وجبات رمضان تسبب عبئا اقتصاديا على المواطن المصري: تسفي برئيل
عندما انتقل من اجل السكن في آيسلندة في 1971، لم يتخيل سلمان التميمي الثمن الذي سيضطر لدفعه. مهندس الحاسوب الفلسطيني من وادي الجوز، الذي أسس اتحاد المسلمين في آيسلندة، وهو أحد الأئمة الاثنين للجالية الاسلامية التي تتشكل من 870 شخص، سيضطر لأن يصوم هذا العام 21 ساعة في رمضان وهذا هو الصوم الاطول منذ ثلاثين سنة.
لو كان يعيش في الارجنتين لكان صام فقط تسع ساعات، هذه هي الحال عندما يكون القمر وليست الشمس هو الذي يحدد اشهر السنة.
بين طرفي شهر الصيام الذي يتميز هذا العام بدرجات حرارة أعلى من المعتاد (في العراق 45 درجة مئوية)، فان جيوب المؤمنين ايضا تفرغ. وجبات رمضان تزيد من نفقات العائلة على الاكل بنسبة 50 في المئة. قد لا يعاني التميمي من النقص في المال، لكن امثاله الذين بقوا في مصر، يقفون ساعات في الطوابير الطويلة أمام المحلات الحكومية التي تبيع الاغذية الرخيصة لاصحاب كوبونات المنح. “لا أعرف كيف سأغطي نفقات هذا العام، كل شيء أصبح غاليا، وزاد سعر الدولار”. هذا ما قاله مواطن مصري لمراسل “اليوم السابع″. وزارة الرفاه بدأت بحملة مساعدة للفقراء باسم “أهلا رمضان”، وهي تبيع طرود الغذاء الاساسي بسعر 3 – 8 دولارات، لكن هذه الطرود لا تصل دائما الى الـ 18 مليون من المحتاجين المسجلين. وكالعادة، هذه فرصة للتجار من اجل بيع الطرود بأسعار السوق.
إن ذروة النفقات الاقتصادية في شهر رمضان يتم حفظها لمن يريد الذهاب الى الحج في مكة. إن رحلة كهذه تكلف خمسة آلاف دولار للشخص. ألا يكفي كل ذلك – ايضا الترفيه في رمضان تقلص هذا العام، بدلا من 50 برنامج تلفزيوني للترفيه عن الصائمين، يوجد 30 فقط في هذا العام بسبب التقليص الدراماتيكي للدعاية في التلفاز واستثمارات شركات من الخليج في البرامج المصرية.
السلطات المصرية قلقة من امور اخرى. الحكومة تقلق من استغلال صلوات رمضان في المساجد من اجل الدعاية للحركات المتطرفة. وللمرة الاولى قامت وزارة الاوقاف المصرية باصدار توجيهات متشددة لاكثر من 198 ألف مسجد توجد تحت سيطرتها، وهذه التوجيهات تشمل منع أي شخص معروف كمتطرف بأن يكون خطيبا أو إماما في المساجد.
احدى الصلوات الهامة في رمضان هي صلاة التراويح، التي تتم بعد وجبة الافطار وقبل صلاة الفجر. الكثيرون يختارون البقاء في الليل في المساجد واجراء الحديث وسماع الخطب. وقررت الحكومة هذه السنة أن الخطبة التي تتم بعد صلاة التراويح تكون عشر دقائق فقط، والخطباء يكونون اولئك الذين وافقت عليهم وزارة الاوقاف. والمواطنون الذين يريدون البقاء في الليل في المساجد يجب عليهم التسجيل قبل ذلك باسبوع لفحص هويتهم. وتم منع توزيع وجبات الصدقة داخل المساجد، هذه الوجبات التي استخدمتها التنظيمات المتطرفة في السابق من اجل تجنيد الناس.
دكتور عبد الهادي مصباح يجد امتيازات كثيرة في صلاة التراويح، حيث يشير الى أن مجرد الذهاب الى المسجد بعد وجبة الافطار الثقيلة، يساعد الجسم، البقاء في المسجد والوقوف اثناء الصلاة الطويلة التي تشمل الكثير من السجود، يحرق السعرات. “10 سعرات في كل سجدة”، حسب اقواله. وهذا يحسن من شعور المصلي. داعش في المقابل منع صلاة التراويح لأنها “استحداث من رجال الدين وليست موجودة في المصادر، وهي عبارة عن تضليل”. وحسب أوامر “وزارة الاديان” لداعش فان من يصلي هذه الصلاة سيُجلد.
المسؤولون عن المساجد طلب منهم هذه السنة تقليص استخدام الكهرباء التي تمولها الحكومة وعدم وضع حبال زينة الكهرباء واستخدام مكبرات الصوت فقط في الصباح والمساء. يبدو أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يبذل جهدا كبيرا لعدم ابقاء، حتى لو حجر واحد، يختبيء تحته نشطاء الحركات الراديكالية.
إن غير القلقين من الدعاية المتطرفة أو من اصوات مكبرات الصوت، هم ملايين اللاجئين السوريين الذين سيقضون شهر رمضان للسنة الخامسة في مخيمات اللاجئين أو ملاجيء المنازل أو في المباني العامة. لا يوجد مصدر دخل أو أقارب لمعظمهم من اجل تقديم وجبة رمضان، وقد يساعدهم تطبيق جديد ينتشر منذ كانون الثاني باللغة الانجليزية، وتمت ترجمته في الشهر الماضي للعربية. هذا التطبيق “شارك بوجبة”، يسمح لكل مستخدم بأن يتبرع بدءً من نصف دولار يوميا لأبناء اللاجئين. نصف دولار حسب تقدير الامم المتحدة هو المبلغ المطلوب لاطعام طفل لاجيء يوميا. وحتى الآن قام بانزال هذا التطبيق عدة آلاف فقط، يبدو أن الكثيرين لا يصدقون بأن التبرع سيصل الى من هو بحاجة اليه.
هآرتس