بقلم غالب قنديل

إغلاق “الوفاق” البحريني

غالب قنديل

منذ اجتياح قوات درع الجزيرة للبحرين بهدف سحق حركة الاحتجاج السلمي المطالبة بملكية دستورية بات القرار الحاسم في شؤون المنامة وتفاصيلها ويومياتها يتخذ في الرياض وينظر إليه من ضمن آلية الحروب المتعددة التي تشعلها المملكة السعودية في المنطقة.

ومن المشروع الاعتقاد بان أولوية سعودية حاسمة أعطيت لخوض الحرب الهادفة إلى سحق حركة المعارضة الشعبية السلمية في البحرين وقد فاقت العملية السعودية هناك في الأهمية سواها من تدخلات المملكة وحروبها بفعل القرب الجغرافي والتداخل السكاني الذي يجعل خطر العدوى داهما بقوة خصوصا مع نجاح الشعب البحريني في تقديم نموذج الانتفاضة السلمية المتجددة بقيادة المعارضة المتنوعة والعابرة طائفيا ومذهبيا وعقائديا بمكوناتها اليسارية العلمانية والقومية والإسلامية .

المكانة القيادية البارزة لجبهة الوفاق الإسلامي في البحرين جعلتها تتقدم الصفوف في قيادة الانتفاضة الشعبية من خلال صيغة التحالف الوطني الجامع الذي يضم الجمعيات السياسية المعارضة وقد برهنت الوفاق على ثقلها الشعبي في الانتخابات التشريعية وبعد الانتفاضة الشعبية التي قادتها المعارضة أثبتت الوفاق والقوى المتحالفة معها صلابة التزامها بالسلمية فتحملت المعارضة البحرينية أشد انواع القمع شراسة وصمد معتقلوها في السجون وصبرت عائلات شهدائها ومعتقليها ولم يكف الناس عن التظاهر السلمي وواجهوا بحناجرهم وبصدروهم العارية رصاص القمع وحملات التنكيل .

القرار البحريني يستهدف المعارضة السياسية والحركة الشعبية بعدما نجحت في استنهاض حركة تضامن دولية ضاغطة على حكومتي السعودية والبحرين وانتزعت دعوات غربية اميركية وبريطانية صريحة لوقف القمع والتفاوض السياسي مع زعماء المعارضة حول الحل السياسي التوافقي للأزمة في البحرين والرسالة التي يحملها القرار هي الذهاب إلى خيارات حظر المعارضة السياسية السلمية في سعي واضح إلى استدراج العنف الذي رفضته المعارضة طيلة السنوات الماضية رغم البطش السلطوي ويمكن توقع المزيد من حملة القمع المستمرة ضد سائر اطراف المعارضة البحرينية .

توضح الخطوات التصعيدية في البحرين خصوصا منذ اعتقال امين عام الوفاق الشيخ علي السلمان تصميما على منع قيام نظام دستوري تعددي في البحرين تحت الضغط الشعبي المتواصل الذي فضح جميع الذرائع المانعة لتلبية المطالب الديمقراطية البديهية والمتواضعة في عرف العصر وهو ما يبدو في نظر الحكم السعودي خطرا كبيرا يحتمل انتصاره والتسليم بأهدافه إشعال فتيل تحركات معارضة في شبه الجزيرة العربية تنادي بالملكية الدستورية وبإنهاء الحكم الاستبدادي المطلق للعائلة المالكة.

ليس القرار عابرا وبالتاكيد فهو يرتبط بمازق العدوان السعودي الأميركي على اليمن حيث اضطرت المملكة لطلب الحوار مع القوى التي اعتبرت رسميا وبلسان قادتها أن تصفيتها والتخلص منها هو الهدف المحوري للحرب التي بادرت إليها بدعم اميركي واضح وها هي تذهب إلى التفاوض حول التسوية اليمنية في الكويت بطلب اميركي واضح أيضا وبعدما شرعت النتائج ترتد في الداخل السعودي.

المملكة السعودية تريد محاولة إحكام القبضة على البحرين بعدما باتت الخسارة في اليمن شبه مؤكدة وهي تختبر اوهاما جديدة بإمكانية سحق المطالبة بالملكية الدستورية وبالنظام البرلماني في جوارها الخليجي كما تسعى في البحرين لاستدراج العنف بحظر المعارضة السلمية وهذا هو الفخ الذي ينبغي ان تتنبه إليه سائر قوى المعارضة في البحرين ولاسيما مناضلو وجمهور جبهة الوفاق الذين يتعرضون لموجة استهداف شرسة ومستفزة.

تبقى كلمة لا بد ان تقال وهي ان واجب جميع القوى الوطنية الحرة في البلاد العربية اتخاذ موقف مبدئي وحاسم تضامنا مع شعب البحرين وقواه الحية وكسر حواجز الصمت السياسي والإعلامي المشين وتفعيل حركة التضامن مع شعب البحرين وانتفاضته السلمية المستمرة التي تتحدى القمع وتثير الإعجاب بصلابتها وسلميتها وتجددها رغم القمع والاستبداد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى