مقالات مختارة

مؤسسات “السرّي جداً” تدير “الديمقراطيات ” د. عبد الحي زلوم

 

كما جاء تعريف الرئيس ريغان Reagan في الامر الاداري 12333 سنة 1984 فإن العمل السري المؤامرة covert operation هو ” العمل السري أو الاعمال الخاصة سياسية وعسكرية التي تستطيع ان تنكر الحكومة مسؤوليتها عنها بطريقة قانونية”. وحسب قاموس وزارة الدفاع الامريكية للاصطلاحات العسكرية فإن تعريف العمل السري – المؤامرة   covert operation بأنه ذلك العمل الذي يتم تخطيطه وتنفيذه بطريقة تخفي معرفة فاعلية أوتسمح لفاعليه بالانكار والتنصل من فعلتهم. لذلك فان أصحاب المؤامرات الذين اتقنوا عملية إخفاء الحقائق والانكار صار خط دفاعهمالأول هو الانكار وإتهام من يقوم بكشف مؤامرتهم بأنه صاحب نظرية المؤامرة وعليه فإن نظرية المؤامرة هي مؤامرة بذاتها تهدف إلى إجهاض أي بحث لكشف مؤامراتهم وهي في مهدها .

يروي البروفيسور كيغلي (من جامعة جورج تاون) في كتابه (الكارثة والامل) الصادر سنة 1966 أن سيسل رودس (Cecil Rhodes) والذي كان في الرابعة والعشرين يوم الثاني من حزيران سنة 1877 عندما تم تكريسه في المحفل الماسوني التابع لجامعة آكسفورد قد أسس جمعية سرّية تم إنشاؤها سنة 1881.وقد تم تسميتها (جمعية المختارين Society of the Elect . ولقد وضع رودس (شريك ال روثشايلد) بالتعاون مع وليام ستيد هيكلية هرمية بالغة التعقيد ربما استوحاها من الماسونية . كان على رأس الهرم اللورد روتشايلد ، ورودس وستيد. يلي هؤلاء (دائرة الاوائل(Circle Of Initiates من النبلاء واللوردات ومنهم اللورد آرثر بلفور صاحب وعد بلفور الشهير والذي وجهه الى اللورد روتشايلد وبذلك كان وعد بلفور موجهامن مرؤوس الى رئيسه في تنظيم سري فهل لنا ان نعتبر ذلك مؤامرة أم نظرية مؤامرة؟ ثم يليهم (دائرة جمعية المساعدين) وهم جمهور أعضاء الجمعية والذين تم تنظيمهم سنة 1909 باسم (جمعية المائدة المستديرة). وكان ليونيل كورتيسLionel Curtis هو المنظم لها ، والتي انشأت بدورها جورنال المائدة المستديرة سنة 1910 .

اجتمع اعضاء الدائرة المستديرة في اجتماع جانبي أثناء انعقاد مؤتمر فرساي للسلام سنة 1919 بعد الحرب العالمية الاولى وقرروا انشاء منظمات في كل من بريطانيا (المعهد الملكي للعلاقات الخارجية Chatham House) ) و توأمه في الولايات المتحدة مجلس العلاقات الخارجية ((Council on Foreign Relations . وتمّ انشاء فروع لهما في دول الكمونولث. وهذه المجالس هي الدائرة الخارجية من عدة دوائر سرية في الداخل يتم عبرها مناقشة تفاصيل السياسات من الدوائر السرّية . عن ذلك كتب المؤلف ادوارد غريفن : (تعمل الدائرة المستديرة ضمن دوائر اضيق من دوائر لا يعرف اعضاء الدائرة الخارجية ما يدور ضمن الدوائر الداخلية) . أما من هم اعضاء هؤلاء المجالس فهم مالكو كبار البنوك وكبار شركات النفط مثل شيفرون و رويال داتش شل وكبار الصناعات العسكرية مثل لوكهيد مارتن وبعض كبار السياسيين والاعلاميين . ويتم انشاء فروع لهذه المجالس لمهمات خاصة ومنها منتدى بيلدربيرغ الذي ينعقد سنوياً لبحث مقررات الدوائر السرّية. فمثلاً تمّ نقاش حرب اكتوبر 1973 ورفع اسعار النفط 4 اضعاف من بيلدربيرغ قبل 6 شهور من بدأ الحرب وكذلك احتلال العراق سنة 2002. لذلك يطلق على هذه المؤسسة بأنها بوق الحكومة السرّية العالمية . كذلك تمّ انشاء “معهد بحوث السياسة الخارجية” (FPRI) الذي موّله اليهودي إشعيا بومان عام 1955 كرست اعمالها لنشر ثقافة العولمة ولقد كان في هيئة تحرير مجلتها وليم ياندل إليوت رئيس كلية سياسات الدولة في جامعة هارفارد، وتلميذه آنذاك، هنري ألفرد كيسنجر. ففي عام 1957 أي قبل 35 سنة من انهيار الاتحاد السوفيتي. جاء في مقالة بعنوان “موازين الغد “Balance of Tomorrow: “إن مهمة الولايات المتحدة هي توحيد العالم بأكمله تحت قيادتها خلال هذا الجيل . أما سرعة وكفاءة تحقيق الولايات المتحدة لهذا الهدف فسوف يقرر مصير الحضارة الغربية وبالتالي المصير البشري… فهل سيكون النظام العالمي الجديد القادم هو إمبراطورية عالمية أمريكية…؟ يجب أن يكون الأمر كذلك لدرجة أن تحمل الإمبراطورية العالمية تلك دمغة الروح الأميركية…”.وهنا نتساءل : ما هي الروح الأمريكية التي يجب أن تسيطر على النظام العالمي الجديد؟ هذا يستدعي أن نرجع لتاريخ الولايات المتحدة منذ استقلالها لنعرف روحها.

تقول الإنسايكلوبيديا ويكي بيديا Wikipedia :

يرى المؤرخون أصل المصطلح (الثقافة اليهومسيحية Judeo-Christian Culture) يعود إلى الثورة البروتوستانتية … وفي السياق الأمريكي يرى المؤرخون بأن إستعمال هذا المصطلح هو للدلالة على تأثير العهد القديم اليهودي (التوراة) والكتاب الجديد (الإنجيل) على الفكر البروتوستانتي ومفاهيمه بشكل خاص … لقد رأى المهاجرون الأوائل لأمريكا أنفسهم الوارثين للكتاب المقدس العبري وتعاليمه … والتي أصبحت بدورها أساساً لمفاهيم النظام الأمريكي … لتصبح تلك المفاهيم العبرية أساساً للثورة الأمريكية ، وميثاق الاستقلال ، ودستور الولايات المتحدة”.

من هم اصحاب الثورة الامريكية ؟

المؤرخ الأمريكي المعروف هوارد زن Howard Zinn يقول:

حوالي 1776 اكتشف الأثرياء في مستعمرات بريطانيا في شمال أمريكا اكتشافاً هاماً بأنه إذا ما حققوا الاستقلال لمستعمراتها وأوجدوا أمة جديدة يسمونها الولايات المتحدة فإنهم سيستولون على الأراضي وسوف يحلون محل من تحابيهم بريطانيا في مستعمراتهم ، كما يمكنهم كبح جماح الثورات المتكررة في المستعمرات وتأمين مصالحهم عبر الإستيلاء على قيادة هذه الأمة الجديدة” دعنا إذاً نتعرف على قائد الثورة الأمريكية جورج واشنطن.

تم تكريس جورج واشنطن في الماسونية في 14/11/1752 حيث اصبح ريئساً لاحدى محافلها . وهنا اقتبس كتاب (امريكا ومصيرها السرّي) جاء فيه :” قام المؤرخون بذكر اسباب عدّه كيف استطاع جيش يفتقر الى المقومات الكثيرة يقوده جنرال ( واشنطن) لديه القليل من الخبرة العسكرية أن يتغلب على جيش أقوى دولة في العالم ؟ قدم المؤرخون أسباباً عدة مهمة …ولكن ما لم يتم توضيحه هو دور المنظمات السرّية الماسونية التي كان ينتمي إليها قادة الثورة الامريكية ” بما في ذلك أقطاب وجنرالات الثورة الفرنسية الماسونية ، علماً بأن كبار مؤرخي الولايات المتحدة ومنهم (1935– (Case   و )1951 Hall ) كتبا أن 50 ممن وقعوا على وثيقة الاستقلال من مجموع الــ56 كانوا من الماسون . ولو أن هذا العدد قد يزيد البعض به أي ينقص منه ، الا أن الثابت هو أن من بين 79 ضابطاً قد وصلوا الى رتبة جنرال ، ما بين 1775-1783 كان 33 منهم – أي 46% من الماسون . ومن المؤكد ولا إختلاف فيه أن جورج واشنطن قد حلف يمين الرئاسة الامريكية أمام رئيس المحفل الماسوني في مدينة نيويورك . كذلك فإن شعار الماسونية قد رسم على الدولار الامريكي منذ ذلك الوقت وحتى يومنا هذا .

تفشت الماسونية في كافة مراتب الدولة ، خصوصاً الوظائف العليا ، سواء في جهاز الرئاسة أو القضاء أوالكونغرس بل والشرطة ، ولم يكن الامر ملفتاً للانظار الى أن فجرت حادثة William Morgan الشارع الامريكي ضد الماسونية مما نتج عنه إنشاء أول حزب ثالث اسمه (حزب مناهضة الماسونية ) سنة 1828 هدفه الاوحد هو محاربة الماسونية . ولكن ما هي قضية مورغان هذه التي فجرت الشارع الامريكي ؟

ادعى مورغان انه كان عضواً في الحركة الماسونية اثناء اقامته في كندا ، وحين إنتقل الى مدينة Batavia   في نيويورك لم يسمح له المحفل الماسوني هناك بالانضمام اليه لشكوكٍ ساورت بعض اعضاء المحفل مما جعل مورغان يتفق مع ناشر لافشاء أسرار الماسونية في كتاب. وعند علم محفل باتافيا بذلك قاموا بحرق مكاتب ومطابع الناشر ثمّ تمّ اعتقال مورغان في سبتمبر 1826 تحت إتهامات واهية لكن ناشر الكتاب قام بدفع الكفالة وأخرج مورغان من السجن حيث لم يلبث أن تمّ اختطافه ولم يعثر له على أثر بعد ذلك. واعتقد الجمهور أن الماسون هم من اختطفوه وانه قد تم إغراقه في نهر نياغارا شمال ولاية نيويورك . ولم يقبل الماسون بأي استجوابات . لذلك إعتقد الناس أن الماسون في مراكز القضاء والشرطة وغيرها قد سهلوا عدم محاكمة قتلة مورغان وبناءً عليه تمّ تأسيس (حزب مناهضة الماسونية) الذي استمر 10 سنوات حتى سنة 1838بقيت الماسونية مباشرةً أو عن طريق مؤسسات تابعة لها تهيمنُ على سياسات الولايات المتحدة وسياسيها الى يومنا هذا .

ديمقراطية (السرّي جداً)

كتبت كبريات الجرائد الامريكية “الواشنطن بوست” عن مؤسسة الامن القومي الامريكي في تحقيق صحفي عبر ثلاث مقالات استغرق تحضيرها سنتان وعمل خلالها (20) من كبار صحافييها و كانت المقالة الاولى بتاريخ 19/7/2010 أن” سلطة رابعة قد نشأت وهي مُغيّبة تماماً عن أعين الشعب الرقابية بستار من السرّية الفائقة … لقد أصبحت كبيرة جداً ، وحدود مسؤولياتها ضبابية بحيث أن قادة الولايات المتحدة لا يمسكون بزمامها .. وهي موجودة في كل مكان في أرجاء الولايات المتحدة

عنوان مقال الواشنطن بوست المشار اليه أعلاه كان بعنوان:”عالم خفيّ ينمو دونما مراقبة” جاء فيه أيضاً :

أن عالم ( السرّي جداً) الذي خلفته الحكومة … أصبح من الكبر والسرّية بحيث لا أحد يعرف كم كلفته المالية ، كم عدد موظفيه ، وما هي برامجه وكم عدد الاجهزة التي تقوم بالعمل نفسه .”

متى جاءت الماسونية لبلادنا؟

جماعة فرسان الهيكل الغامضة ، حصلت على التصريح اللازم لممارسة نشاطها في الأرض المقدسة من السلطات الصليبية في بداية الحرب الصليبية الاولى والتي منحتها الموافقة على إقامة مقر لها في المسجد الأقصى مدعين أنه موقع هيكل سليمان. وفي ذلك يقول جون روبنسون في كتابه المعنون” معمد بالدم.. أسرار الماسونية المفقودة” : ” أن فرسان الهيكل اختاروا المسجد الأقصى مقراً لهم عن سابق قصد وتعمد لاعتقادهم بأنه موقع هيكل سليمان، وهناك وفي اجتماعاتهم السرية إعتاد فرسان الهيكل إحياء الطقوس الماسونية القديمة التي يعتقد بأنها انطلقت من مبنى المعبد في الأساس″.

في كتابه المعنون” سلام ينهي كل سلام”، تحدث ديفيد فرومكين أستاذ التاريخ في جامعة بوسطن، عن جذور حزب الاتحاد والترقي الذي قام بالانقلاب على السلطان عبد الحميد،مما قاله فرومكين بهذا الشأن:” كان السفير في اسطنبول سير جيرارد لاوثر تحت نفوذ وتأثير مستشاره ومترجمه الرسمي لشؤون الشرق جيرالد فيتزموريس .. جاء تفسير الأخير لأحداث 1908 مقروناً بحقيقة هامة وهي أنها حدثت في سالونيكا، البلدة التي كان نصف سكانها من اليهود من طائفة “الدونمه”. وقد لخص سير جيرارد لاوثر ما توصل إليه من نتائج في تقرير سرّي رفعه باسمه إلى سير شارلز هاردنغ بوزارة الخارجية بتاريخ 29 مايو 1910…. وفي تقريره المطول ادعى لاوثر بأن اليهود هيمنواعلى شبكة ماسونية ومن خلالها على الإمبراطورية العثمانية.. ومما قاله السفير البريطاني بأن من أبرز المشاركين في المؤامرة الماسونية اليهودية على تركيا السفير الأمريكي في تركيا أوسكار شتراوس ( يهودي أيضاً) الذي يملك أشقاؤه في نيويورك سلسلة متاجر ميسيز الشهيرة”. لقد كان الكثير من قادة حركات الثورة العربية من شباب الماسون الذين كرسوا في فرنسا وبالتالي قادة الكثير من دول سايكس بيكو سواءً أثناء فترةالاستعمار المباشر أو غير المباشر لتلك الدول الناشئة من الماسون وحتى يومنا هذا.

عن موقع راي اليوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى