مقالات مختارة

جنة عدن الضائعة: تسفي برئيل

 

في عالم الاحلام كان نفتالي بينيت سيحل الحكومة وموشيه كحلون سيهرب من مشعوذات ماكبث، ويدخل إلى خلاطة الباطون ويدور هناك مع اسحق هرتسوغ ويئير لبيد لانتاج خلطة قوية ذات رائحة ليبرالية وقيمية تسعى إلى السلام.

ولكن في الصباح تحطمت الاسطورة وفقاعات الأمل الغائب تناثرت. تم تعيين ليبرمان وزيرا للدفاع وبينيت سيستمر في الحصول على راتب الوزير، وكذلك كحلون المسؤول عن القيم سيستمر كما هو متوقع في ادارة الصراع من الداخل. ففي الخارج إما أن يكون الجو بارد جدا أو حار جدا. لم يكن هنا أي نافذة لفرص التغيير، لهذا لم يتم تفويت الفرصة. إسفين عادي من النوع القديم تم أخذه من صندوق الأدوات الصديء من اجل رؤية إذا كان لا يزال يعمل، وقد عمل. الحواسيب ستضطر مرة اخرى إلى تخزين قوائم الترميم حتى الاسفين القادم.

الامر اللافت بشكل خاص هو الرغبة في طرد ليبرمان من وزارة الدفاع. وبنظرة إلى الوراء لا يمكن أن يكون هناك اختيار أفضل لهذا المنصب. التشريع العنصري والشبكات الاجتماعية التي تنشر انفعالات العقل وأوردة القلب برائحة عنصرية، رئيس الحكومة الذي يكذب بكل وقاحة على رئيس الولايات المتحدة ويزعم أنه يرغب في السلام، قضية الجندي مطلق النار على مخرب يصارع على حياته، الذي تحول إلى بطل قومي، اعتبار العرب من مواطني اسرائيل أعداءً للشعب، المستشارون القضائيون الذين مهدوا الطريق لليبرمان إلى خارج المحكمة ـ كل ذلك شكّل المقدمة للنتيجة السياسية من خلال جلوس ليبرمان في وزارة الدفاع. بدون ليبرمان، الصورة الدورية لهذه الحكومة ستكون ناقصة وغير طبيعية وغير منطقية. حكومة كهذه لم تعد بحاجة إلى ورقة التين لتغطية عورتها في العالم، وهي تتفاخر بعجزها.

إن ليبرمان لا يفهم بالامن وهو فاسد ويمثل وسط واحد وهو فاشي وعنصري. وتعيينه أمرا مخجلا. بدونه كان معسكرنا سيبقى طاهرا. لكن ليبرمان لم يولد من البحر. وزير كهذا لا يناسب فقط حكومة كهذه، بل يلائم مثل قفاز للاجواء في الدولة. إنه تدفيع الثمن المعلق على عنق المجتمع الذي تبنى هذه الطريقة. هذا مجتمع يصمت في الوقت الذي يتم فيه طرد أو إسكات قوى الكبح مثل موشيه يعلون وقيادة الجيش، الاصوات الليبرالية في الكنيست تؤثر بالضبط مثل الاصلاحيين في البرلمان الإيراني و»القائد الاعلى» يستمر في وضع برنامج العمل اليومي السياسي والعسكري والثقافي.

إن خطأ معارضي تعيين ليبرمان هو أنهم يتبنون الخدعة وكأنه بدون ليبرمان، الحياة هي مثل جنة عدن أو العسل على الاقل. فقط لو أنه لم يُعين في هذه الوزارة الهامة، لكانت الحكومة ستكون انسانية ومعتدلة وتتبنى المباديء وأيديها نظيفة، وكانت ستكون حكومة يمكن العيش معها بسلام وصنع السلام معها.

فجأة تحول بينيت إلى المُخلص الذي تم تعليق الآمال عليه للحظة لتفكيك الحكومة. «اخرج يا كحلون»، جاء في المقالة الافتتاحية للصحيفة في 30/5 وكأن كحلون هو نموذج الليبرالية، فقط لأنه أقسم بأن يدافع عن محكمة العدل العليا. إنه نفس كحلون الذي يجلس إلى جانب جدار الدفاع عن المحكمة العليا، وهي الوزيرة اييلت شكيد.

مثل الغارق في الوحل الذي اعتاد على رائحة السكوت وجلسته. لأنه يعرف أنه محظور عليه القيام بأي حركة زائدة، وخشي معارضو التعيين من الصخرة الثقيلة التي سقطت عليهم وأغرقتهم حتى الفك في الوحل. إذا كان ليبرمان هو الاسوأ، فأين احتجاج الجمهور الذي كان من المفروض أن يملأ الميادين ويطالب بطرده؟ ألا يساوي على الاقل مظاهرة كوتج واحدة؟ أو اعلان متوسط من جنود الاحتياط أو أولياء أمور يخشون من ارسال أبنائهم إلى الجيش؟.

هذا الصمت هو التهديد الحقيقي، وهو شرط ضروري لنشوء أورام ليبرمانية. والاسوأ منه ينتظرون دورهم في هذه الدفيئة الصامتة.

هآرتس     

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى