اليمن: حتمية التوصل إلى اتفاق حميدي العبدالله
عكست مفاوضات الكويت بين الأطراف اليمنية، وبرعاية مباشرة من أمير الكويت، مساراً مختلفاً عن مسار المفاوضات والحوارات بشأن الأزمة السورية، وعلى الرغم من أنّ الاهتمام الدولي والإقليمي بالشأن السوري هو أعلى منه بالشأن اليمني، إلا أنّ الملاحظ أنّ مسار البحث عن حلّ سياسي للأزمة في سورية قد تعثر على الرغم من التعاون «الفريد» القائم بين روسيا والولايات المتحدة في ظلّ تدهور علاقاتهما الثنائية في ملفات دولية أخرى، في حين أنّ ثمة إصراراً كويتياً على إنجاح المسار السياسي اليمني.
لا شك أنّ ثمة أسباب هي التي حدّدت المسارين المختلفين للحوار والمفاوضات في اليمن وسورية. في سورية لا يبدو أنّ الأطراف الإقليمية والدولية ناضجة للتوصل إلى تسوية في سورية، أما الأطراف المحلية، فبعضها الأكثر قوة وتأثيراً، مثل داعش وجبهة النصرة، غير مشمولة بالتسوية، وبالتالي بالحوار والمفاوضات.
لكن في اليمن الوضع يختلف جذرياً عن الوضع في سورية في أكثر من ناحية.
أولاً، الأطراف المحلية واضحة ومحددة، وعلى الرغم من دخول تنظيم القاعدة وداعش كطرف ثالث، إلا أنّ تأثيرهما ما زال محدوداً، ويمكن القول إنّ القوى والأطراف المتصارعة في اليمن، هي القوات المؤيدة للرئيس عبد ربه منصور هادي المطعون بشرعيته من قبل حركة أنصار الله والمؤتمر الشعبي اليمني، ولكن المعترف به عربياً ودولياً، وبين الجيش اليمني واللجان الشعبية التي تأتمر بأوامر حركة أنصار الله والمؤتمر الشعبي، والأطراف اليمنية باتت على قناعة باستحالة الحسم العسكري من قبل أيّ طرف والسيطرة على كلّ اليمن، ولهذا أصبحت هذه الأطراف معنية بالبحث عن تسوية تلبّي مصالح جميع الأطراف الرئيسية.
ثانياً، الحرب اليمنية باتت مكلفة بشرياً ومالياً، وهي عبء على الأطراف المشاركة في هذه الحرب. فالأوضاع الاقتصادية والمعيشية الصعبة تجعل حركة أنصار الله والمؤتمر الشعبي أكثر استعداداً للبحث عن حلول على قاعدة اقتسام السلطة مع خصومهم، وأنصار الرئيس عبد ربه منصور هادي أيضاً، تراودهم مثل هذه القناعات، أما دول المنطقة التي تشارك في الحرب اليمنية، ولا سيما المملكة العربية السعودية التي تتحمّل العبء الأكبر مالياً، فهي في وضع اقتصادي في ظلّ انخفاض أسعار النفط لا يؤهّلها، أو يجعل في غير مصلحتها استمرار الحرب فترة طويلة مع ما يترتب عليها من استنزاف.
هذه هي الأسباب التي جعلت مسار الحوار والتفاوض بين اليمنييّن في الكويت مختلفاً عن مسار جنيف بالنسبة للسوريين.
(البناء)