صمود الأسد وغصة الفاشلين
غالب قنديل
يواصل جون كيري اللف والدوران في حركته الدبلوماسية تحت العنوان السوري ومع مناوراته الخبيثة التي سرعان ما يفضحها نظيره الروسي سيرغي لافروف فيرد عليها بقسوة احيانا واحيانا اخرى بدهاء وذكاء فيصدر الرفض بلغة القبول كأنما تقول موسكو لواشنطن : “من بضاعتكم نبيعكم “.
يتلعثم جون كيري منذ ثلاث سنوات بعد تراجع رئيسه عن قرار غزو الجمهورية العربية السورية في إخراج الرضوخ الأميركي لحقيقة الفشل في النيل من الرئيس الوحيد في العالم الذي وقف ضد احتلال العراق والزعيم الوحيد في العالم الذي رد الجنرال كولن باول بخفي حنين فاشلا محبطا عندما تخيل الوحش الإمبراطوري أنه باحتلال بغداد يمكن ان يركع دمشق وهو الرئيس العربي الوحيد الذي ماهان التزامه بقضية فلسطين ولا ضعف إيمانه بالمقاومة ولا اهتز دعمه لها وهو الرئيس العربي الوحيد الذي رفض المساومة على حقوق الشعب الفلسطيني وعلى أرض بلاده المحتلة فتشدد في رفض التنازل عن حبة تراب واحدة من الجولان رغم الترغيب والترهيب وعبر عن مشيئة شعبه القاطعة بعدم الاعتراف بالكيان الصهيوني وبرفض الطاعون المسمى تطبيعا تهرول إليه حكومات ودول عربية عديدة سرا وعلانية وبالأمر الأميركي .
مثل وزير خارجيته يخشى باراك اوباما الاعتراف بذلك الفشل وبتلك الهزيمة المدوية وهو الذي ظل يردد ليل نهار عبارات سمجة صاغتها هيلاري كلينتون وفيكتوريا نولاند في وزارة الخارجية بالشراكة مع ديفيد بيترايوس رئيس المخابرات المركزية الذي قاد بنفسه غرف عمليات العدوان من تركيا والأردن ولبنان. حقيقة الخوف من الهزيمة أمام الأسد أقر بها أوباما لجيفري غولدبرغ في حوارهما الطويل وفسر بها التراجع عن الغزو العسكري وسحب قطع الأسطول عندما ادرك مع قادة الجيوش في البنتاغون ان أي ضربة عسكرية أميركية لن تستطيع تدمير الجيش العربي السوري الذي ظهرت صلابته وقوته في مجابهة العصبات التكفيرية وجيوش المرتزقة التي حشدت من ثمانين بلدا “وستبقى بقيادة الأسد وحدات كافية لإعلان النصر” على الولايات المتحدة كما ورد في نصوص “عقيدة اوباما “.
جيفري فيلتمان هو الآخر يخشى من انكسار هيبة الرئيس الأميركي إذا اعترف بالخسارة امام الأسد وهذا ماسبق ان صرح به في الكواليس غير مرة وربما هو من نصح إدارته بالاستعانة بكذبة مكافحة الإرهاب للالتفاف على الهزيمة ولاستحداث مواقع حضور وتدخل داخل سورية.
لثلاث سنوات متواصلة ظل فيلتمان يعد أصدقاءه في لبنان بإسقاط الأسد ويضرب المواعيد لهم تباعا وبالنهاية تعب وليد جنبلاط وسعد الحريري وسمير جعجع من الانتظار واللهاث خلف أسابيع “جيف ” المتزحلقة بينما استوعب أمين الجميل بخبرته المخضرمة حقيقة الأمر فتمايز بينما المتورطون لم يبدلوا كثيرا في مواقفهم العدائية اتجاه سورية لكن اليأس يجتاحهم ومعه القلق الكبير من نهوض سورية مجددا إلى دورها القومي وما سيفرضه من توازنات وهم يخشون انتصار خيار نصرالله في التعامل مع وحش التكفير الذي شاركوا في دعمه وتغطيته من لبنان بكل ما استطاعوا وأقاموا قنوات على ضفاف الحرب ضخت لهم اموالا وفيرة من موارد الدعم السعودي الخليجي للحملات الإعلامية المعادية للأسد وللدولة الوطنية السورية ولزرع فصائل القاعدة وفروعها قرب الحدود اللبنانية كما يظن البعض أنهم جمعوا الكثير من مساعدات النازحين السوريين عبر جمعيات الزوجات والمحاسيب وتحت عناوين الإغاثة المقتبسة من أفغانستان بخبرة بندر بن سلطان وإمارة قطر.
سر صمود الأسد وصلابته المتجذرة هو وعيه التاريخي وثبات غالبية شعبية متزايدة الاتساع من السوريين تؤمن به قائدا وزعيما استقلاليا ورمزا لمشروع دولة حديثة قوية وفاعلة وقائدا للجيش الذي يخوض معارك الدفاع الوجودي ويقدم التضحيات الجلى في سبيل الوطن.
يدرك السوريون ان الرئيس بشار الأسد هو ضمانة قوية لوحدة الأرض والشعب وللدولة المدنية في مجابهة التوحش والإرهاب والفوضى وهو رمز الاستقلال والمقاومة في وجه الهيمنة الاستعمارية وقد باتت غالبية السوريين المقيمين والنازحين داخل البلاد وخارجها مدركة لحجم الكذب والتضليل الذي صب على عيونهم وعقولهم وجميع الدروب تقودهم إلى اعتبار الدولة الوطنية بقيادة الرئيس بشارالأسد ملاذهم الوحيد من البربرية والموت ومن المشاريع الاستعمارية التي تستهدف سورية واستقلالها وبنيانها الاقتصادي ودورها الحضاري والقومي ومعظم السوريين الذي تورطوا بتصديق كذبة الثورة يتمنون اليوم لو يرجع الزمن إلى أيام الاستقرار والعيش الطبيعي في ظل الدولة بكل عيوبها بعد ذلك الويل الذي ذاقوه في طواحين الدم والاقتلاع الجماعي على يد “ثوار” الغفلة الأميركية وخليطهم الأجنبي المميت وقد فضحوا خرافة التبشير السعودي والقطري والعثماني بالديمقراطية.
الرئيس بشار الأسد بصموده مع شعبه بات عنوانا لخيبة حلف العدوان بكباره و”صغاره” وانتصار سورية العربية المقاومة سيكون كأسا مرة وصفعة مدوية لكثيرين ممن سترتج عقولهم وتهتز عروشهم بالنتيجة ورغم محاولات الرئيس فلاديمير بوتين والوزير سيرغي لافروف لمساعدتهم على تقبل الواقع والرضوخ لقواعده القاهرة فهم في سكرات الهذيان يرددون اسم ذلك العدو القاهر الذي استهلكوا الحيل في التآمر عليه.