لحظة قبل رمضان: اليكس فيشمان
في الاستعراضات الاولى التي سيتلقاها وزير الدفاع الوافد، افيغدور ليبرمان، سيسمع عن عملية انتحارية لفلسطيني نجحت مؤخرا، بعد عقد من الزمان لم نشهد فيه عمليات انتحارية. ومع أن جهاز المخابرات اعتقل على مدى السنين، وفي موجة السكاكين الاخيرة ايضا، شبكات تنظيمية لتنفيذ عمليات انتحارية (هذه السنة فقط احبط اكثر من عشر عمليات كهذه)، إلا انه في 18 نيسان تلقينا تذكيرا اليما في شكل عملية على نمط الانتفاضة الثانية في باص في القدس. ووقع للمخرب الانتحاري خلل في جهاز تفعيل العبوة، وهكذا مُنع قتل جماعي ـ ولكن من ناحية محافل الأمن فان هذه عملية ناجحة.
ما يقلق أذرع الأمن هو حقيقة أن هذه العملية خططتها ونفذتها شبكة تنظيم محلية. فالمخربون الستة، بعضهم قاصرون، ممن وقفوا خلفها واعتقلوا في بيت لحم، لم يكونوا ينتمون إلى منظمات الإرهاب المؤطرة. ومع انه كان بينهم سجينان سابقان، ولكن الاربعة الاخرين كانوا غير معروفين على الاطلاق لقوات الامن. يحتمل أن يكون هذا حدثا لمرة واحدة، ولكن بنفس القدر قد يكون هذا حدثا تأسيسيا، فهذه العصبة تأتي إلى هذا الحد أو ذاك من ذات الخلفية التي جاء منها الكثير من ضاربي السكاكين. فهل هم الطليعة التي تنذر بتغيير في شكل المواجهة في الضفة؟
كشف جهاز المخابرات هذا الاسبوع النقاب عن حل لغز العملية، ولكن الحدث مر من تحت الرادار العام بسبب الدراما السياسية التي احتلت العناوين الرئيسة. فالهدوء النسبي في المناطق يخدر الاحاسيس، ليس فقط لدى الجمهور بل واساسا لدى القيادة السياسية التي تتباهى بهالة النصر كمن قمعت زعما موجة الإرهاب الحالية. ولكن المعطيات التي تشير إلى انخفاض في حجم العمليات، لا تروي كل القصة. هذه فترة انتقالية، بين موجة إرهابية واحدة واخرى. إذ أنه لم تحل أي مشكلة من المشاكل التي أدت إلى اندلاع الموجة الاخيرة.
في جهاز الأمن يعطون الفترة الحالية في المناطق العنوان غير الرسمي «الحرب الوهمية» ـ وهو تعبير مأخوذ من الايام الاولى من الحرب العالمية الثانية والتي تتناول الفترة التي بين احتلال بولندا في ايلول 1939 والغزو الالمانية لبلدان الساحل في ايار 1940. ومع أن الدول أعلنت الحرب الواحدة على الاخرى، إلا ان الجيوش بقيت بلا حراك وانتظرت التطورات. ودعا تشرتشل هذه الفترة باسم «الحرب الصامتة»، وهو عنوان مناسب اكثر لما يجري عندنا، إذ أنه يعبر عن الفترة التي بين انفجار وآخر.
لا شك أن حرب الاستنزاف في الاشهر الاخيرة بين اذرع الأمن في اسرائيل والشارع الفلسطيني خلق في الجانب الفلسطيني احساسا من الاحباط، انعدام الجدوى والتعب. كما كان للسلطة الفلسطينية، باجهزتها الامنية، مصلحة في لجم الاشتعال. فعلى أي حال شارعهم هائج: المظاهرات الجماهيرية في موضوع الضمان الاجتماعي، أزمة المعلمين تتراوح بين اضراب واضراب وخوف هائل من الفوضى التي قد تستغلها محافل المعارضة مثل حماس وغيرها. ولكن ما غذا الانفجارات الاخيرة كان ولا يزال الشاب الفلسطيني الذي ليس له أي التزام للمؤسسة الرسمية. كل مواد الاشتعال لاستئناف موجة الإرهاب توجد في الميدان.
في الاسبوع القادم يبدأ شهر رمضان، مع كل الحماسة الدينية والوطنية التي تشعل إوارها محطات البث العربية. وتنتقل الحياة من النهار إلى الليل، حيث يتجول الشباب في الشارع بحثا عن مجال لتنفيس احباطهم.
ومعقول الافتراض انه في تقييم الوضع الذي سيسمعه ليبرمان يوم الخميس، سيتلقى تقريرا عن الاستعدادات لرمضان.
وسيتعين عليه ان يتخذ قرارات تبدو عادية: تقييد الحركة، تعزيز القوات، نعم أم لا للسماح للشباب بالمجيء للصلاة في الحرم وما شابه. وكل قرار كهذا من شأنه ان يشعل الارض. وهنا لن تكفي الايديولوجيا او الفهم السياسي: هنا توجد حاجة للاستماع إلى رجال المهنة. هذا سيكون اختبار ليبرمان الاول: فهل سيعرف كيف ينصت حتى لو كان تدهور في الميدان أم سيصدر تعليمات اساسها «أنا هنا».
يديعوت