحمل بصمات داعش. من الصعب الاشارة الى قاسم مشترك واحد لها جميعها. في بعض من الاحداث كانت هذه شبكات ارهاب لـ “خريجي” الحروب في سوريا وفي العراق، نظموا واعدوا في الرقة ونقلوا الى الغرب. في بعض الحالات كان هؤلاء افراد أو ازواج أعلنوا في اثناء الحدث بانهم اقسموا الولاء لداعش وللبغدادي، فيما أن دوافعهم هي خليط من الازمات الشخصية او العائلية ارتبطت بعملية تطرف ديني، وكراهية للغرب ولقيمه.
في كل الاحوال، ومما كانت الدوافع، فان معظم العمليات الارهابية في السنوات الاخيرة في الغرب، وبالتأكيد في اورلاندو وفي باريس أمس تكشف عن نقاط ضعف وثغرات أجهزة الاستخبارات وأجهزة القضاء وانفاذ القانون. بعض من منفذي العمليات كانوا “متابعين” – أي معروفين للشرطة ولاجهزة الامن المحلية، وكانت اسماؤهم ترد في قوائم الاسلاميين الخطرين، بل وكانوا اعتقلوا او استجوبوا احيانا، ولكنهم في نهاية المطاف اختفوا عن الشاشات. ينبع هذا من الاهمال، من غياب الوعي ولكن ايضا من قصر “البطانية”. فحتى قوات الامن الافضل في العالم لا يمكنها أن تغطي كل الوقت كل المشبوهين المحتملين، وبالتأكيد لن يكون ممكنا عمل ذلك دون المس بالقيم الهامة للديمقراطيات الغربية: حقوق الانسان، حرمة الفرد، الاجراءات القضائية وغيرها.
رويدا رويدا يتعلم الغرب، وان كان بالطريق الصعب في ظل تقديم الضحايا، لكيفية مكافحة ارهاب الاسلام الاجرامي.
لعله كان ممكنا القيام باختصارات للطريق لو كان هناك وعي أعلى وتصميم أكبر، ولكن مثلما نجح الغرب في تقليص خطر القاعدة وزعيمها اسامة بن لادن، هكذا ايضا سينجح في نهاية المطاف في الكفاح ضد داعش والبغدادي، مع أن احدا لا يوهم نفسه بان الفكرة ذاتها – الحرب المقدسة ضد الغرب المسيحي وباقي الكفار – ستنقضي وتزول.
معاريف