مقالات مختارة

المحنة الأليمة التي تعيشها دول النفط .. مايكل كلير

 

أشفق على هؤلاء الفقراء في الدول النفطية، كانت عائدات النفط تمكنهم من تمويل الحروب، والمشاريع الكبرى، والسلام الاجتماعي الداخلي في وقت واحد، اما الان فبعضهم يعاني صراعا داخليا ويبدو انه على شفا الانهيار مع بقاء أسعار النفط عند مستويات منخفضة.

خلافا للدول الأخرى، التي تمول إلى حد كبير حكوماتها من خلال الضرائب، تعتمد دول البترول على عائدات النفط والغاز الطبيعي لتمويل كل شيء.. روسيا، على سبيل المثال، تحصل على حوالي 50٪ من دخل الحكومة بهذه الطريقة. نيجيريا 60٪، المملكة العربية السعودية 90٪.             وعندما وصل سعر بيع برميل النفط الى 100 $ أو أعلى، حتى العام 2014، كانت تلك الدول تمول المشاريع الحكومية الضخمة وعمليات الرعاية الاجتماعية، والضمان الاجتماعي من هذه العائدات. الآن مع وصول النفط الى ما دون 50 $ وجدوا أنفسهم غير قادرين على الحد من الإنفاق العام وصد ارتفاع السخط المحلي أو حتى أي ثورة ناشئة.

في ذروة مجدها لعبت دول النفط دورا كبيرا في الشؤون العالمية، وحصل أعضاء أوبك ومنظمة الدول المصدرة للنفط، على ما يقدر بـ821 مليار $ من صادرات النفط في العام 2013 وحده. الوفرة المالية، جعلتهم قادرين على ممارسة النفوذ على الدول الأخرى من خلال مجموعة واسعة من عمليات الاغاثة والمحسوبية.

تسعى فنزويلا على سبيل المثال إلى مواجهة النفوذ الأميركي في أمريكا اللاتينية عبر تحالفها البوليفاري لشعوب قارتنا الأمريكية (ألبا)، وهي شبكة تعاونية من حكومات يسارية في الغالب . نشرت المملكة العربية السعودية نفوذها في جميع أنحاء العالم الإسلامي من خلال تمويل جهود رجال الدين الوهابيين المحافظين المتطرفين لإنشاء المدارس الدينية في جميع أنحاء العالم الإسلامي. روسيا، في ظل فلاديمير بوتين، تستخدم بشكل استثنائي ثروتها النفطية لتجديد جيشها، والذي ضعف وتراجعت قوته الى حد كبير بعد انهيار الاتحاد السوفياتي. والاعضاء الاقل اهمية بين الدول النفطية مثل أنغولا وأذربيجان وكازاخستان يعتمدون على الدول الكبرى المستوردة للنفط.

لكن بطبيعة الحال، ما يقلق الرؤساء ورؤساء الوزراء في تلك الدول الآن هو احتمال تزايد العنف والاضطرابات أو حتى انهيار الدولة. على سبيل المثال، فنزويلا، العدو اللدود للسياسة الأميركية في أميركا اللاتينية، قد تواجه حربا أهلية محتملة ودامية في المستقبل بين المؤيدين والمعارضين للحكومة الحالية. ومن المرجح انه في الدول المنتجة للنفط مثل الجزائر ونيجيريا، امكانية تحقيق المزيد من النمو تجابه خطر العنف والفوضى بسبب تواجد الارهابيين وبسبب الصراع الداخلي والاضطرابات الأهلية.

بعض الدول النفطية مثل فنزويلا والعراق تبدو بالفعل على حافة الانهيار. دول أخرى مثل روسيا والمملكة العربية السعودية ستكون مضطرة لإعادة توجيه اقتصادها أملا في تجنب مثل هذه النتائج في المستقبل. مهما كانت درجة المخاطرة، كل منهم يعاني بالفعل من ضائقة اقتصادية، ويتركون قادتهم تحت ضغوط متزايدة للتغيير بطريقة أو بأخرى في أتعس الظروف – أو مواجهة العواقب.

نموذج ضبط الأعمال

دول النفط تختلف عن البلدان الاخرى لأن مصير مؤسسات الحكم فيها منسوج بعمق في دورة الازدهار والكساد في اقتصاد البترول الدولي. التحديات التي يواجهونها تتفاقم من خلال العلاقات الوثيقة بين القيادات السياسية وكبار المسؤولين في صناعات النفط والغاز الطبيعي المملوكة للدولة أو التي تسيطر عليها دولتهم.

تاريخيا، وضع حكامهم الحلفاء المقربين أو حتى أفراد العائلة في المناصب الرئيسية في الصناعة، لضمان استمرار سيطرة الحكومة في كثير من الحالات على الاثراء الشخصي. في روسيا، على سبيل المثال، إدارة غازبروم، شركة الغاز الطبيعي التي تسيطر عليها الدولة، وروسنفت، شركة النفط المملوكة للدولة، لا يمكن تمييزها عن القيادة العليا في الكرملين والرئيس بوتين. نمط مماثل في فنزويلا، حيث تبقي الحكومة على الشركة المملوكة للدولة، بتروليوس دي فنزويلا، على المقود الضيق، وفي المملكة العربية السعودية، تشرف العائلة المالكة على عمليات أرامكو السعودية المملوكة من الدولة .

في العام 2016، تم ضبط نموذج الأعمال التجارية لهذه الدول وتم تحويله الى شركات مساهمة. والافتراض الأساسي وراء عملها – كان أن الطلب العالمي على النفط سوف يستمر في التفوق على إمدادات النفط العالمية، وضمان ارتفاع الأسعار في المستقبل المنظور – لم يعد ساريا. بدلا من ذلك، هذا النموذج هو كابوسي لأي دولة نفطية، حيث يقلب الامور راسا على عقب ويغرق السوق بأنواع الوقود الأحفوري.

يعتقد معظم المحللين، بما في ذلك المتواجدين في صندوق النقد الدولي (IMF) أن الزيادة في كفاءة استخدام الطاقة، تستدعي وجود أسعار معقولة للطاقة البديلة (وخاصة طاقة الرياح والطاقة الشمسية). والقلق إزاء تغير المناخ سوف يستمر في دوره كصمام امان للطلب على الوقود الأحفوري في السنوات المقبلة.

في الوقت نفسه، فإن صناعة النفط – المجهزة بتكنولوجيا التكسير وغيرها من التقنيات المتقدمة للاستخراج – سوف تستمر في زيادة الانتاج. وهذه معادلة جيدة لإبقاء الأسعار منخفضة. في الواقع، فإن عددا متزايدا من المحللين باتوا مقتنعين بأن الطلب العالمي على النفط في المستقبل غير البعيد قد يصل إلى الذروة، وضمان أن احتياطيات كبيرة من النفط لن تترك في الأرض.

بالنسبة للدول النفطية، كل هذا يعني استمرار الألم إلا أنه يمكن العثور على نموذج جديد يستند الى حد ما على سعر منخفض وتختلف هذه الدول في استعدادها وقدرتها على الاستجابة لهذا الواقع الجديد على نحو فعال، بعضها يظهر التزاما عميقا تجاه نموذج الأعمال التجارية القائمة بينهما (ونظام القيادة المرتبط به) للنظر في التغييرات الكبيرة، بينما ازداد الآخرون وعيا ووجدوا انهم بحاجة إلى القيام بشيء ما، والعثور على الحواجز الهيكلية التي لا يمكن تخطيها تقريبا. والمجموعة الثالثة، طالبت بالحاجة الماسة للتغيير، وحاولت إجراء إصلاح اقتصادي كلي لنفطها. في الأسابيع الأخيرة، ظهرت أمثلة من جميع الأنواع فنزويلا كانت الاولى ونيجيريا الثانية، والمملكة العربية السعودية الثالثة.

فنزويلا: أمة على حافة الهاوية

فنزويلا لديها أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة في العالم، ما يقدر بـ298 مليار برميل من النفط. في العقود الماضية، كفل استغلال هذا الوقود الأحفوري لمضاعفة الثروة الواسعة للشركات الأجنبية والنخب الفنزويلية على حد سواء. وبعد توليه الرئاسة في العام 1999، سعى هوغو شافيز إلى توجيه الجزء الأكبر من هذه الثروة الى الطبقات الفقيرة والعاملة في فنزويلا من خلال إجبار الشركات الأجنبية على الدخول في شراكة مع شركة النفط المملوكة للدولة شركة النفط الوطنية الفنزويلية وإعادة توجيه الأرباح لبرامج الإنفاق الحكومي، وقد ضخت مليارات الدولارات في “المعونات” الموجهة للدول الفقيرة، ورفع ملايين الفنزويليين من وهدة الفقرومنذ العام 2002،استمر شافيز ببساطة في تحويل الأموال.

في أعقاب الإطاحة بالفريق الأصلي، بدأ إنتاج النفط في البلاد في الانخفاض، مع ارتفاع الأسعار الى 100 $ أو أعلى للبرميل، في البداية لم يبد الفارق كبيرا حيث واصل المال التدفق الى خزائن الحكومة. ما لم يقم به شافيز هو خلق ما يسمى “الصندوق الوطني”، من خلال توجيه القليل من أموال النفط الى صندوق الثروة السيادية للايام الاكثر تعقيدا، ولم يستثمرها في أنواع أخرى من الصناعات التي قد تولد مصادر دخل للحكومة.

ونتيجة لذلك، عندما بدأت الأسعار تنخفض في خريف العام 2014 واجه خلف شافيز نيكولاس مادورو كارثة ثلاثية: تناقص اعتماد الخدمات الاجتماعية، ومدخرات ضئيلة للاتكال عليها، وعدم وجود مصادر بديلة للدخل. وانتشار الفقر افقد العديد من أنصار تشافيز ومادورو الإيمان في النظام وفي الانتخابات البرلمانية فصوتوا لمرشحي المعارضة.

اليوم، فنزويلا تعيش تحت “حالة الطوارئ”، لتمزق البلاد سياسيا، حيث تشهد أعمال شغب بسبب الوضع الاقتصادي. وفقا لصندوق النقد الدولي، انكمش الاقتصاد بنسبة 5.7٪ في العام 2015، ومن المتوقع أن يقلل بنسبة 8٪ أخرى هذا العام. التضخم هو خارج عن السيطرة والبطالة والجريمة في ارتفاع، وكانت الصين هي الوحيدة المستعدة لتقديم المال لسداد الديون. واذا اختارت بكين ذلك ستأتي الدفعات المقررة في خريف هذا العام. زعماء المعارضة في الجمعية الوطنية يسعون للإطاحة بمادورو والمضي قدما في الإصلاحات المختلفة، ولكن الحكومة تستخدم سيطرتها على المحاكم لمنع مثل هذه الجهود، والأمة لا تزال في حالة من الشلل.

نيجيريا: استمرار الفوضى

تمتلك نيجيريا أكبر احتياطيات النفط والغاز الطبيعي في أفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى. وقد استطاعت استغلال هذه الاحتياطيات لفترة طويلة وبشكل مربح جدا للشركات الاجنبية مثل رويال داتش شل وشيفرون وأيضا للنخب النيجيرية. القليل من هذه الثروة، تدفق الى أولئك الذين يعيشون في منطقة دلتا النيجر في جنوب البلاد حيث ينتج معظم النفط والغاز. المعارضة ضد الحكومة المركزية في أبوجا، العاصمة قد يؤدي إلى تفجر العنف، وقد وعدت الإدارات الاتحادية المتعاقبة بتوزيع أكثر إنصافا لعائدات النفط، ولكن كل شي بقيا وعودا.

من العام 2006 إلى العام 2009، يعصف بنيجيريا تمرد تقوده حركة تحرير دلتا النيجر، وهي مجموعة متشددة تطالب بإعادة توجيه عائدات النفط إلى الولايات الجنوبية الفقيرة في البلاد. في العام 2009، عرض الرئيس عمر موسى يارادوا على المسلحين العفو ومدفوعات نقدية شهرية بينما وعد خليفته جودلاك جوناثان وهو من الجنوب باحترام قرار العفو وتوجيه المزيد من الأموال إلى المنطقة.

لبعض الوقت، مكنت أسعار النفط المرتفعة جوناثان من تحقيق اقصى المكاسب، وحتى النخب الراسخة في أبوجا استمرت في الحصول على اعلى نسبة من دخل النفط في البلاد. وعندما بدأت الأسعار في الهبوط، واجه الكثير من التحديات.

الفساد المستشري قلب الشعب ضد الحكومة، وغذى المجندين في بوكو حرام، الحركة الإرهابية التي نمت في المناطق الشمالية من البلاد. واختفت الأموال المخصصة للجنود في الجيش النيجيري وذهبت إلى جيوب النخبة العسكرية، وقوضت الجهود المبذولة لمحاربة المتمردين. في الانتخابات العامة التي أجريت قبل عام، محمدو بوهاري، الجنرال السابق الذي تعهد باتخاذ اجراءات صارمة ضد الفساد، أنقذ الاقتصاد، وهزم بوكو حرام، واخذ الرئاسة من جوناثان.

منذ توليه مهام منصبه، استطاع بوهاري فهم نقاط الضعف الهيكلية في نيجيريا، وخاصة الاعتماد الساحق على أموال النفط، مع التصميم على التغلب عليها. كما وعد بانه سيشن حملة خطيرة على هذا النوع من الفساد الذي هو سمة شائعة لدول النفط. وفي الوقت نفسه، كثف الضغط العسكري على بوكو حرام. والاهم من ذلك انه أعلن عن خطط لتنويع الاقتصاد، والتركيز على الزراعة والصناعة، والتي إذا ما اتبعت على محمل الجد، تساعد على تقليل اعتماد نيجيريا الكارثي على النفط.

لا تزال البلاد بحاجة إلى عائدات النفط للحصول على حصة الأسد من دخلها، وهو ما يعني أن بيئة منخفضة السعر لديها أقل فرص لمحاربة الارهاب، ودفع الخدمات الاجتماعية، أو متابعة المشاريع الاستثمارية البديلة.

في 4 مايو هاجم المنتقمون منصة النفط البحرية التي تديرها شركة شيفرون وشركة البترول الوطنية النيجيرية، مما اضطر الشركات لإغلاق إنتاج حوالي 90000 برميل يوميا. إضافة إلى أن هجمات مسلحة أخرى على البنية التحتية للنفط في البلاد والحكومة النيجيرية من المتوقع أن تفقد مليار دولار في مايو وحده. إذا لم يتم الانتهاء من الإصلاحات في الوقت المحدد، فإن الحكومة قد تفقد مبلغ مليارا ثانيا في يونيو حزيران. وبالنهاية فالبلاد لا تزال على حافة الهاوية، بسبب خطر الفقر المدمر، ومع قليل من البدائل الحقيقية المتاحة.

المملكة العربية السعودية: البحث عن رؤية جديدة

صاحبة ثاني اكبر احتياطي في العالم من النفط، المملكة العربية السعودية هي أيضا أكبر منتج، تضخ 10.2 مليون برميل يوميا. في الأصل تملك هذه الاحتياطيات الهائلة من الطاقة من قبل مجموعة من الشركات الأميركية التي تعمل تحت مظلة شركة الزيت العربية الأمريكية (أرامكو). في العام 1970 تم تأميم شركة أرامكو، وهي مملوكة الآن من قبل الدولة السعودية – وهذا يعني نظام الحكم في السعودية. اليوم، هي شركة لها قيمتها في العالم فبحسب بعض التقديرات تصل إلى 10 تريليونات دولار (10 مرات أكثر من أبل)، وهذا مصدر للثروة لا يمكن تصوره تقريبا للعائلة المالكة السعودية.

على مدى عقود، واصلت قيادة البلاد خطة عمل سياسية واقتصادية متسقة: بيع نفط بقدر الإمكان، واستخدام العائدات لإثراء العديد من الأمراء والأميرات، توفير منافع اجتماعية سخية لبقية السكان، وبالتالي تجنب الاضطرابات الشعبية المتنوعة “كالربيع العربي”. تمويل رجال الدين الوهابيين المحافظين المتطرفين وذلك لضمان ولائهم للنظام.

وقد ادرك القادة السعوديون مؤخرا أن هذه الخطة لم تعد مستدامة. في العام 2016، تم للمرة الأولى نقل الميزانية السعودية إلى داخل الأراضي وقام النظام الملكي بتقليص الإعانات الممنوحة للبرامج الاجتماعية للشعب. وخلافا للفنزويليين أو النيجيريين، حرصت العائلة المالكة السعودية على وضع ما يكفي من المال في صندوق الثروة السيادية في البلاد لتغطية العجز في الإنفاق لما لا يقل عن سنة. ومع ذلك، قامت بحرق تلك الأموال من خلال تمويل الحرب الوحشية وغير المجدية في اليمن. في مرحلة ما، سوف تضطر إلى تقليص الإنفاق الحكومي.

70٪من الشعب السعودي يعتمد على المساعدات الحكومية، ومثل هذه العوامل بحسب الكثير من المحللين ستؤدي إلى اضطرابات اجتماعية واسعة النطاق.

تاريخيا، كان القادة السعوديون بطيئين في إحداث التغيير، لكن في الآونة الأخيرة اتخذت العائلة المالكة خطوات جذرية لإعداد البلاد للانتقال إلى مرحلة ما بعد النفط. في 25 أبريل، نائب الأمير ولي العهد، محمد بن سلمان، كشف النقاب عن “الرؤية السعودية للعام 2030″، وهو مخطط ضبابي إلى حد ما للتنويع الاقتصادي في المملكة. وأشار الأمير محمد أيضا أن البلاد ستبدأ قريبا بطرح أسهم العامة في أرامكو السعودية، بهدف جمع الأموال الضخمة للاستثمار وإنشاء الصناعات السعودية غير المرتبطة بالنفط وتحقيق مصادر دخل.

في 7 مايو اقال النظام الملكي بشكل مفاجئ وزير النفط علي النعيمي، وعين بدلا منه رئيس شركة أرامكو السعودية خالد الفالح، وهو أكثر تبعية للأمير محمد. وتم تغيير المسمى الوظيفي للفالح بوزير الطاقة والصناعة والموارد المعدنية، في إشارة من النظام الملكي إلى تصميمه على تجاوز الاعتماد الحصري على النفط كمصدر للدخل.

هذا ليس كل شيء فما من وسيلة للتنبؤ ما إذا كان أفراد العائلة المالكة السعودية هم في الواقع قادرون على تحقيق الرؤية العربية السعودية للعام 2030، لايزال هناك العديد من العقبات، (فهناك شائعات تقول إن بعض أعضاء العائلة المالكة مستاؤون من صعود الأمير محمد بن سلمان البالغ من العمر 31 عاما) ومع ذلك تصريحاته المثيرة حول الحاجة إلى تنويع اقتصاد المملكة لا تظهر أن المملكة العربية السعودية – الدولة البتروكيماوية – قادرة الان على تغيير هويتها.

الرهان على الجميع

قد لا تستطيع العيش في دولة نفطية، ولكن هذا لا يعني أنك لا تملك حصة في تطور أشكال الحياة السياسية الفريدة من نوعها. من “الصدمة النفطية” في العام 1973، عندما أعلن أعضاء أوبك “مقاطعة النفط” مع الولايات المتحدة لتورطها بدعم إسرائيل في حرب يوم الغفران.

دول البترول لعبت دورا كبيرا على الساحة العالمية – في الشرق الأوسط الكبير وفي الصراع بين إيران والعراق من العام 1980-1988 إلى الحروب في اليمن وسوريا اليوم.

الوهابية والجماعات الجهادية المرتبطة (بالمملكة العربية السعودية)، ومكافحة التغريب (المرتبطة بروسيا)، أو بقاء نظام الأسد في سوريا كلها اضطرابات قد لا يكون لها تأثير امام نقص الأموال.

أعظم الكوابيس الكامنة ليست في أي من هذا ولكن في عدم قدرة هذه الدول على تحرير نفسها من الاعتماد على النفط بالسرعة الكافية. وبالنظر إلى المستقبل، فإن زوال دول النفط سيكون له تأثير عميق على النضال من أجل تفادي تغير المناخ الكارثي. على الرغم من أن هذه الدول ليست مسؤولة بالدرجة الأولى عن الاحتراق الفعلي للوقود الأحفوري – نحن في البلدان المستوردة للنفط يجب أن نتحمل المسؤولية عن دورنا المحوري في تأجيج اقتصاد النفط العالمي. كما أنها محاولة لإصلاح نموذج الأعمال الذي قد ينهار تحت وطأة إخفاقاتها، يمكننا أن نأمل فقط بأن المسار الذي سيتبع يعتمد اقل بكثير على صادرات النفط.

ترجمة: وكالة اخبار الشرق الجديد-ناديا حمدان

http://www.tomdispatch.com/post/176145/tomgram%3A_michael_klare%2C_the_oil_world_in_chaos/#more

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى