بقلم غالب قنديل

لا تنسوا تسونامي الأسد

 

غالب قنديل

قبل عامين من اليوم كان العالم كله يستعد لمتابعة الانتخابات الرئاسية السورية وبينما جندت سلسلة ضخمة من الإمبراطوريات الإعلامية العملاقة في العالم والمنطقة استباقيا لنسف مصداقية الحدث والتشكيك بالنتائج التي ستصدر وعلى الرغم من انها كانت اول انتخابات رئاسية تنافسية تعقب تعديل الدستور السوري وإلغاء الاستفتاء الرئاسي والمادة الثامنة وسواها من نصوص الدستور السابق وهو ما يفترض أن يستفز عادة فضول الصحافة ويحفزها على المتابعة المباشرة ورغم فتح السلطات السورية لأبواب التغطية الإعلامية وتسهيلها لمهمات بعثات إعلامية اجنبية كثيرة منذ انطلاق الحملات فقد ظلت المواقف العدائية المسبقة مهيمنة وتم تجاهل مساحات التغطية والظهور الإعلامي التي اتاحتها وسائل الإعلام السوري العام لمنافسي الرئيس بشار الأسد الذي مارس صمتا إعلاميا شبه كلي بينما ظهرت حملات شبابية داعمة لانتخابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي .

في ذلك اليوم كان خروج السوريين في جميع انحاد البلاد إلى الاقتراع وتحديهم للقذائف ولتهديدات التفجير الإجرامي رسالة مقاومة ضد العدوان الذي يستهدف بلادهم ودعما لما يمثله الرئيس بشار الأسد كزعامة شعبية ووطنية ترفع راية الاستقلال وتناضل من اجل الحداثة والتقدم وتلتزم بوحدة الشعب السوري والتراب الوطني السوري وتحمي الإرادة الوطنية السورية وقيمها التحررية بكل صلابة في مجابهة التوحش الإرهابي الذي هو صنيعة الحلف الاستعماري الصهيوني الرجعي.

لكن قبل ذلك اليوم ظهرت في الخارج مقدمات ملموسة تبشر بما سيحصل يوم الانتخاب داخل سورية أي الثالث من حزيران ففي الثامن والعشرين من أيار من العام نفسه شكل تدفق الناخبين السوريين إلى مراكز السفارات في ثمانية وثلاثين دولة عربية واجنبية صدمة عنيفة لدول الغرب الاستعماري ودول حلف العدوان الإقليمية التي منعت السوريين من الاقتراع على أراضيها حتى لا تنكشف خدعتها الكاذبة عن الثورة المزعومة .

أثار احتشاد الناخبين امام السفارات السورية في لبنان والعراق والأردن دهشة كبيرة ولعل ما شكل الصفعة المدوية لحلف العدوان كان زحف السوريين المقيمين والنازحين إلى سفارتهم في لبنان والذي وصفه المراسلون عن حق بالتسونامي فقد استمرت من الصباح حتى المساء مسيرات سورية إلى مبنى السفارة ترفع صور الرئيس الأسد واعلام الجمهورية العربية السورية وفرضت تمديد الانتخابات وسار الزاحفون مسافات طويلة ليصلوا إلى صناديق الاقتراع وكانوا في معظمهم على فقرهم وضيق حالهم قد عطلوا على نفقتهم الخاصة في يوم عمل عادي ليقوموا بما اعتبروه واجبا وطنيا يستحق التضحية بينما خرست كل الأبواق التي اعتادت التشكيك بفعل كثافة التغطيات الإعلامية الفاضحة وتلعثم الخصوم فإن قالوا ان ما يدعونه النظام يمتلك قدرة تنظيم حشد بذلك الحجم في لبنان وحيث لاوجود لقواته ولا لأجهزته الأمنية كانوا يعترفون بقوته خلافا لمزاعمهم انه على وشك السقوط وإن اعترفوا بعفوية العصف الشعبي الداعم له فهم يسقطون كذبة الثورة المزعومة فأين هم معارضو الأسد إذن امام جمهوره الكبير الزاحف في بيئة معادية كونتها قوى 14 آذار منذ سنوات وحيث يمكن لهم ان يعبروا عن مواقفهم وينالوا عليها الدعم والثناء.

كان واضحا في الرسائل الإعلامية الحية لتغطية الحدث المفاجيء ان حشود المقترعين ضمت مواطنين سوريين جاؤوا بمحض إرادتهم يؤكدون تمسكهم بدولتهم الوطنية وثقتهم بالرئيس الذي يستهدفه الغرب بقيادة الولايات المتحدة التي ارتدت فاشلة قبل أشهر عن تهديد رئيسها باراك اوباما بالعدوان في أيلول 2013 وردد السوريون امام المراسلين إدراكهم بأن رئيسهم مستهدف لأنه يدافع عن استقلال سورية ويرفض الإذعان للاستعمار والصهيونية ويأبى الالتحاق بالرجعية العربية وبركبها وبحكوماتها الاستبدادية التي تنادي بالديمقراطية لسورية في أشد حملات الدجل السياسي فضائحية.

كشفت عبارات عفوية التقطها المراسلون في ذلك اليوم من الزاحفين إلى السفارات السورية ان انتفاضة جدية للوعي الوطني السوري حركت تلك الحشود التي عبرت عن إدراكها لحقائق خطيرة برهنت عليها التطورات السورية ، كان السوريون يظهرون تمسكا شديدا بدولتهم وبجيشهم وبرئيسهم وكان المقيمون والنازحون في لبنان يجمعون على امنية العودة إلى الوطن وعودة الأمان في حضن الدولة مستذكرين مرحلة ما قبل الأحداث العاصفة التي تكشف الكثير عن مدبريها ومشاريعهم المعادية .

في لبنان كانت الصفعة المدوية لجميع عناصر طابور جيفري فيلتمان من السياسيين الذين تابعوا وعوده المتدحرجة بنجاح الخطة الأميركية لإسقاط الرئيس الأسد ووصل الأمر ببعضهم حد الهجوم العنصري على النازحين والمقيمين السوريين لمعاقبتهم على خيارهم الوطني وأصدرت امانة سر قوى 14 آذار في بيان رسمي دعوتها إلى طردهم من لبنان وجاءت جميع تعليقات اركان هذا التحالف تعبيرا عن خيبة ثقيلة وقد رددوا جميعا كلمات تنم عن القلق والذعر من جراء ذلك المشهد الذي اضطر قناة BBC إلى بث تقارير مصورة عن الحشود تميزت بلغة جديدة في تناول الموضوع السوري وهي القناة التي دفعها انخراطها في جوقة العدوان لنسف تراث من المصداقية المهنية واضطرتها الفضائح للاعتذار مرات عديدة عن بث أشرطة مزورة واقتباس مشاهد قديمة لأحداث وقعت في بلدان اخرى لخدمة الروايات الكاذبة لكن في ذلك اليوم كانت القناة مضطرة للاعتراف بالحقيقة الصادمة وهي نقلت أصداء مواقف خصوم سورية من اللبنانيين الذي راهنوا على تجنيد النازحين في عصابات العدوان والإرهاب فإذا بغالبيتهم الساحقة تزحف لانتخاب الأسد ونص ذلك التقرير ما يزال على موقع القناة الإلكتروني لمن يرغب في القراءة.

http://www.bbc.com/arabic/middleeast/2014/05/140529_lebanon_syrian_elections

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى