شؤون لبنانية

برّي: الإنتخابات البلدية ترجح كفة النسبية

أكد الرئيس نبيه بري لـ «السفير» أن العملية الانتخابية كانت ناجحة بالمعايير التنظيمية والإجرائية، مكرراً أن الانتخابات النيابية المقبلة حتمية ولن يكون هناك أي تمديد آخر للمجلس، «علما أنني في الأساس لم أكن أحبذ التمديد السابق، ولكنني اضطررت، انطلاقاً من اعتبارات ميثاقية، الى مراعاة موقف الرئيس سعد الحريري آنذاك».

وإذا كان بري مرتاحاً لإتمام الانتخابات البلدية، إلا أن ذلك لم يمنعه من التوقف ملياً عند دلالات بعض نتائجها، قائلا: علينا أن ندقق جيدا في العديد من المؤشرات التي عكستها صناديق الاقتراع في أماكن عدة.. إن جزءا من النتائج هو رد فعل عفوي من قبل الناس على سلوك الطبقة السياسية، وما أفرزه من أزمات، ويكفي أن رئيس الحكومة نفسه اعتبر أن حكومته هي الأفسد والأفشل.

ويضيف بري: لا تستخفوا بالآثار التي ترتبت على فضيحة النفايات خلال قرابة عشرة أشهر، وحتى لو أنها أزيلت من الشوارع، إلا أن الرائحة الكريهة لهذه الفضيحة لا تزال تعم الشارع اللبناني، ولا تستهينوا أيضا بأزمة المؤسسات الدستورية، من غياب رئيس الجمهورية الى تخبط الحكومة مروراً بتعطيل عمل السلطة التشريعية.

ويؤكد بري أن هناك تغييراً في المزاج الشعبي ينبغي رصده والتقاطه، «والذي لا يلمس هذا التغيير يكون إما أعمى وإما أغشى».

ويشدد على أن الأحزاب مطالبة بمراجعة حساباتها والدولة مدعوة الى مراجعة سياساتها، مع ما يتطلبه ذلك من شجاعة ومسؤولية في مواجهة الحقائق، بدل الاستمرار في الهروب الى الأمام.

وما يخشاه بري أن تندفع بعض القوى السياسية، في أعقاب الانتخابات البلدية، نحو المزيد من السلبية والتشدد في التعاطي مع صيغة النسبية، ربطاً بحسابات ومصالح خاصة، «مع العلم أنني مقتنع أكثر من أي وقت مضى بجدوى النظام النسبي الذي يترجم حقيقة الأحجام ويحقق عدالة التمثيل الشعبي وصحته».

وفي هذا الإطار، يؤكد بري أن السباق مع الوقت لا يسمح بمزيد من المراوحة في مناقشة قانون الانتخاب، لافتا الانتباه الى أن مجريات الاستحقاق البلدي ينبغي أن تعزز الدفع باتجاه إقرار خيار النسبية، بعدما ثبت أنه ليس هناك من فريق يستطيع وحده أن يحتكر الطائفة.

ولا يخفي بري قلقه على خطاب الاعتدال في لبنان، استنادا الى حصيلة الانتخابات البلدية في بعض المناطق، معرباً عن حرصه الشديد على حماية التوازن الميثاقي والوطني، معتبرا ان اختلاله في بلدية طرابلس أمر مؤسف، «وقد بذلت جهدا كبيرا لتهدئة خواطر المتضررين مما حصل، واحتواء غضبهم».

ويروي بري تجربة شخصية في مجال تثبيت معادلة الشراكة والتعايش في الجنوب، موضحا أن فرز صناديق الاقتراع في إحدى البلدات الجنوبية المختلطة أظهر رسوب خوري البلدة الذي كان مرشحاً الى المخترة، وحلول شيعي مكانه، ما أزعجني كثيراً.

ويضيف: حاولنا إصلاح الموقف واستفسرنا من وزارة الداخلية عما إذا كانت استقالة المختار الشيعي الفائز تسمح قانوناً للخوري بأن يملأ الشغور تلقائيا أو تفسح المجال أمام الدعوة الى إجراء انتخاب فرعي على أن نؤمن فوزه بالتزكية، لكن الرد أتى سلبيا، فقررنا اعتماد صيغة أخرى محصنة بالقانون الذي تبين أنه يسمح لرئيس البلدية بأن يدعو أي شخص يرتئيه الى حضور اجتماعاتها من أجل الاستئناس بآرائه، وعليه بات الخوري بمثابة عضو فخري في المجلس البلدي لتلك البلدة، «وقد أوصيت رئيس البلدية بالتعاون معه الى أقصى الحدود وإيلاء العناية للمناسبات والمشاريع التي تهمه، وبهذا المعنى فإن دوره أصبح أشد تأثيرا مما كان سيصبح عليه لو انتخب مختارا».

ويلفت بري الانتباه الى أنه كان حريصا أيضا على تكريس التمثيل المسيحي على مستويي البلدية والمخترة في تبنين، وكذلك الأمر في كل منطقة جنوبية تضم وجودا مسيحيا، بمعزل عن حجمه العددي، استنادا الى ثابتة العيش المشترك التي تبقى فوق كل اعتبار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى